بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

نفحات

تحقيق‭ ‬الأهداف

د. ياسين عثمان طه
د. ياسين عثمان طه

على‭ ‬قدر‭ ‬وضوح‭ ‬الهدف‭ ‬وانشغال‭ ‬العقل‭ ‬والقلب‭ ‬والجوارح‭ ‬بتحقيقه،‭ ‬يكون‭ ‬سكون‭ ‬النفس‭ ‬ووقارها،‭ ‬ويكون‭ ‬زهد‭ ‬العبد‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬وما‭ ‬هم‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬على‭ ‬الدنيا‭ ‬ويكون‭ ‬أعراضه‭ ‬عن‭ ‬الدخول‭ ‬فى‭ ‬منافسات‭ ‬ومنازعات‭ ‬وخصومات‭ ‬معهم‭ ‬والعكس‭ ‬بالعكس‭ ‬يكون‭ ‬تعلُّق‭ ‬الإنسان‭ ‬بالدنيا‭ ‬وما‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬لذائذ‭ ‬وزينة‭ ‬وبهرج،‭ ‬ويكون‭ ‬جنوحه‭ ‬للمنافسة‭ ‬والمنازعة‭ ‬والمخاصمة‭ ‬والمجادلة‭ ‬مع‭ ‬الناس،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬فى‭ ‬قلبه‭ ‬من‭ ‬الغفلة‭ ‬عن‭ ‬الهدف،‭ ‬وبقدر‭ ‬ما‭ ‬يتكاسل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬لتحقيق‭ ‬ما‭ ‬عَلِمَ‭ ‬أنه‭ ‬الهدف‭. ‬قال‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭: (‬وَعِبادُ‭ ‬الرَحْمَنِ‭ ‬الَّذِينَ‭ ‬يَمْشُونَ‭ ‬عَلى‭ ‬الأرْضِ‭ ‬هَوْنًا‭ ‬وإذا‭ ‬خاطَبَهُمُ‭ ‬الجاهِلُونَ‭ ‬قالُوا‭ ‬سَلامًا‭) ‬فقوله‭ (‬عبادُ‭ ‬الرَّحمن‭) ‬هذه‭ ‬الإضافة‭ ‬لبيان‭ ‬خصوصيتهم‭ ‬وفضلهم‭ ‬وتميُّزهم‭.. ‬وإلا‭ ‬فالخلق‭ ‬كلهم‭ ‬عبادٌ‭ ‬للرَّحمن‭! ‬فإضفاء‭ ‬هذا‭ ‬اللَّقب‭ ‬عليهم،‭ ‬هو‭ ‬فى‭ ‬الحقيقة‭ ‬تنويهٌ‭ ‬بفضلهم‭ ‬وكريم‭ ‬صفاتهم،‭ ‬وأنه‭ ‬مقربون‭ ‬إلى‭ ‬الله‭. ‬وذكر‭ ‬فى‭ ‬أوَّل‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬من‭ ‬صفاتهم‭ ‬أنهم‭ (‬يمشون‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬هوناً‭).. ‬قال‭ ‬ابن‭ ‬جرير‭: ‬أى‭ (‬بالسَّكينة‭ ‬والوقار‭) ‬أى‭ ‬ليس‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬الخِفَّة‭ ‬والطَّيش‭ ‬والاندفاع‭ ‬والطَّمع‭ ‬والشَّره‭ ‬والسَّفه‭ ‬وقلة‭ ‬العقل‭ ‬والجُنوح‭ ‬إلى‭ ‬الجدل‭ ‬والخصومة،‭ ‬كما‭ ‬يكون‭ ‬فى‭ ‬غيرهم‭ ‬ممَّن‭ ‬لم‭ ‬يتصف‭ ‬بصفاتهم‭ ‬ويهتدى‭ ‬بهديهم‭. ‬قال‭ ‬الحسن‭ ‬البصرى‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭: ‬إنَّ‭ ‬المؤمنين‭ ‬قومٌ‭ ‬ذُلُلٌ‭ (‬أى‭ ‬انكسرت‭ ‬شوكة‭ ‬نفوسهم‭ ‬وانقطع‭ ‬عنهم‭ ‬الطَّمع‭ ‬فى‭ ‬شىءٍ‭ ‬ممَّا‭ ‬فى‭ ‬الدُّنيا‭) ‬ذلَّت‭ ‬منهم‭ - ‬والله‭ - ‬الأسماعُ‭ ‬والأبصار‭ ‬والجوارح‭ ‬حتى‭ ‬تحسَبهم‭ ‬مرضى،‭ ‬وما‭ ‬بالقوم‭ ‬مِن‭ ‬مرض‭ ‬وإنهم‭ - ‬والله‭ - ‬لأصحاء‭ ‬ولكنَّهم‭ ‬دخلهم‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يدخل‭ ‬غيرهم‭ ‬ومنعهم‭ ‬من‭ ‬الدُّنيا‭ ‬علمُهُم‭ ‬بالآخرة‭ ‬فقالوا‭: ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬الذى‭ ‬أذهب‭ ‬عنا‭ ‬الحزن‭. ‬أما‭ ‬والله‭ ‬ما‭ ‬أحزنهم‭ ‬حزنُ‭ ‬الناس‭ (‬أى‭ ‬لا‭ ‬يُحزنهم‭ ‬الذى‭ ‬يُحزِنُ‭ ‬الناس‭ ‬عادةً‭) ‬ولا‭ ‬تعاظَمَ‭ ‬فى‭ ‬نفوسهم‭ ‬شىءٌ‭ ‬طلبوا‭ ‬به‭ ‬الجنة‭ (‬أى‭ ‬ذهب‭ ‬عنهم‭ ‬التَّعلُّق‭ ‬والشَّوق‭ ‬لشىءٍ‭ ‬من‭ ‬الدنيا‭ ‬تركوه‭ ‬للآخرة‭) ‬أبكاهم‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬النار‭ ‬وإنَّه‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يتعزَّ‭ ‬بعزاء‭ ‬الله‭ (‬أى‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬فيما‭ ‬وعد‭ ‬اللهُُ‭ ‬ما‭ ‬يُصبِّره‭ ‬عن‭ ‬الدُّنيا‭) ‬تقطَّعُ‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الدُّنيا‭ ‬حسرات‭ ‬ومن‭ ‬لم‭ ‬ير‭ ‬لله‭ ‬نعمة‭ ‬إلَّا‭ ‬فى‭ ‬مَطعمٍ‭ ‬أو‭ ‬فى‭ ‬مَشربٍ،‭ ‬فقد‭ ‬قلَّ‭ ‬عِلمُه‭ ‬وحَضَرَ‭ ‬عذابه‭.‬