بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

يا خبر

للأسف لن تتوقف حرب غزة


رغم كل ما يقال و يكتب عن أن إسرائيل وحماس تقتربان من التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب المستمرة منذ 14 شهرًا  تقريبًا في غزة، و رغم الجهود المقدرة للوسطاء في الأسابيع الأخيرة لاستئناف المفاوضات بعد أشهر من الجمود، ورغم إشارات التحولات أو على الأقل المرونة في المواقف بنسب معينة من كل طرف لإنجاز اتفاق؛ رغم كل هذا أعود وأكرر أنني لست متفائلا لإنجاز اتفاق في المدى القريب، وعندي في ذلك أسبابي التي أراها منطقية وكلها تخص الجانب الإسرائيلي وتحديدا شخص بنيامين نتنياهو الذي يريد حربا بلا نهاية في غزة، انطلاقا من مصالحه الخاصة، فاستمرار الحرب، يخدم بقاءه السياسي، فهو  يريد التهرب من المخاطر الثلاثة التي تهدد حكمه: "الانتخابات المبكرة، وتشكيل لجنة تحقيق بإخفاقات هجوم 7 أكتوبر، و محاكمته الجنائية، وعليه فمن الصعب أن نصدق أن الحرب ستنتهي ما دام هو من يتخذ القرارات.


الحرب في غزة تثير الأسئلة المعقدة حول الاحتلال طويل الأمد، فنتنياهو يدير حربا بلا أهداف واضحة و يريد تمديدها من أجل خلق مناخ شبيه بالحرب والتيار المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية يستغل الوضع لدفع أجندة الاستيطان والسيطرة الكاملة على قطاع غزة، اللواء يعقوب عميدرور، أحد أقرب مستشاري نتنياهو، قال صراحة في مقابلة مع قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية قبل نحو شهر تقريبا، إنه لا يمكن تنفيذ صفقة الأسرى لأنها تسمح لحماس بمواصلة الحكم بغزة، وبالتالي ستحافظ إسرائيل على وجودها في القطاع حتى بعد انتهاء الحرب.
ورغم ما نقل عن أن هناك تنازلا من جانب حماس و أنها مستعدة لإبداء المزيد من المرونة بشأن توقيت انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة بما يعزز فرص التوصل إلى اتفاق لكن هذا مشروط بعدم فرض إسرائيل شروطا جديدة, وهذا طبعا غير مضمون، ففي كل مرة نقول فيها أننا أقرب من أي وقت مضى لحدوث اتفاق، يعود نتنياهو ليقلب الطاولة و يعيدنا إلى نقطة الصفر، وفي المشهد الحالي، بعد مفاوضات الدوحة بحضور رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز لا تزال هناك تفاصيل أساسية بحاجة إلى الحل، لذلك استخدمت الولايات المتحدة على لسان جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض في مقابلة مع قناة فوكس نيوز مصطلح "التفاؤل الحذر "مستندا إلى جملة "كنا في هذا الموقف من قبل ولم نتمكن من الوصول إلى خط النهاية"!!،  و في رأيي أن السبب في كل مرة هو نتنياهو. 


قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، الثلاثاء الماضي، إن بلاده تعتزم الحفاظ على السيطرة الأمنية في قطاع غزة حتى بعد وقف إطلاق النار،  وتحدث مسؤولون إسرائيليون آخرون عن احتفاظ الجيش الإسرائيلي بمنطقة عازلة داخل القطاع ويعني ذلك أنه بعد تفكيك القدرات العسكرية والإدارية لحركة حماس، سيحتفظ الجيش الإسرائيلي بحرية التصرف الكاملة،  على غرار الوضع في الضفة الغربية، وذلك بحسب ما نشره كاتس على منصة "إكس" ، مضيفا: "لن نسمح بالعودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر 2023.


يبقى أن نسأل هل يلبي نتنياهو رغبة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي صرح في أكثر من مناسبة أنه يريد من إسرائيل إنهاء الحرب في غزة بحلول الوقت الذي يعود فيه إلى منصبه؟، لكن و بحسب مصادر أمريكية و استنادا إلى شخصية دونالد ترامب المتقلبة فإن الرئيس الأمريكي المنتخب في نفس الوقت لم يكن محددا في مناشدته لنتنياهو وقد يدعم مزيدا من النشاط للجيش الإسرائيلي في غزة، طالما انتهت الحرب رسميا, ومن ثم ففوز  دونالد ترامب يخدم مصالح نتنياهو، ويبدو أنه سيكون من الممكن لنتنياهو المضي قدما في مخططه نحو أهداف أكثر طموحا مثل احتلال دائم لأجزاء من قطاع غزة، وإعادة بناء المستوطنات بالقطاع، وربما ضم الضفة الغربية،  ولمَ لا ، فبدعم أميركي ارتكبت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت عشرات الآلاف من القتلى و الجرحي من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة.


 دونالد ترامب نفسه  أكد علنا أنه أخبر نتنياهو أنه يريد أن تفوز إسرائيل بالحرب بسرعة، وهذا يدفعنا إلى السؤال ما هو شكل الفوز الذي يتصوره ترامب لإسرائيل في غزة؟ فإذا كانت إسرائيل قد قتلت أبرز قادة حماس و دمرت البنية التحتية للقطاع و حولته إلى مكان مهجور؛ ماذا يتبقى للفوز من وجهة نظر ترامب؟، أخشى أن يكون الفوز هنا يعني عودة احتلال غزة، خاصة أن نتنياهو يردد منذ فترة طويلة أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة على غزة في المستقبل المنظور بعد الحرب، وقال لأعضاء الكنيست من حزب الليكود في تسجيل تم تسريبه بسرعة من اجتماع للحزب أنه لا يستطيع الموافقة على طلب حماس بإنهاء الحرب مقابل الإفراج عن 101 رهينة لا تزال تحتجزهم.