بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

عيد الجهاد الوطني.. تفويض الشعب وصناعة المجد المصري

قبل أيام قليلة من ذكرى عيد الجهاد الوطني في 13 نوفمبر، يوم التفويض الشعبي الذي مهد لثورة 1919، خرج المصريون  في مثل هذا اليوم من عام 1918، بأرواحهم وقلوبهم ليعلنوا تفويضهم لسعد زغلول ورفاقه لتمثيلهم أمام الاحتلال البريطاني، يوم أصبح فيما بعد علامة مضيئة في تاريخ مصر، يوم التفويض الشعبي الذي أضاء الطريق نحو ثورة 1919 المجيدة. 

كان هذا التفويض أكثر من مجرد خطوة سياسية؛ كان صرخة شعب يرفض الظلم والاستبداد، وكان تجسيدا لإرادة أمة لم تعد تقبل أن تحكم من الخارج، ولا أن تسلب حقوقها في أرضها وحريتها، من هذا اليوم بدأ المصريون يكتبون فصلا جديدا في تاريخ وطنهم، فصلا يعبق بحب الأرض والانتماء للأرض والإنسان.

ما ميز هذا اليوم ليس مجرد التفويض نفسه، بل الروح التي حملها الشعب معه في كل خطوة، روح الصمود والعزيمة التي جسدها سعد زغلول ورفاقه، وروح الوفد الذي أصبح مدرسة وطنية حقيقية. 

مدرسة علمت الأجيال أن الوطنية ليست مجرد كلمات تقال في المناسبات، بل أفعال تحاك في الواقع، وشجاعة تختبر في المواقف، ومن هنا، نستطيع أن نفهم كيف أصبح الوفد رمزا للإصرار على الاستقلال، وكيف استلهمت الأجيال من قادته حب الوطن، وعشق الأرض، والتشبث بحق المصريين في تقرير مصيرهم.

الوفد، من خلال هذه اللحظة التاريخية، لم يكن مجرد حزب سياسي أو مجموعة من الزعماء، بل كان مدرسة حضارية، مدرسة تعلمنا فيها معنى الانتماء الحقيقي، وكيف يكون التفاني في خدمة الوطن أعلى من أي اعتبارات شخصية. 

لقد أدرك المصريون منذ ذلك اليوم أن الوطن أغلى ما يملكه الإنسان، وأن الدفاع عنه واجب، وأن الحب له يظهر في كل فعل يخدم مستقبله ويصون كرامته. 

ولقد تأثرت شخصيا بهذه الروح، وعلمتني مدرسة الوفد كيف يكون حب الوطن صادقا، وكيف يكون الإخلاص له ليس مجرد شعارات، بل مواقف تترجم على أرض الواقع، كيف يكون الوعي الوطني شعلة تضيء طريق الأجيال القادمة، وتربطهم بأرضهم وترابهم بكل حب وولاء.

اليوم، ونحن نستعد للاحتفال بعيد الجهاد الوطني - يوم التفويض الشعبي -، لا يمكننا إلا أن نشعر بالفخر والانتماء، ونستحضر معاني الوحدة والتضحية التي طبعت هذا الحدث في ذاكرة الوطن. 

لقد كان المصريون في 13 نوفمبر 1918 مثالا حقيقيا على قدرة الشعب على التغيير، وعلى أن الإرادة الشعبية هي القوة الحقيقية التي تصنع المجد والتاريخ، ومن خلال هذه اللحظة، نشأت مدرسة الوفد التي لم تعلم فقط السياسة، بل علمتنا كيف نحب مصر بحروف من دم القلب وروح الوطن.

عندما أنظر إلى التاريخ، أرى في ذلك اليوم درسا خالدا لكل مصري: أن الحرية لا تمنح، بل تنتزع، وأن الوطنية ليست مجرد شعارات تكتب على الجدران، بل سلوكيات تعاش في كل يوم، من الدفاع عن الوطن، إلى الحفاظ على قيمه ومبادئه. 

لقد كانت ثورة 1919 نتيجة طبيعية لهذا التفويض، فهي لم تأت من فراغ، بل جاءت لتكمل إرادة شعب قرر أن يفرض نفسه على التاريخ، وأن يثبت للعالم أن مصر لا يمكن أن تهزم حين يتحد أبناؤها على حبها وصون كرامتها.

ومن هذا المنطلق، أجد نفسي اليوم، وأنا أتذكر هذا اليوم العظيم، مشحونا بمشاعر الحب والاحترام لتاريخنا، وللأجيال التي علمتنا كيف يكون الوطن أغلى من كل شيء، وكيف يكون الانتماء له فعلا وجدانيا قبل أن يكون سياسيا. 

إن الحب الذي تعلمته من مدرسة الوفد ليس مجرد شعور عابر، بل هو التزام دائم بأن نحافظ على تراب وطننا، وأن نكون دائما عند حسن ظنه بنا، وأن نواصل المسيرة التي بدأها أجدادنا من أجل أن تظل مصر حرة وكريمة.

إن الاحتفال بعيد الجهاد الوطني ليس فقط لاستذكار الماضي، بل هو فرصة للتفكير في حاضرنا ومستقبلنا، لتجديد عهدنا مع وطننا، وللتأكيد على أن حب مصر ليس مجرد كلمات نرددها، بل أفعال نمارسها في حياتنا اليومية. 

من خلال هذه الروح، ومن خلال ما تعلمته من مدرسة الوفد، أصبحت أعلم أن كل خطوة نخطيها في سبيل الخير والعدل والحرية، هي امتداد لميراث أجدادنا الذين جعلوا من 13 نوفمبر يوما خالدا في تاريخ الوطن.

يوما يشع بالحياة والحب والانتماء، ويذكرنا دوما بأن مصر تستحق منا أن نكون لها قلبا نابضا وعقلا واعيا وروحا ملتزمة، فلنستعد جميعا يوم 13 نوفمبر لنحتفل بهذه اللحظة الخالدة في تاريخ مصر ونستلهم منها روح الوطنية والانتماء