بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

شبكة القتل السريع‮!‬

لم نكن بحاجة الي‮ ‬كل هذه العواصف والرياح وهجمات‮ »‬الشبورة‮« ‬لنتأكد أننا نعيش كارثة حقيقة اسمها‮ »‬حوادث الطرق‮« ‬فمشهد السيارات‮ »‬المطحونة‮« ‬والاشلاء المتناثرة علي‮ ‬جوانب الطرق أصبحت بكل أسف واقعا‮ ‬يوميا في‮ ‬حياة المصريين ويكاد لا‮ ‬يخلو بيت الآن إلا وقد فقد حبيباً‮ ‬أو قريباً‮ ‬أو جاراً‮ ‬ليس في‮ ‬طريق السفر ولكن في‮ ‬رحلة الذهاب والعودة من عمله‮!‬

لقد اكتسبت طرق عديدة شهرة واسعة في‮ ‬عدد البشر الذين تفترسهم ليس كل‮ ‬يوم بل كل ساعة‮.. ‬مثل الطريق الدائري،‮ ‬والمحور،‮ ‬والصحراوي،‮ ‬والكريمات،‮ ‬والسويس،‮ ‬والواحات،‮ ‬وبني‮ ‬سويف‮.. ‬كلها أصبحت جسوراً‮ ‬للموت السريع أو لإعاقة أو عاهة مستديمة علي‮ ‬أقل تقدير‮.‬

وأصبحت‮ »‬مصر‮« ‬هي‮ ‬الأولي‮ ‬من بين‮ ‬35‮ ‬دولة علي‮ ‬مستوي‮ ‬العالم في‮ ‬عدد الوفيات الناتجة عن حوادث الطرق وأصبحنا لأسباب‮ »‬تاه‮« ‬المسئولون في‮ ‬دوامتها نمتلك شبكة من الطرق وصفت بأنها الأقل كفاءة والأكثر خطورة وفوضوية في‮ ‬العالم‮.‬

ولا أحد‮ ‬يستطيع أن‮ ‬يجزم بأن المقطورات‮.. ‬السائرة علي‮ ‬الطرق،‮ ‬مسئولة وحدها عن بحار الدماء،‮ ‬أو أن المخدرات التي‮ ‬يتعاطاها كثير من سائقيها المتهم وحده في‮ ‬ظاهرة‮ »‬السائرون نياماً‮« ‬علي‮ ‬الطرق السريعة بل إن الخبراء أكدوا أن تحويل المقطورات إلي‮ ‬تريلات ليس هو الحل‮.‬

فهناك مجانين السرعة الذين‮ ‬يقتلون الأبرياء بالجملة ويحاكمون بمنطق القتل الخطأ‮.‬

وهناك‮ »‬الخطأ القاتل‮« ‬في‮ ‬اصطناع محطات ركوب عشوائية علي‮ ‬الطرق السريعة‮.‬

وهناك‮ ‬120‮ ‬نقطة سوداء‮ ‬يقع عليها‮ ‬غالبية الحوادث التي‮ ‬تبلغ‮ ‬23‮ ‬ألف حادث سنوياً‮.‬

حقائق مفزعة أصبحت مألوفة لأن ارواح‮ ‬7‮ ‬آلاف قتيل في‮ ‬عام واحد فقط لم تكن كافية لاشعال انتفاضة حقن الدماء علي‮ ‬الطريق‮.. ‬بخلاف آلاف المصابين‮.‬

ولتصبح أمور مثل سوء الأحوال الجوية‮.. ‬الشبورة،‮ ‬والمقطورة،‮ ‬مجرد أنياب لوحش خرافي‮ ‬يتحدي‮ ‬حكومة عجزت سنوات عن مواجهته‮.‬

وحدث ولا حرج عن شبكة طرق متهالكة وراء رفع معدلات الحوادث‮. ‬التفاصيل في‮ ‬هذا التحقيق‮.‬

لأننا في‮ ‬موسم الشبورة نصبح علي‮ ‬استعداد لنسمع ونقرأ عن كوارث الطريق وكأن الشبورة تفاجئ المسئولين كل عام فلا احتياطات أو ارشادات للتعامل معها وليلقي‮ ‬4‮ ‬أشخاص في‮ ‬يوم واحد مصرعهم في‮ ‬محافظة واحدة هي‮ ‬البحيرة حين سقطت سيارة ملاكي‮ ‬بالمصرف المجاور أثناء سيرها بالطريق الدولي‮ ‬مدخل منطقة سيدي‮ ‬شحاتة وليلقي‮ ‬3‮ ‬أشخاص آخرين مصرعهم في‮ ‬حادث مشابه‮.‬

وبسبب الشبورة وسوء الأحوال الجوية أيضا لقي‮ ‬أمين شرطة مصرعه وأصيب‮ ‬4‮ ‬من زملائه المجندين إثر تصادم سيارة الشرطة وسيارة أجرة ميكروباص بطريق نويبع ـ طابا‮.‬

فيما لقي‮ ‬طفل عمره‮ ‬12‮ ‬سنة مصرعه وأصيب أبواه واخوته الثلاثة بإصابات خطيرة إثر تصادم‮ ‬3‮ ‬سيارات كانت سيارتان منها متوقفتين واصطدمت بهما سيارة ثالثة‮ ‬يقودها طالب فلسطيني‮ ‬وذلك أعلي‮ ‬محور‮ ‬26‮ ‬يوليو الذي‮ ‬يحظي‮ ‬بسمعة سيئة في‮ ‬خريطة حوادث الطرق وكان الأمر في‮ ‬السابق بسبب عيوب فنية في‮ ‬التصميم‮.‬

وعلي‮ ‬طريق مصر ـ الإسكندرية الزراعي‮ ‬وعند مطلع كوبري‮ ‬المنصورة تسبب انقلاب سيارة نقل بمقطورة في‮ ‬تعطيل حركة السير‮ ‬3‮ ‬ساعات،‮ ‬السيارة كانت تحمل أعلافا تفوق الحمولة المسموح بها مما أدي‮ ‬لانقلابها‮.‬

ولسبب الحمولة الزائدة أيضا انقلبت سيارة‮ »‬فنطاس‮« ‬محملة بـ45‮ ‬طن أسمنت بطريق النصر أمام قاعة المؤتمرات الدولية تسربت كميات من الأسمنت بمكان الحادث وارتبكت حركة السير علي‮ ‬الطريق‮.‬

فيما لقي‮ ‬سائق ومساعده مصرعهما في‮ ‬حادث انقلاب سيارة نقل بمقطورة،‮ ‬محملة بكميات هائلة من الاخشاب علي‮ ‬طريق المحور ببرج العرب‮ ‬غرب الإسكندرية،‮ ‬فضلا عن السرعة الجنونية التي‮ ‬أدت إلي‮ ‬الحادث‮.‬

ومنذ أيام قليلة أنقذت العناية الإلهية عشرات الأطفال من تلاميذ مدرسة الليسيه كانوا في‮ ‬طريقهم الي‮ ‬المدرسة في‮ ‬الصباح الباكر وسبب الشبورة وتهور سائق سيارة نقل محملة بالطوب ارتطمت السيارة بالأتوبيس من الخلف أثناء نزولها من كوبري‮ ‬المنيب العلوي،‮ ‬واتضح بالمعاينة أن السيارة النقل بدون فرامل‮.‬

وحقيقة الأمر أن الحوادث تشمل الطرق السريعة والطرق الداخلية ولكن بنسب مختلفة فالاحصاءات تشير إلي‮ ‬أن هناك أكثر من خمسة ملايين سيارة تفوق قدرات الطرق وامكانيات الصيانة‮.‬

فالقاهرة وحدها تبلغ‮ ‬الطرق فيها‮ ‬42‮ ‬ألف كيلو متر فيما‮ ‬يمر فوقها‮ ‬1‭.‬4‮ ‬مليون سيارة‮ ‬يومياً‮ ‬وقد أكدت الاحصاءات المرورية وقوع‮ ‬22‮ ‬ألفاً‮ ‬و39‮ ‬حادث طريق نتج عنها مصرع‮ ‬6‮ ‬آلاف و487‮ ‬شخصاً‮ ‬وإصابة‮ ‬35‮ ‬ألفاً‮ ‬أخرين في‮ ‬العام الماضي‮ ‬نصيب الطرق الداخلية‮ ‬78٪‮ ‬من الحوادث بينما الطرق السريعة‮ ‬22٪‮.‬

فيما أشار تقرير اعدته لجنة الإنتاج الصناعي‮ ‬والطاقة بمجلس الشوري‮ ‬إلي‮ ‬أن حوادث الطرق تقتل‮ ‬7‮ ‬الاف مواطن كل عام،‮ ‬إضافة لأضعاف هذا الرقم من المصابين وأيضا تدمير وإتلاف أكثر من‮ ‬8‮ ‬آلاف سيارة سنوياً‮.‬

وتوقع التقرير أن تقع كارثة مرورية بالبلاد بعد‮ ‬10‮ ‬سنوات من الآن فيما تقدر الخسائر سنويا بحوالي‮ ‬16‮ ‬مليار جنيه‮.‬

أسباب الحوادث

الحقيقة أن ما نراه‮ ‬يومياً‮ ‬علي‮ ‬الطرق ونقرأ عنه في‮ ‬صفحات الحوادث‮ ‬يؤكد حقيقة ما تتضمنه كافة التقارير والدراسات المعنية بحوادث الطرق‮.‬

ومن جانب اخر تؤكد الإحصاءات الرسمية أن أعداد القتلي‮ ‬في‮ ‬حوادث الطرق بمصر‮ ‬يفوق عدد شهداء الحروب التي‮ ‬خاضتها مصر منذ عام‮ ‬1956‭.‬

وأكدت أرقام الجهاز المركزي‮ ‬للتعبئة والإحصاء أن العنصر البشري‮ ‬هو الأول في‮ ‬أسباب الحادث بنسبة‮ ‬68٪‮ ‬عام‮ ‬2009‮ ‬وبنسبة‮ ‬70٪‮ ‬عام‮ ‬2008‮ ‬أما حالة الطرق فتأتي‮ ‬في‮ ‬المرتبة الثانية بنسبة‮ ‬7٪‮ ‬عام‮ ‬2009‮ ‬و2٪‮ ‬عام‮ ‬2008‮ ‬أما انفجار إطارات السيارات فيمثل نسبة‮ ‬21٪‮ ‬في‮ ‬الحوادث التي‮ ‬وقعت عام‮ ‬2009‭.‬

فيما أكد تقرير صادر عن مجلس الوزراء أن مصر تقع في‮ ‬المرتبة الأولي‮ ‬بين‮ ‬35‮ ‬دولة علي‮ ‬المستوي‮ ‬العالمي‮ ‬بالنسبة للدول التي‮ ‬شملتها الدراسة في‮ ‬عدد الوفيات بسبب حوادث الطرق‮.‬

فهناك‮ ‬156‮ ‬حالة وفاة لكل‮ ‬100‮ ‬ألف مركبة وجاءت إسرائيل في‮ ‬المرتبة العشرين بـ19‮ ‬قتيلاً‮ ‬لكل‮ ‬100‮ ‬ألف مركبة،‮ ‬وتأتي‮ ‬مصر في‮ ‬المرتبة الثالثة بين دول العالم العربي‮ ‬في‮ ‬عدد الحوادث وتحتل المرتبة الـ34علي‮ ‬المستوي‮ ‬الدولي‮.‬

وتؤكد الدراسات أن العنصر البشري‮ ‬هو السبب الأول للحوادث أما عيوب الطريق ففي‮ ‬المرتبة الثانية‮.‬

وفي‮ ‬دراسة أخري‮ ‬لهيئة الطرق والجسور جاء أن‮ ‬85٪‮ ‬من حوادث الطرق سببها عدم تركيز السائقين وجنون السرعة بشكل خاص لدي‮ ‬سائقي‮ ‬الشاحنات‮.‬

وحسب تقرير لوزارة الداخلية فإن هناك حادثتين بسبب سيارات النقل من بين كل‮ ‬3‮ ‬حوادث وأن بعض سائقي‮ ‬النقل‮ ‬يتعاطون المواد المخدرة خاصة علي‮ ‬الطرق السريعة‮.‬

يأتي‮ ‬ذلك في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬اشتعلت فيه ثورة أصحاب سيارات النقل مطالبين بمد فترة العمل بالمقطورات لأكثر من‮ ‬5‮ ‬سنوات مدللين علي‮ ‬ذلك بدول أوروبا مؤكدين أن المقطورات ليست هي‮ ‬السبب الرئيسي‮ ‬للحوادث علي‮ ‬الطرق طبقاً‮ ‬للدراسات العلمية وتحديد الحمولات طبقاً‮ ‬للتراخيص الصادرة من إدارة المرور حتي‮ ‬أنهم أصحاب النقل الثقيل طالبوا بقانون موحد لهم ومراجعة الضرائب والرسوم المفروضة عليهم وإصدار تراخيص المرور للتريلات بنصف مقطورة حيث‮ ‬يتم ترخيصها مقطورة ولا‮ ‬يتم التفريق بين التريللا والمقطورة في‮ ‬حالة الحوادث حيث‮ ‬يتم ترخيص المقطورات والتريلات علي‮ ‬أساس المقطورة‮.‬

نقط سوداء

والواقع أن قضية المقطورات هي‮ ‬جزء من حوادث الطرق وليست القضية كلها فهناك‮ ‬120‮ ‬نقطة سوداء علي‮ ‬شبكة الطرق السريعة أبرزها طريق بني‮ ‬سويف ـ المنيا،‮ ‬وطريق العباسية ـ الشرقية وطريق الإسماعيلية ـ السويس،‮ ‬والإسماعيلية ـ بورسعيد،‮ ‬وكذلك بني‮ ‬سويف ـ العياط،‮ ‬ولا ننسي‮ ‬الطريق الدائري‮ ‬الذي‮ ‬يبلغ‮ ‬طوله‮ ‬100‮ ‬كيلو متر ويلقب بطريق الموت لكثرة وبشاعة الحوادث فوقه خاصة المنطقة أعلي‮ ‬طريق مصر ـ الإسكندرية الصحراوي‮ ‬من وإلي‮ ‬مدينة‮ ‬6‮ ‬أكتوبر والدائري‮ ‬ناحية الوراق،‮ ‬التي‮ ‬وقع فيها حادث طالب الجامعة الأمريكية الذي‮ ‬دهس‮ ‬12‮ ‬فرداً‮ ‬كانوا‮ ‬ينتظرون علي‮ ‬محطة ركوب عشوائية فوق الطريق والمنطقة منه عند ما‮ ‬يعرف بـ»كارفور المعادي‮« ‬ومؤخراً‮ ‬تم الانتباه لمناطق الكوارث بالطريق وتم عمل بعض التوسعات في‮ ‬المنطقة من محور المريوطية حتي‮ ‬طريق مصر ـ الإسكندرية الصحراوي‮ ‬والوصلة المؤدية لطريق الواحات

وطريق الواحات أيضاً‮ ‬من أسوأ الطرق السريعة وأكثرها وقوعاً‮ ‬للحوادث بسبب السرعة الزائدة لسائقي‮ ‬النقل بشكل خاص والميكروباص وغياب الرقابة علي‮ ‬السرعة‮.‬

قرارات فاشلة

الدكتور أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور الهندسة الأزهر قال إن الدولة لا تبخل بمحاولة الحل بدليل الانفاق الرهيب علي‮ ‬الأعمال التي‮ ‬تتم‮ ‬،‮ ‬لكن للأسف القرارات التي‮ ‬تتخذ ليست سليمة لأنها بعيدة عن القرارات العلمية السليمة التي‮ ‬تحل مشكلة الحوادث‮ ‬،‮ ‬متخذ القرارات تعرض عليه الحلول المجدية بدليل أن المشكلة لم تحل‮ ‬،‮ ‬بل إنها تتفاقم ولم‮ ‬يفكر أحد في‮ ‬أن هناك شيء‮ ‬غير خطأ وكل ما‮ ‬يحدث مجرد محاولات فاشلة،وليس هناك مسئول‮ ‬يتجه إلي‮ ‬من لديه الحل السليم،‮ ‬والمشكلة‮ ‬يتم تشخيصها خطأ،‮ ‬وبالتالي‮ ‬حلها‮ ‬يكون خطأ،‮ ‬مثلما‮ ‬يحدث مع مشكلة المقطورات،‮ ‬وأضاف‮ : ‬لقد بذلت جهداً‮ ‬في‮ ‬التوجيه لماهية المشكلة فمشكلة حوادث الطرق في‮ ‬مصر،‮ ‬ناتجه أولاً‮ ‬عن أن نقل البضائع في‮ ‬مصر‮ ‬يتم‮ ‬97٪‮ ‬منه علي‮ ‬الطرق ولهذا فإن‮ ‬25٪‮ ‬من أسطول السيارات في‮ ‬مصر عبارة عن شاحنات‮ .. ‬وشبكة الطرق محدودة جداً‮ ‬وغير كافية وضعيفة،‮ ‬مقارنة بحجم أسطول النقل،‮ ‬وهي‮ ‬أصلاً‮ ‬ضعيفة تعتبر مقابل أن نسبة الشاحنات عالية جداً،‮ ‬لذلك ترتفع معدلات الحوادث‮.‬

بالاضافة إلي‮ ‬أنه إذا كانت الحادثة تقع بين سيارتين صغيرتين‮ ‬يكون عدد القتلي‮ ‬اقل مما لو كانت إحداهما نقلاً‮ ‬ثقيلاً،‮ ‬لذلك‮ ‬يشترك النقل الثقيل في‮ ‬الحادث،‮

‬سواء كانت بمقطورة او‮ ‬غير مقطورة‮.‬

كما أن هناك إختلافاً‮ ‬كبيراً‮ ‬في‮ ‬أسلوب القيادة بين السيارتين،‮ ‬النقل أربع أو خمس نقلات،‮ ‬والنقل الثقيل‮ ‬16و‮ ‬18‮ ‬و20‮ ‬نقلة،‮ ‬لذلك صعب أن‮ ‬يتمكن السائق من كبح سرعته مرة واحدة،‮ ‬بالاضافة الي‮ ‬اختلاف الحجم والسرعات والإحساس بالقوة‮.‬

وخلاف ذلك من اسباب،‮ ‬تعتبر ثانوية وليست رئيسية‮.‬

والسلوك البشري‮ ‬للأسف ليس هو السبب،‮ ‬وانما القضية في‮ ‬التخطيط‮ ‬،‮ ‬بدليل أنه عندما تم فصل الطرق للنقل السريع قلت نسبة الحوادث في‮ ‬هذه الطرق مثل طريق القطامية وطريق العين السخنة،‮ ‬ورغم نجاحه لم نكرر التجربة‮. ‬في‮ ‬محاولة لعدم تحمل المسئولية،‮ ‬وخاصة أنه لم‮ ‬يتبق لدينا سوي‮ ‬ثلاثة طرق‮.. ‬القاهرة‮ - ‬الإسكندرية،‮ ‬تنتقل عليه بضائع‮ ‬غرب الدلتا،‮ ‬والقاهرة‮ - ‬بورسعيد وتنقل عليه كل بضائع ميناء‮ ‬يدمياط وبورسعيد والمدن الصناعية الواقعة عليها،‮ ‬ثم طريق القاهرة‮ - ‬الصعيد‮.‬

وكل ما هو مطلوب إنشاء‮ ‬3‮ ‬طرق‮ ‬يمكن تنفيذها في‮ ‬سنتين أو أقل،‮ ‬تتكلف حوالي‮ ‬من‮ ‬5‮ ‬إلي‮ ‬6‮ ‬مليارات جنيه‮.. ‬وفي‮ ‬هذه الحالة،‮ ‬لن تمنع سير النقل أو المقطورة‮ ‬،‮ ‬لأنها ستنتقل لهذه الطرق،‮ ‬التي‮ ‬تربطنا بالموانئ والمدن الصناعية‮.‬

ولو تم تنفيذ ذلك فسينخفض معدل الحوادث‮.‬

والمشكلة ليست في‮ ‬المقطورات فقط،‮ ‬وإذا تم تحويلها إلي‮ ‬تريلات فلن تنخفض نسبة حوادث الطرق لكن المشكلة أن جميع سيارات النقل الثقيل تتسبب في‮ ‬حوادث،‮ ‬والتريلات تتسبب في‮ ‬أعلي‮ ‬معدلات الحوادث،‮ ‬والحل‮ ‬يكمن في‮ ‬الاستعانة بخبراء علي‮ ‬دراية بالمشكلة بالإضافة إلي‮ ‬ضرورة الإسراع بعمل الطريق الدائري‮ ‬الأوسط حول القاهرة،‮ ‬حيث إن الدائري‮ ‬الاقليمي‮ ‬بعيد عن القاهرة وتأثيره محدود‮ .. ‬والأهم أيضا،‮ ‬الاهتمام بالنقل النهري‮ ‬والسكك الحديدية ولكن‮ ‬يجب أن نعلم أن تأثيرها لن‮ ‬يكون كبيراً‮ ‬علي‮ ‬لاستغناء عن النقل الثقيل،‮ ‬لكنه‮ ‬يساعد علي‮ ‬حل المشكلة‮.‬

صندوق أسود

المهندس الاستشاري،‮ ‬فؤاد خليل رئىس جمعية الطرق العربية أكد أن اهم عامل في‮ ‬قضية حوادث الطرق هو‮ ‬غياب العنصر الرئيسي‮ ‬لتحقيق السلامة علي‮ ‬الطرق،‮ ‬وهو المتعلق بأسلوب القيادة وسلوكيات السائقين وتصرفات المارة والجهل بقواعد المرور داخل وخارج المدن،‮ ‬والنتائج العنيفة المترتبة علي‮ ‬ذلك،‮ ‬مما‮ ‬يستوجب التعاون بين وزارات التعليم والتعليم العالي‮ ‬والداخلية والنقل،‮ ‬وقد جعلت جمعية الطرق العربية من أهم أهدافها‮ ‬،‮ ‬تأهيل مستخدمي‮ ‬الطرق عن طريق عدة محاور‮: ‬أولها التعليم المدرسي‮ ‬حيث صدرت توجيهات من مجلس وزراء النقل بالجامعة العربية،‮ ‬بتبني‮ ‬برنامج التعليم قوانين وآداب المرور للسائقين والمشاه في‮ ‬مختلف مراحل التعليم،‮ ‬والثاني‮ ‬خاص بوسائل الاعلام ودورها في‮ ‬تنظيم محملات متابعة،‮ ‬بالإضافة إلي‮ ‬عدم إعطاء رخصة القيادة لأي‮ ‬شخص إلا بعد اجتيازه برنامجاً‮ ‬تدريبياً‮ ‬في‮ ‬مدرسة معتمدة لتعليم القيادة‮.‬

وأضاف أن سلوك السائقين في‮ ‬مصر‮ ‬يؤكد عدم الالتزام بهذا الشرط لأنه‮ ‬غير ملتزم في‮ ‬قانون المرور الحالي،‮ ‬بالإضافة لعمل مدرسة للمخالفين‮ ‬،‮ ‬حيث لا‮ ‬يجب إعادة الرخصة لمرتكب المخالفة إلا بعد حضوره برنامج تدريب في‮ ‬مدرسة معدة لذلك مع ملاحظة إعلاء هدف الأمان علي‮ ‬الطريق‮ ‬،‮ ‬والبعد عن أن تربح مادي‮ ‬ومن الضروري‮ ‬التحصيل الفوري‮ ‬للمخالفات،‮ ‬لأنه أسلوب رادع نفسياً،‮ ‬مع ضرورة عمل كشف طبي‮ ‬فوري‮ ‬علي‮ ‬السائقين فور ارتكابهم لحوادث المرور خاصة بالكشف عن الكحول والمخدرات،‮ ‬مع عمل كشف طبي‮ ‬ونفسي‮ ‬علي‮ ‬السائقين ولا تمنح الرخصة له إلا بعد اجتيازه ذلك،‮ ‬لأن هناك العديد من السائقين العدوانيين والمتهورين،‮ ‬كما‮ ‬يوجد العديد من الإعاقات البدنية التي‮ ‬تؤثر علي‮ ‬القيادة‮.‬

وهناك عدة محاور للسيطرة علي‮ ‬سلوك السائقين،‮ ‬من أهمها مراقبة منع الإرهاق باستخدام الصندوق الأسود،‮ ‬الذي‮ ‬يحدد المسافات والسرعات والوقفات،‮ ‬علي‮ ‬كروت خاصة‮ ‬يحللها الحاسب الآلي‮ ‬المزود به الكثير من اللواري‮ ‬والاتوبيسات المستوردة،‮ ‬ولكن لا‮ ‬يتم العمل به حيث‮ ‬يطلق عليه السائقون إسم‮ »‬الخباصة‮« ‬ويتم تعطيله أو بنظام تتبع المركبات باستخدام النظام العالمي‮ ‬بتحديد الموقع علي‮ ‬خرائط رقمية‮ ‬Geographic information‭ (‬gis‭) ‬and ground positioning system‭ (‬gps‭)‬‮.‬

إضافة إلي‮ ‬ضرورة الكشف الدوري‮ ‬علي‮ ‬السيارات وتوكيل تلك عمليات الخاصة بصلاحية المركبات إلي‮ ‬شركات التأمين الإجباري‮ ‬علي‮ ‬السيارات‮.‬

كما‮ ‬يجب تعديل التكييف القانوني‮ ‬لحوادث القتل الخطأ،‮ ‬إلي‮ ‬نية العمد أو قصد احتمالي‮ ‬إذا كان الحادث‮ ‬يصاحبه أي‮ ‬تعد علي‮ ‬مادة من مواد قانون المرور حيث إنه في‮ ‬القانون الحالي‮ ‬يعتبر الحادث جنحة ولا‮ ‬يشعر كثير من المخالفين بأي‮ ‬ذنب حيال مخالفاتهم،‮ ‬إضافة إلي‮ ‬المتابعة الشرطية المستمرة والمتحركة بالدوريات السيارة التي‮ ‬لا‮ ‬يكتفي‮ ‬فيها بالكمائن التي‮ ‬أثبتت عدم فاعليتها‮.‬

كذلك تخصيص نسبة من حصيلة مخالفات المرور لتمويل وسائل الأمان وأجهزة المراقبة الحديثة علي‮ ‬الطريق والاهتمام بصرامة بتطبيق قانون المرور بكل حزم علي‮ ‬كافة مستخدمي‮ ‬الطريق دون تحيز أو وساطة أو تميز‮.‬

ومن الضروري‮ ‬إصدار قانون بإلزام المستثمرين‮ ‬،‮ ‬بتقديم دراسات جدوي‮ ‬مرورية أو ما‮ ‬يعرف بتقييم التأثيرات المرورية،‮ ‬كشرط لإجازة الترخيص بالبناء،‮ ‬حيث من المتوقع حدوث اختناقات مرورية بسبب كثرة سياراتهم‮.‬

السائقون‮ ‬

اللواء محمد منصور مساعد وزير الداخلية ومدير الادارة العامة للمرور سابقاً‮ ‬أكد أن السبب الرئيسي‮ ‬وراء حوادث الطرق،‮ ‬هو خطأ من قائد السيارة،‮ ‬لأنه‮ ‬يتولي‮ ‬التحكم في‮ ‬السيارة ولو حتي‮ ‬كانت العيوب في‮ ‬الطريق المفترض أن‮ ‬يكون السائق متنبها له مثل العيوب الهندسية،‮ ‬أو عدم استقرار في‮ ‬المناخ،‮ ‬شبورة أو‮ ‬غيرها،‮ ‬لذلك لابد أن تكون شخصية قائد السيارة ملتزمة بمبادئ السلامة كذلك فإن ثقافة الخوف من المخالفة خوفاً‮ ‬من العقوبة المالية وليس علي‮ ‬السلامة فقط،‮ ‬ويعد خطأ فمن المفترض أن اتحري‮ ‬السلامة حرصاً‮ ‬علي‮ ‬سلامتي‮ ‬وسلامة أسرتي‮.‬

وما كنا نعانيه أن قائد السيارة‮ ‬يتعمد الهروب من الرادار خوفاً‮ ‬من الغرامة وليس حرصاً‮ ‬علي‮ ‬أمنه وأمن من معه في‮ ‬السيارة‮.‬

لذلك من المفترض أن كل الأجهزة المسئولة عن تنظيم ومراقبة السير،‮ ‬والهيئة العامة للطرق والكباري‮ ‬ورجال المرور ووسائل الاعلام،‮ ‬أيضا‮ ‬يجب تضطلع بأدوار كبيرة جداً‮ ‬في‮ ‬تقويم السلوك كذلك المحليات لأنها المسئولة عن الطرق داخل المحافظات،‮ ‬والمسئولون‮ ‬يدركون أهمية وأبعاد المشكلة وخطورتها،‮ ‬لذلك‮ ‬يجب أن نحلل أي‮ ‬حادث،‮ ‬من خلال رؤية واضحة،‮ ‬حتي‮ ‬نتلافي‮ ‬أسباب وقوعه ونتلافي‮ ‬وقوع حوادث أخري‮ ‬مع تقليل الآثار الجسيمة الناتجة عنه‮.‬