بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

ونس‭ ‬الدكة

الإيرانيون‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬‮«١»‬

فى‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬كتب‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬بحثًا‭ ‬مهمًا‭ ‬استعرض‭ ‬فيه‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬فى‭ ‬حوليات‭ ‬المؤرخ‭ ‬المصرى‭ ‬التى‭ ‬تصدرها‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬جامعة‭ ‬القاهرة،‭ ‬من‭ ‬دراسة‭ ‬تحمل‭ ‬عنوانًا‭: ( ‬الإيرانيون‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬1875‭-‬1929‭) ‬للدكتور‭ ‬محمد‭ ‬رفعت‭ ‬الإمام،‭ ‬وقد‭ ‬اعتبرها‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬أول‭ ‬دراسة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬تتناول‭ ‬أوضاع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭.‬
يؤكد‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬ان‭ ‬مصر‭ ‬كانت‭ ‬دوما‭ ‬واحة‭ ‬الحرية‭ ‬والأمان‭ ‬فى‭ ‬وسط‭ ‬عالم‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬المضطرب‭. ‬ولذا،‭ ‬استقبلت‭ ‬الإيرانيين‭ ‬شأن‭ ‬أقرانهم‭ ‬من‭ ‬الجاليات‭ ‬الشرقية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وقد‭ ‬استفاد‭ ‬الإيرانيون‭ ‬من‭ ‬أجواء‭ ‬التسامح‭ ‬المصرى‭ ‬والفرص‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتنوعة‭ ‬والحياة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتنوعة‭ ‬والحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬المستقرة‭.‬
ويشير‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬الدراسة‭ ‬بدأت‭ ‬بعام‭ ‬1875،‭ ‬الذى‭ ‬شهد‭ ‬إبرام‭ ‬الاتفاقية‭ ‬العثمانية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التى‭ ‬هيكلت‭ ‬قانونيا‭ ‬أوضاع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬باعتبارها‭ ‬تابعة‭ ‬للدولة‭ ‬العثمانية‭. ‬وانتهت‭ ‬بعام‭ ‬1929،‭ ‬الذى‭ ‬أُعيد‭ ‬فيه‭ ‬هيكلة‭ ‬أوضاع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬قانونيا‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬بعد‭ ‬انفصالها‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬العثمانية‭ ‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬1914‭ ‬وحصولها‭ ‬على‭ ‬الاستقلال‭ ‬الاسمى‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1922،‭ ‬وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الإيرانى‭ ‬سقطت‭ ‬الأسرة‭ ‬القاﭽارية‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1925‭ ‬وحلت‭ ‬محلها‭ ‬الأسرة‭ ‬البهلوية‭.‬
ويقول‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬ان‭ ‬الدراسة‭ ‬استخدمت‭ ‬ثلاثة‭ ‬مصطلحات‭ ‬فى‭ ‬آن‭ ‬واحد‭ ‬لتوصيف‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وهى‭: (‬فرس‭ ‬وعجم‭ ‬وإيرانيون‭)‬،‭ ‬وركزت‭ ‬الدراسة‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬إيرانيون‮»‬‭ ‬على‭ ‬عكس‭ ‬مصطلحى‭ ‬‮«‬فرس‮»‬‭ ‬و‮«‬عجم‮»‬‭ ‬اللذين‭ ‬حملا‭ ‬توجهات‭ ‬سياسية‭ ‬وفكرية‭ ‬وفروقات‭ ‬عرقية‭.‬
كما‭ ‬طرحت‭ ‬الدراسة‭ ‬حسبما‭ ‬يرى‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬عدة‭ ‬تساؤلات‭ ‬من‭ ‬قبيل‭: ‬كيف‭ ‬مارس‭ ‬الإيرانيون‭ ‬بصفتهم‭ ‬جالية‭ ‬شرقية‭ ‬فارسية‭ ‬‮«‬شيعية‮»‬‭ ‬حياتهم‭ ‬وسط‭ ‬منظومة‭ ‬الجاليات‭ ‬الغربية‭ ‬والشرقية‭ ‬بمصر‭..‬؟‭ ‬وكف‭ ‬تعايش‭ ‬الإيرانيون‭ ‬‮«‬الشيعة‮»‬‭ ‬فى‭ ‬الوسط‭ ‬المصري‭ ‬‮«‬السني‮»‬‭..‬؟‭ ‬وما‭ ‬مدى‭ ‬قبول‭ ‬الأخيرين‭ ‬لهم‭..‬؟‭ ‬هل‭ ‬حافظ‭ ‬الإيرانيون‭ ‬على‭ ‬هويتهم‭ ‬‮«‬الفارسية‮»‬‭ ‬وعقيدتهم‭ ‬الشيعية‭ ‬وتقاليدهم‭ ‬المتوارثة‭ ‬وسط‭ ‬المحيط‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬فترة‭ ‬تنامى‭ ‬المد‭ ‬الوطنى‭ ‬المصرى‭ ‬وزخمه‭..‬؟‭ ‬هل‭ ‬نجح‭ ‬الإيرانيون‭ ‬فى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬طيبة‭ ‬مع‭ ‬المصريين‭..‬؟‭ ‬هل‭ ‬نجح‭ ‬الإيرانيون‭ ‬فى‭ ‬إحداث‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬التطورات‭ ‬المصرية،‭ ‬أم‭ ‬أنهم‭ ‬استسلموا‭ ‬لها‭ ‬وانصهروا‭ ‬فى‭ ‬بوتقتها؟
فى‭ ‬19‭ ‬ديسمبر‭ ‬1875،‭ ‬أبرمت‭ ‬الدولتان‭ ‬العثمانية‭ ‬والإيرانية‭ ‬‮«‬مقاولة‭ ‬نامة»؛‭ ‬أى‭ ‬الاتفاقية‭ ‬التى‭ ‬قننت‭ ‬أوضاع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬نزلاء‭ ‬السلطنة‭ ‬العثمانية،‭ ‬وهى‭ ‬الآلية‭ ‬التى‭ ‬انسحبت‭ ‬بالتبعية‭ ‬على‭ ‬الخديوية‭ ‬المصرية‭. ‬وبموجب‭ ‬‮«‬14‮»‬‭ ‬مادة،‭ ‬هيكلت‭ ‬‮«‬المقاولة‭ ‬نامة‮»‬‭ ‬أوضاع‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬منذ‭ ‬النزوح‭ ‬إليها‭ ‬وحتى‭ ‬مغادرتها‭ ‬أحياءً‭ ‬أو‭ ‬أمواتًا،‭ ‬ورسمت‭ ‬الحدود‭ ‬الفاصلة‭ ‬بين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬وبين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬والمصريين،‭ ‬وبين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬والأجانب،‭ ‬وصدرت‭ ‬اختصاصات‭ ‬وصلاحيات‭ ‬السلطات‭ ‬المصرية‭ ‬والشهبندرية‭ ‬الإيرانية‭ ‬إزاء‭ ‬الإيرانيين‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬القطر‭ ‬المصرى‭.‬
يقول‭ ‬الباحث‭ ‬عطا‭ ‬درغام‭ ‬ان‭ ‬بعد‭ ‬إبرام‭ ‬المعاهدة،‭ ‬اندفع‭ ‬الإيرانيون‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬شأن‭ ‬كل‭ ‬الأجانب‭ ‬لقطف‭ ‬ثمار‭ ‬التحديث،‭ ‬وإحراز‭ ‬مكاسب‭ ‬مالية‭ ‬جراء‭ ‬استثمار‭ ‬الحرية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬التى‭ ‬هيمنت‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬المصرية‭ ‬آنذاك‭.‬