بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

28 فبراير.. يوم نضالنا من أجل الاستقلال

بعد أيام قليلة، نقترب من الاحتفال بذكرى تصريح 28 فبراير 1922، اليوم الذي يمثل نقطة فاصلة في تاريخ مصر الحديث، يوم أعلن فيه العالم أن مصر تستعيد كيانها المستقل بعد سنوات طويلة من الحماية البريطانية. 

هذا التصريح لم يكن مجرد نص على ورق، بل كان ثمرة نضال طويل وشاق، نتيجة ثورة 1919 العظيمة التي خرج فيها المصريون من كل فئات المجتمع، رجالا ونساء، شبابا وكبارا، ليعلنوا عن رغبتهم العميقة في الحرية والاستقلال. 

وبفضل هذا النضال، أجبرت بريطانيا على الاعتراف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، رغم التحفظات الأربعة التي لم تستطع روح الوفد القومي وقتها أن تلغيها، إلا أن الحقيقة الباقية والراسخة هي أن المصريين أعلنوا للعالم أنهم أمة لا تقبل الذل، وأن وطنهم ليس مجرد أرض، بل هو كيان حي يتنفس معهم، وتظل حريته وكرامته فوق كل اعتبار.

أنا شخصيا، تعلمت منذ صغري في مدرسة الوفد أن حب الوطن ليس شعارات على الجدران أو كلمات تقال في المناسبات، بل هو شعور يتغلغل في القلب، يتعلمه الإنسان في تفاصيل الحياة اليومية: حب الأرض التي تمشي عليها قدماه، والحرص على تراب الوطن كأنه جزء منك، والاعتزاز بتاريخ أجدادك الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل أن نعيش نحن اليوم بحرية وكرامة. 

كل مرة أفكر في هذا التاريخ، أشعر بدفء غير عادي، شعور بالفخر والاعتزاز، وكأنني أنا جزء من هذا النضال الذي لم يتوقف حتى اليوم، جزء من الشعب الذي لا يعرف المستحيل، والذي استطاع على مر العقود أن يحفظ كرامته ويؤكد هويته.

ما يجعل ذكرى 28 فبراير مميزة هو أنها ليست مجرد يوم للاحتفال، بل هي تذكير دائم بأن الحرية لا تمنح إلا لمن يستحقها، وبأن الكفاح من أجل الوطن يستحق كل تضحياتنا. 

أحيانا نتجاهل هذا البعد، لكن عندما نتأمل في التاريخ، ندرك أن كل خطوة نحو الاستقلال كانت نتيجة إرادة صلبة وإيمان عميق بالمستقبل. 

وما تعلمته في مدرسة الوفد يعطيني إحساسا مستمرا بالمسؤولية تجاه وطني؛ أن أعمل لأجله، أن أحمي ترابه، أن أعتز به وأفتخر به، وأن أنقل هذا الحب والاعتزاز لكل من حولي. 

لأن الوطن ليس مجرد اسم أو رمز، بل هو حضارة، هو إنسان، هو ذاكرة ومكان وروح، وأي محاولة لتقليله أو التلاعب به هي محاولة لإضعاف روحنا الجماعية التي نمت عبر التاريخ.

وأنا أتحدث عن هذه اللحظات، أشعر بأنني جزء من هذه السلسلة المتواصلة من الكفاح، من كل المصريين الذين جعلوا من الاستقلال حقيقة واقعة رغم كل الصعاب. 

أشعر بالفخر لأنني تعلمت أن حب الوطن يبدأ من القلب ويعبر عن نفسه في الأفعال اليومية، في احترام قوانينه، وفي الحفاظ على ما بناه أجدادنا من حضارة وثقافة ومكانة. 

وكلما رأيت مصر تتحدى الصعاب، تتجاوز الأزمات، أجد نفسي أردد في قلبي تلك الكلمات التي علمتنا إياها مدرسة الوفد: أن مصر أكبر من أي تحد، وأن ترابها أغلى من أي شيء، وأن الدفاع عنها واجب قبل أن يكون شعورا.

وبينما نستعد للاحتفال بهذه الذكرى العظيمة، أجد نفسي ممتلئا بمزيج من الحماس والفخر والدفء، دفء يعرفه كل مصري عاشق لتراب وطنه. 

هذه الذكرى تذكرنا بأن الحرية والانتماء ليست مجرد كلمات، بل هي شعور حي يتنفس معنا، وأن كل تضحيات الماضي ليست إلا دعوة لنا للاستمرار في العمل من أجل وطن أفضل. 

أن نحب مصر ليس واجبا فحسب، بل هو جزء من هويتنا، جزء من أرواحنا، وأي يوم نحتفل فيه باستقلالنا هو يوم نحتفل فيه بروحنا المصرية العريقة، بروح الشعب الذي عرف كيف يطالب بحريته وكيف يحافظ على كرامته، بروح الأجيال التي علمتنا أن حب الوطن يبدأ من القلب، ويتجسد في كل فعل صغير وكبير يساهم في رفعة هذا الكيان العظيم.

28 فبراير ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل هي درس حي لكل مصري: أن الحرية تستحق النضال، وأن الحب الحقيقي للوطن لا يموت، وأن كل جهد نبذله اليوم من أجل مصر هو امتداد لروح أولئك الذين صنعوا الاستقلال قبل أكثر من قرن. 

وأنا، كفرد عاشق لتراب بلده، أجد نفسي كل يوم أتعلم من هذا التاريخ العظيم، أتعلم أن الفخر بالماضي لا يكفي، وأن علينا أن نحمي الحاضر ونبني المستقبل بروح الوفد الذي علمنا أن الوطن أغلى من أي اعتبار، وأن حب ترابه شعور لا يزول، شعور ينمو في القلب ويكبر مع كل يوم جديد نعيشه في مصر الحبيبة.