لغتنا العربية جذور هويتنا
طبقات مصحّحى المخطوطات العربية
حين اتجهت عناية المطابع القديمة الشهيرة فى القرن التاسع عشر إلى طباعة التراث بدأتْ ظاهرة النشر مقترنة بكلمة (بعناية)، أيْ باهتمام وتمويل، حيث تنوعتْ طباعة المصنفات بين: طباعة متون الصرف (جمع متْن)، مثل الشافعية لابن الحاجب، والتصريف للعزّي، سنة 1340هـ/1824، وذلك بعناية الشيخ حسن العطار (1766ـ1835) شيخ الأزهر، آنذاك، وارتبطتْ بهذا النشاط طبقة المصححين الشيوخ العلماء الأجلاّء، وكان محرّرو المطابع ومصحّحوها من طلبة الأزهر، وبجهود هؤلاء وأولئك خلتْ أعمالهم من أى تصحيف، أو تحريف، فظهرتْ مراجع ومصار مهمة، منها: كتاب الكامل فى التاريخ لابن الأثير سنة 1290هـ/1873 فى اثنى عشر جزءا بتصحيح إبراهيم الدسوقى الملقب عبدالغفار، وهو من أعيان المترجمين، وبهامشه ثلاثة كتب، كما صحح القانون فى الطب لابن سينا 1294هـ /1877، وصحح ديوان مجنون ليلى، وحين عاد خريج الأزهر الشيخ نصر الهورينى من بعثته إلى فرنسا، تلك التى كانت بأمر محمد على باشا، تولى رئاسة تصحيح مطبعة بولاق (أنشئت 1821م)، وصحح كثيرا من الكتب، وهذا هو الشيخ محمد بن عبد الرحمن المعروف بقطّة العدوى (ت 1281هـ/ 1864)، يعنى بتصحيح كتب النحو، وبالتأليف، وكان منهم: محمد الحسينى هنا الذى صحح لسان العرب لابن منظور، وطبع ببولاق من 1300هـ/ 1882 فى عشرين جزءا مضبوطا، كما صحح صحيح البخارى 1315هـ/1897، ونصر بن محمد العادلي، ومحمد الصباغ، ومحمد عبد الرسول إبراهيم، والذى صحح الكثير، ومنه: صبح الأعشى للقلقشندى، وطبع ببولاق 1328هـ/1920، وقد أشاد بهم واحد منهم هو محمد ذهنى الذى صحح البخارى المطبوع فى إستانبول سنة1315هـ /1897، ونصر العادلى مصحح مطبعة بولاق، ومصحح تفسير الطبري، بولاق بل إن أحمد الزين، ومحمود أبو الوفا وصفا عملهما فى مقدمة ديوان الهذليين بـ«تصحيح»، ط 3 دار الكتب، القاهرة 1423هـ/2003، ووصف محقق كتاب العمدة لابن رسيق، السيد بدر الدين الحامدى عمله بـهذه الجملة: «عنى بتصحيحها «، وذلك سنة 1325هـ/1907، دار مكتبة الهلال، بيروت، وطبعة دار الفكر للجميع، بيروت.
ويحدّثنا العالم المحقق صديقى الراحل محمود الطناحى (1935 -1999) أنه عمل مصححا فى مطبعة عيسى البابى الحلبى زمن شبابه، وذلك فى كتابه (الكتاب المطبوع بمصر فى القرن التاسع عشر)، المنشور فى كتاب الهلال، العدد 548، أغسطس 1992ص7) قبل أن ينشغل بالتحقيق، ويبْرز فيه بين سنوات 1963و1999 محققا: النهاية فى غريب الحديث والأثر لابن الأثير(ت606هـ) بالاشتراك، ثم بالانفراد، الحلبي، القاهرة 1963، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكى (ت 771هـ) فى عشرة أجزاء بالاشتراك، الحلبي، القاهرة 1992، والعقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين (مكة المكرمة) لتقى الدين الفاسى (ت 832هـ) ج8، السنة المحمدية، القاهرة 1969، والغريبيْن لأبى عبيدة، ج1، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، القاهرة 1970، والفصول الخمسون فى النحو لابن معطى (ت 638هـ)، وهى رسالته لنيل درجة الماجستير، كلية دار العلوم جامعة القاهرة، الحلبي، القاهرة 1976، وتاج العروس للزبيدى (ت 1205هـ) ج6، وزارة الإعلام، الكويت 1976، وج28 منه 1993، ومنال الطالب فى شرح طوال الغرائب لابن الأثير، وكتاب الشعر لأبى على الفارسى (ت 377هـ)، وأمالى ابن الشجري، 3ج، وهى رسالته لنيل درجة الدكتوراه من كلية دار العلوم، وأعمار الأعيان لابن الجوزى (ت 597هـ)، الخانجي، القاهرة 1414هـ/1994، وغيرها، كما ألـّف: مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي، الخانجي، القاهرة 1985، وعن التصحيف والتحريف، بآخر الكتاب السابق، والموجز فى مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم، الخانجي، القاهرة 1985، ونبذة فى تاريخ الطب العربي، مقدمة لكتاب الطب النبوى لابن قيم الجوزية، الحلبي، القاهرة 1979، والتنبيه على خطأ الغريبين للحافظ أبى الفضل بن ناصر، مجلة البحث العلمى والتراث الإسلامي، مكة المكرمة 1979، وفهارس كتاب غريب الحديث لأبى عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ)، المجلة نفسها 1980، وفهرس كتاب الأصول فى النحو لابن السراج (ت316هـ)، الخانجي، القاهرة 1986، وغيرها من بين خمسة وثلاثين مؤلفا لذلك العالم الذى توفى شابا!!!!.