الهدم بين روسيا وأمريكا!
قرأت منذ فترة طويلة، فى مقالة للصديق الراحل (أسامة عفيفى) فى مجلة (الموقف العربى) على ما أذكر.. فحواها.. أبسط طريقة لهدم الدول.. وأيضاً قرأت نفس المعنى على الفيسبوك عن هدم الدول.. فى أيام الحرب الباردة بين السوفييت وأمريكا.. الأمريكان جندوا واحداً سوفييتياً جاسوساً لهم، وهى مرة واحدة اللى قابل فيها الأمريكان وبعدها ولا أى اتصال تم بينهم، كانت مهمة الجاسوس أنه يوظف الأشخاص فى غير مكانهم. دى مهمة الجاسوس.
فما مهمة ذلك الجاسوس؟ مهمة بسيطة لكنها مهمة قوتها تعادل دمار القنبلة النووية وأكثر.. مهمته تكمن فى خلق الاختلافات والمشاكل بين الكل.. عليه أن يتفنن فى جعل المتميز والذكى والجاد فى مواجهة مستمرة للمشكلات ناهيك عن الاستهانة والاستهانة والنبذ والتهميش فى أى مجلس.. فى نفس الوقت تتفنن وتدبر وتبدع فى أن تجعل التافه والهايف بكل أساليبه هو البارز والساطع، وعليك أن تزيد هذا الأمر بكل السبل.. ثم يتم تعيين مثل هؤلاء فى المراكز المهمة وفى كل موقع يتم إبعاد كل شخص له رؤية وله قدرة على تقديم الحلول.. بل جعلهم دوماً فى مكانة السخرية والتريقة والتقليل من شأنهم دائماً، وفى كل المحافل.. ومهما ذهب هنا أو هناك فلن يجد أى مسئول ينتصر له أو يعيد له حقه.. إلى جانب وصمهم ببعض الصفات البذيئة التى توجه إليهم.. مثل أنه مغرور، فاشل، إنه طامع فى إبعاد فلان لكى يحل مكانه. أنه حاقد على كل رؤسائه ولا يكن لهم أى احترام أو تقدير.. وعليه يتم استبعاده من أى قيادة ومن أى مكان مهم.. فى نفس الوقت تأتى بما هو أسوأ.. البليد الذى لا يملك أى مواهب أو قدرات. المهمة ليست بسيطة لأنه لكى يقدم كل ما هو تافه وسطحى وجاهل عليه دوماً أن يقدم المبررات أو يصطنع تلك المبررات بحيث يكون كل شىء مقنع لدى الجميع. هى مهمة تحتاج لترتيب وتكتيك وذكاء كبير، ناهيك عن الحذر وحساب كل المفاجآت التى تواجهه، هذا ما كان فى فترة الحرب الباردة بين أمريكا وروسيا.. فما بالك لو وجدت تلك الفكرة بحذافيرها تطبق بكل إتقان وبكل دقة وتمكن.. ولا يوجد جواسيس، وإنما هى طبيعة الواقع المعاصر. فعندما نكتشف أن الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ فاعلم أنك تطبق خطة الأمريكان، وعندما تكتشف أن المجتمع لديه كم هائل من الإحباط ناهيك عن الاكتئاب وفقدان الأمل، فاعلم أن تلك المجتمعات تطبق الخطة الأمريكية ذات الفاعلية القوية والمؤكدة وكل شىء يحدث فى صمت تام وبلا أدنى ضجيج. بالخطة الأمريكية تتمكن أن تهدم المجتمعات. هذه الفكرة يمكن أن تفسر لك الكثير مما هو قائم فى الواقع المعاصر.. إنها الخطة الجهنمية تطبق فى صمت وبحرفية كاملة. إن ذلك الأمر يجعلك تشعر بالكثير من الأسى، وعليه تجد نفسك فى حالة من الشلل، فأنت غير قادر على فعل شىء.. فكل ما هو ردىء الآن يتألق فى كل مكان، لذلك لا تجد إلا الصمت، أمريكا هى عدونا الأكبر.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال– أكاديمية الفنون