خطوات الزهد لتطهير القلب والوصول لرضا الله.. جمعة يوضح

الزهد هو إحدى القيم الروحية التي يحث عليها الإسلام، وهو سلوك يعبر عن التعلق بالآخرة والتخفف من الدنيا دون التقصير في واجباتها.
وفي تفسير عميق لمعاني الزهد، أوضح الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، رؤية الإمام أحمد بن حنبل حول هذا المفهوم.
الخطوة الأولى: ترك الحرام
يرى الإمام أحمد أن الزهد يبدأ بترك الحرام، فهو الأساس الذي يربط قلب العبد بربه.
الزهد، كما قال أهل الله، هو "سفر القلب من الدنيا إلى الآخرة"، وهو ما يتحقق عندما ينشغل القلب بدار الآخرة ويبتعد عن محبة الدنيا.
وقد أكد الإمام أحمد أن تعليم الزهد للأبناء يبدأ بأن يتحلى الوالد نفسه بهذا السلوك، حيث قال: "إذا أردت أن تعلم ولدك الزهد، فعلمه أولًا ترك الحرام".
فالحلال ينير القلب، ويبعد عنه ظلمة الذنوب، كما أن كل جسد نبت من الحرام مصيره النار.
الخطوة الثانية: ترك الفضول من الحلال
المرحلة التالية في طريق الزهد هي ترك الفضول من الحلال، وهو الامتناع عن المبالغة في طلب ما زاد عن الحاجة حتى وإن كان حلالًا.
وقد استند الإمام أحمد إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه».
وأشار جمعة إلى أن السلف الصالح كانوا يكتفون بنوع واحد من الطعام كوسيلة للتدريب على الزهد، ليتحرر الإنسان من التعلق بمتع الدنيا الفانية.
الخطوة الثالثة: ترك كل شيء سوى الله
الخطوة الأخيرة هي الوصول إلى مقام التوكل الكامل على الله عز وجل، حيث لا يعتمد العبد إلا عليه سبحانه وتعالى، ويسعى لمرضاته وحده.
وقد وصفها الإمام أحمد بـ"نظارة المحبة"، بمعنى أن تكون جميع أفعال العبد خالصة لله، مستندًا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أجملوا في الطلب».
الزهد: طريق إلى القرب من الله
يُظهر هذا المنهج الذي قدمه الإمام أحمد أن الزهد ليس مجرد الامتناع عن الماديات، بل هو سلوك قلبي وروحي يبدأ بترك الحرام، ثم الاقتصاد في المباحات، وينتهي بالاعتماد الكامل على الله تعالى.
وفي ختام حديثه، أشار الدكتور علي جمعة إلى أن هذه الخطوات ليست مجرد أعمال ظاهرية، بل هي طريق لتطهير القلب، ووسيلة للوصول إلى رضا الله سبحانه وتعالى، وهو الغاية العظمى لكل مسلم.