بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

أَمْيَز‭ ‬النساء

الأمُ‭ ‬هى‭ ‬أَمْيَز‭ ‬النساء،‭ ‬فهى‭ ‬مصدر‭ ‬العطف‭ ‬والأمان‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬حولها،‭ ‬وهى‭ ‬التى‭ ‬تحمل‭ ‬طفلها‭ ‬تسعة‭ ‬أشهر‭ ‬وتتحمل‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬المتاعب‭ ‬والمصاعب‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬الحمل،‭ ‬وبعد‭ ‬ولادته‭ ‬تبدأ‭ ‬معه‭ ‬رحلة‭ ‬جديدة‭ ‬فى‭ ‬الحياة‭.‬
وتحتفل‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬فى‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬بعيد‭ ‬الأم،‭ ‬وكان‭ ‬أول‭ ‬احتفال‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬عام‭ ‬‮١٩٠٨‬،‭ ‬عندما‭ ‬أقامت‭ ‬‮«‬آنا‭ ‬جارفيس‮»‬‭ ‬ذكرى‭ ‬لوالدتها‭ ‬فى‭ ‬أمريكا‭. ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬بدأت‭ ‬حملة‭ ‬لجعل‭ ‬عيد‭ ‬الأم‭ ‬معترفا‭ ‬به‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وفى‭ ‬عام‭ ‬‮١٩١٢‬‭ ‬أنشأت‭ ‬‮«‬آنا‭ ‬جارفيس‮»‬‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬ليوم‭ ‬الأم،‭ ‬لتكريم‭ ‬الأمهات‭ ‬وتأكيد‭ ‬دورهن‭ ‬فى‭ ‬المجتمع‭ ‬وتأثيرهن،‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬عانته‭ ‬الأمهات‭ ‬فى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الأوروبية‭ ‬والغربية‭ ‬من‭ ‬إهمال‭ ‬الأبناء‭ ‬لهن،‭ ‬وعدم‭ ‬رعايتهن‭ ‬الرعاية‭ ‬الكاملة،‭ ‬فأرادت‭ ‬‮«‬جارفيس‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬يوماً‭ ‬فى‭ ‬السنة‭ ‬لتُذكر‭ ‬الأبناء‭ ‬بأمهاتهم‭. ‬
ويختلف‭ ‬تاريخ‭ ‬عيد‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى،‭ ‬ففى‭ ‬العالم‭ ‬العربى‭ ‬يكون‭ ‬اليوم‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬فصل‭ ‬الربيع‭ ‬والموافق‭ ‬يوم‭ ‬‮٢١‬‭ ‬مارس،‭ ‬بينما‭ ‬يكون‭ ‬الاحتفال‭ ‬بهذا‭ ‬اليوم‭ ‬فى‭ ‬‮٢‬‭ ‬فبراير‭ ‬فى‭ ‬النرويج،‭ ‬و‮٢٢‬‭ ‬ديسمبر‭ ‬فى‭ ‬إندونسيا،‭ ‬أما‭ ‬فى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وألمانيا‭ ‬فيكون‭ ‬الاحتفال‭ ‬فى‭ ‬الأحد‭ ‬الثانى‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬مايو‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬التواريخ‭ ‬التى‭ ‬تتباين‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬للاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الأم‭.‬
وإذا‭ ‬كان‭ ‬للأم‭ ‬يوم‭ ‬فى‭ ‬السنة‭ ‬يتم‭ ‬الاحتفال‭ ‬بتكريمها‭ ‬فيه،‭ ‬فقد‭ ‬أوصى‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬بالأم‭ ‬وأكد‭ ‬تكريمها‭ ‬فى‭ ‬الأوقات‭ ‬كلها،‭ ‬وكرر‭ ‬تلك‭ ‬الوصية‭ ‬لفضل‭ ‬الأم‭ ‬ومكانتها،‭ ‬فقال‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬فى‭ ‬سورة‭ ‬الإسراء‭: ‬‮«‬وَقَضَى‭ ‬رَبُّكَ‭ ‬أَلا‭ ‬تَعْبُدُوا‭ ‬إِلا‭ ‬إِيَّاهُ‭ ‬وَبِالْوَالِدَيْنِ‭ ‬إِحْسَاناً،‭ ‬إِمَّا‭ ‬يَبْلُغَنَّ‭ ‬عِنْدَكَ‭ ‬الْكِبَرَ‭ ‬أَحَدُهُمَا‭ ‬أَوْ‭ ‬كِلاهُمَا‭ ‬فَلا‭ ‬تَقُلْ‭ ‬لَهُمَا‭ ‬أُفٍّ‭ ‬وَلا‭ ‬تَنْهَرْهُمَا‭ ‬وَقُلْ‭ ‬لَهُمَا‭ ‬قَوْلاً‭ ‬كَرِيماً‭ * ‬وَاخْفِضْ‭ ‬لَهُمَا‭ ‬جَنَاحَ‭ ‬الذُّلِّ‭ ‬مِنَ‭ ‬الرَّحْمَةِ‭ ‬وَقُلْ‭ ‬رَبِّ‭ ‬ارْحَمْهُمَا‭ ‬كَمَا‭ ‬رَبَّيَانِى‭ ‬صَغِيراً‮»‬‭.. (‬سورة‭ ‬الإسراء،‭ ‬الآيتان‭ ‬‮٢٣‬‭-‬‮٢٤‬‭)‬،‭ ‬فالأم‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬عظيمة‭ ‬وقد‭ ‬أُمرنا‭ ‬بطاعتها‭ ‬والإحسان‭ ‬إليها‭ ‬وبرها‭.‬
وعن‭ ‬أبى‭ ‬هريرة‭ ‬رضى‭ ‬الله‭ ‬عنه‭ ‬قال‭: ‬‮«‬جاء‭ ‬رجل‭ ‬إلى‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ - ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭- ‬فقال‭: ‬يا‭ ‬رسول‭ ‬الله،‭ ‬من‭ ‬أحق‭ ‬الناس‭ ‬بحسن‭ ‬صحابتي؟‭ ‬قال‭: ‬أمك،‭ ‬قال‭: ‬ثم‭ ‬من؟‭ ‬قال‭: ‬أمك،‭ ‬قال‭: ‬ثم‭ ‬من؟‭ ‬قال‭: ‬أمك،‭ ‬قال‭: ‬ثم‭ ‬من؟‭ ‬قال‭: ‬أبوك‭ (‬متفق‭ ‬عليه‭). ‬ويبرز‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬حظيت‭ ‬به‭ ‬الأم‭ ‬من‭ ‬تكريم‭ ‬خاص‭ ‬فى‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامى،‭ ‬فجعل‭ ‬لها‭ ‬مراتب‭ ‬عالية‭ ‬ومتميزة‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬البشر‭.‬
وإذا‭ ‬رأى‭ ‬بعضهم‭ ‬أن‭ ‬الاحتفال‭ ‬بعيد‭ ‬الأم‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬تقليد‭ ‬أعمى‭ ‬للغرب‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬أصل‭ ‬من‭ ‬الصحة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأم‭ ‬وبرها‭ ‬يكون‭ ‬طوال‭ ‬العام،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬فى‭ ‬الشرع‭ ‬ما‭ ‬يمنع‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مناسبة‭ ‬لذلك‭ ‬يعبر‭ ‬فيها‭ ‬الأبناء‭ ‬عن‭ ‬برهم‭ ‬بأمهاتهم؛‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬تنظيمى‭ ‬لا‭ ‬حرج‭ ‬فيه،‭ ‬ويعد‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬تكريم‭ ‬الأم‭ ‬والاحتفاء‭ ‬بها‭ ‬وحسن‭ ‬برها،‭ ‬فمن‭ ‬منا‭ ‬فى‭ ‬طفولته،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬أى‭ ‬فكر‭ ‬متشدد،‭ ‬لم‭ ‬يهد‭ ‬أمه‭ ‬هدايا‭ ‬عيد‭ ‬الأم؛‭ ‬التى‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬فى‭ ‬بساطتها،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬اختيارها‭ ‬باهتمام‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مجرد‭ ‬رؤية‭ ‬بسمة‭ ‬صادقة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الأم،‭ ‬تزيل‭ ‬عنها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬واجهته‭ ‬وما‭ ‬تواجهه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تربية‭ ‬الأبناء‭!‬
وفى‭ ‬النهاية،‭ ‬فليبارك‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬عمرك‭ ‬يا‭ ‬أمى‭.. ‬وليحفظك‭ ‬يا‭ ‬أَمْيَز‭ ‬النساء‭.‬

أستاذ‭ ‬الإعلام‭ ‬المساعد‭ ‬بكلية‭ ‬الآداب
جامعة‭ ‬المنصورة