رئيس مركز دندرة الثقافي: هناك محاولات لطمس الهوية الإنسانية

قال الأمير هاشم الدندراوي رئيس مركز دندرة الثقافي وعميد الأسرة الدندراوية في قنا، خلال افتتاحه منتدي دندرة الثقافي، اليوم السبت، إن هناك مُحَاوَلَةٍ لِطَمْسِ الْهُوِيَّةِ الْإِنْسَانِيَّةِ لِحِسَابِ هُوِيَّةٍ رَقْمِيَّةٍ مًقْتَلَعَةِ الْجُذُوْرِ، هَائِمَةٍ فِي فَضَاءِ الْعَدَدِ لَا التَّعَدُّدِ، فَضَاءٍ افْتِرَاضِيٍّ يَخْضَعُ لِمَشِيْئَةِ الْمُمْسِكِ بِأَسْبَابِ التَّطَوُّرِ التِّقْنِيِّ؛ لِيَخْتَارَ لَنَا مَا نَسْتَقْبِلُهُ مِنْ خِلَالِ الشَّبَكَةِ وَتَطْبِيْقَاتِهَا، حَتَّى يَصُوغَ لَنَا رُؤْيَتَنَا وَيُشَكِّلَ آرَاءَنَا تِجَاهَ قَضَايَا قَدْ تَكُونُ مِحْوَرِيَّةً لِلذَّاتِ وَالْمُجْتَمَعِ، بَلْ لِلْكَوْنِ مِنْ حَوْلِنَا.
وتابع: هَذا وَاقِعٌ مَأْزُومٌ يَحْتَاجُ إِلَى عَقْلٍ يَقِظٍ مُحَرَّرٍ مِنْ أَصْفَادِ التَّغْيِيْبِ، أَوْ التَّغَيُّبِ، عَقْلٍ وَاعٍ يُدْرِكُ الْوَاقِعَ وَالْحَقَائِقَ وَالْأَشْيَاءَ إِدْرَاكًا يَفْتَحُ الْبَابَ لِمَعْرِفَةٍ تَسْمَحُ لَنَا بِفَهْمِ التَّارِيْخِ وَقِرَاءَةِ مُجْرَيَاتِ أَحْدَاثِ الْحَاضِرِ.
إِنَّ الْوَعْيَ سِمَةُ الْإِنْسَانِ الْعَاقِلِ الَّذِي كَلَّفَهُ اللهُ عِمَارَةَ الْأَرْضِ وَالسَّعْيَ فِيْهَا، فَالْوَعِيُ فِي اللُّغَةُ هُوَ جَمْعُ الشَّيْءِ وَإِدْرَاكُهُ عَلَى حَقِيْقَتِهِ.
وَأَيُّ شَيْءٍ أَوْلَى بِالْوَعْيِ وَالْإِدْرَاكِ مِنْ ذَاتِ الْإِنْسَانِ؟!! فَمُنْطَلَقَاتُ إِدْرَاكِنَا بِمَا حَوْلَنَا تَبْدَأُ بِإِدْرَاكِنَا لِذَوَاتِنَا.
سؤال الهوية:
وطرح هاشم، سؤالًا .. أننا نَحْتَاجُ إِلَى وَقْفَةٍ، وَقْفَةٍ يَقِفُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا مَهْمَا تَقَدَّمَ بِهِ الْعُمْرُ يَسْأَلُ نَفْسَهُ سُؤَالَ الْهُوِيَّةِ.. مَنْ أَنَا؟
وأضاف هذا سُؤَالٌ لَا أَطْرَحُهُ فِي سِيَاقٍ فَلْسَفِيٍّ، وَلَكِنْ فِي إِطَارٍ مَعْرِفِيٍّ، سُؤَالٌ قَلَّمَا يَطْرَحُهُ الْوَاحِدُ مِنَّا عَلَى نَفْسِهِ؛ لِانْشِغَالِنَا بِالآخَرِ وَبِنَظْرَةِ الآخَرِ لَنَا، تِلْكَ الانْشِغَالَةُ الَّتِي تَدْفَعُنَا فِي كَثِيْرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ إِلَى إِظْهَارِ صُوْرَةٍ لِذَاتٍ تَتَجَمَّلُ، صُوْرَةٍ فِي كَثِيْرٍ مِنَ الْأَحْيَانِ تَكُونُ مُغًايِرَةً لِلْحَقِيْقَةِ.
واستكمل: لِلْإِجَابَةِ عَلَى هَذَا السُّؤَالِ، وَفِي رِحْلَةِ مَعْرِفَةِ الذَّاتِ، يَحْتَاجُ كُلُّ سَائِرٍ إِلَى مَعَالِمِ طَرِيقٍ وَاضِحَةٍ يَقِفُ عِنْدَ كُلِّ مَعْلَمٍ فِيْهَا؛ لِيَقِيْسَ الْمَسَافَةَ بَيْنَ مَكْنُونِ ذَاتِهِ، وَبَيْنَ سَطْحِيَّةِ الصُّوْرَةِ الَّتِي تَشَكَّلَتْ مَعَ الْوَقْتِ، وَمِنْ الْمَعَالِمِ مِا هُوَ مُسْتَقِلٌّ وَخَاصٌّ، كَالطَّبْعِ، وَالْخِصَالِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُشْتَرَكٌ، وَمُشَكِّلٌ لِلْهُوِيَّةِ، كَالثَّقَافَةِ، وَالْمَنْظُوْمَةِ الْقِيَمِيَّةِ وَالْأَخْلَاقِيَّةِ، وَالتَّارِيْخِ، وَغَيْرِهَا.
وأوضح رئيس منتدي دندرة الثقافي، إِنَّ الْوَعْيَ بِاسْتِقْلَالِيَّةِ الذَّاتِ، وَوُجُوبِ رُسُوْخِ هُوِيَّتِهَا، لَا يَتَعَارَضُ مَعَ الْإِدْرَاكِ بِأَنَّهَا تَعِيْشُ ضِمْنَ مِسَاحَةِ الْمُشْتَرَكِ الْإِنْسَانِيِّ، وَمَسْؤُوْلَةٌ عَنْ الْوَعْيِ بِالْآخَرِ وَمَعْرِفَتِهِ لِفَهْمِهِ كَمُقَدِّمَةٍ لِحُسْنِ التَّوَاصُلِ مَعَهُ.
مَعَارِفُ كَثِيْرَةٌ لَا يَصِلُ إِلَيْهَا الْعَقْلُ إِلَّا مِنْ خِلَالِ وَعْيِ الْإِدْرَاكِ، مَعَارِفُ وَأَسْئِلَةٌ لَا يَسَعُ الْإِجَابَةَ عَلَيْهَا مُنْتَدَىً فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَلَكِنَّهَا الْبِدَايَةُ، بِدَايَةُ حِوَارٍ بَنَّاءٍ تُشَارِكُ فِيْهِ عُقُوْلٌ رَصِيْنَةٌ، وَذَوَاتٌ وَاعِيَةٌ، مِنْ خِلَالِ جَلَسَاتِ هَذَا الْيَوْمِ.
اختتم كلمته: وَمَهْمَا اخْتَلَفَتْ رُؤَانَا أَوْ تَخَالَفَتْ آرَاؤُنَا، عَلَيْنَا أَنْ نَسِيْرَ عَلَى دَرْبٍ يَصِلُ بِنَا إِلَى أَرْضِ فَضَاءٍ فِكْرِيٍّ جَامِعٍ، يَسْتَوْعِبُ الْآرَاءَ جَمِيْعَهَا .. لِنَغْرِسَ سَوِيًّا فَسَائِلَ مَعَارِفَ وَمُدْرَكَاتٍ لَازِمَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا؛ حَتَّى يَعْمَلَ لِذَاتِهِ وَبِذَاتِهِ فِي نَشْرِ الْوَعْيِ الْجَمْعِيِّ؛ لِيَكُوْنَ لَنَا حُضُوْرٌ فَاعِلٌ فِي تَشْكِيْلِ حَاضِرِنَا وَصِيَاغَةِ مُسْتَقْبَلِ أَجْيَالِنَا الْقَادِمَةِ.