بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

أم عمر.. بين صعاب الحياة وغلاء الأسعار تحارب لتحيا

بوابة الوفد الإلكترونية

 لا فرق بين طقس بارد وطقس حار حارق.. مهما كان الطقس، وأينما كان الوضع، تواصل "أم عمر" عملها كعاملة زراعية باليومية في الحقول المترامية داخل محافظة الإسماعيلية، تستقل، وعدد من نسوة القرية، قبل شروق الشمس، ظهر سيارة نصف نقل تنطلق بهن يوميًا من قريتهن والقرى المجاورة على الطرق السريعة والوعرة حتى الوصول للحقل، وبعدما يتمكن من إتمام مهمتهن في جمع المحاصيل الزراعية تعاود بهن السيارة نفسها التي يتكدسن أعلاها لتلقي بهن بالقرب من منازلهن.

 

رحلة شاقة يصارعن فيها مخاطر الطريق وهن في العراء ليتمكن من الوصول لمقر عملهن الذي لا يجدن فيه أي وسائل للحماية من صعوبة الطقس نظير أجر محدود لا يتعدى الـ120 جنيهًا يوميًا.. وعقب انتهاء عملها تهرع أم عمر نحو منزلها مسرعة وقد قاربت الشمس على الغروب لتستقبل أطفالها الذين عادوا من المدرسة وفي انتظار تناول وجبة العشاء سويًا أمام شاشة التلفاز الذي تتكبد منذ عامين دفعأقساطه.

 انفصلت أم عمر عن زوجها منذ سنوات عدة، ولأن طليقها هو الآخر ليست لديه وظيفة، فلم تتمكن من الحصول على نفقة معيشة لأطفالها مما اضطرها للنزول للعمل.

 تعمل أم عمر من 3 إلى 4 أيام في الأسبوع، حسب توافر العمل وموسم الحصاد.. الأجرة يوميا 120 جنيهًا بما يعني نحو 1500 جنيه شهريًا، تدخر منها 500 جنيه شهريًا إيجار الغرفة والصالة التي تسكن فيها مع أطفالها، لتجد نفسها أمام 1000 جنيه عليها أن تدبر نفقاتها بهم مع طفليها وسط ارتفاع في الأسعار غير مسبوق.

 اليوم أنهت أم عمر ورفيقاتها في الحقل العمل مبكرًا، ورغم أن الأجر اليوم أقل إلا أنها تجد لديها متسعًا من الوقت لتصل للمنزل قبل عودة أطفالها من المدرسة لتصنع لهم طعام الغداء.. وهو طبق من البطاطس المقلية والباذنجان والخبز، وفي المساء تقوم بتقطيع حبات من الفراولة التي أعطاها لها صاحب الحقل أثناء عملها في تجميع المحصول، وتقول أم عمر "كنت أعمل حتى أطعم أطفالي وأوفر مصاريف الدراسة لهم"، ولكن الآن لم يعد الدخل يكفي الأكل ولم أستطع توفير مصاريف الدراسة اليومية من مستلزمات مدرسية وتمن الدروس، وهو ما دفعها للموافقة على عمل طفلها معها أيام العطلة الأسبوعية حتى تتمكن من توفير أقل القليل من مصروفات الدراسة.

 تقول "أم عمر": “كل جنيه بنجيبه بيكون بعرق وتعب.. الهوا واحنا راكبين العربية في عز البرد بينحل في جتتنا، والطين شقق أيدينا، وتنية الظهر وإحنا بنحصد قسمت وسطنا.. وفي الآخر كم جنيه مش عارفين حتى نوكل عيالنا بها عيش حاف، وتابعت، ”أنا مش لوحدي ده حال كل الستات اللي شغالين معانا، إحنا بنسمع عن زيادة مرتبات الموظفين، وإنهم مش عارفين يعيشوا، فما بالك بنا لا دخل ثابت ولا زيادة والأسعار كل يوم في الطالع".

 وتواصل: “إحنا شغالين حسب الموسم، في الشتاء بنجمع فراولة وفاصوليا وبسلة، وفي الصيف مانجة وسوداني ”وبنشتغل يومين أو تلاتة في الأسبوع مش كل يوم، لكن لما بيكون في شغل بنروح كل يوم رغم التعب بس مفيش ادامنا خيار تاني“، وأضافت لو في يوم تعبت ولا حد من العيال تعب واضطريت أقعد جمبه مفيش دخل أجيب به الدوا”.

 وتنتشر في قرى الإسماعيلية مزارع الفراولة التي يبدأ موسم حصادها منذ منتصف يناير الماضي، وتستمر حتى نهاية مايو المقبل، ويعمل في جمع الفراولة الآلاف من العاملين والعاملات مقابل أجر يومي يتراوح ما بين 120 إلى 150 جنيهًا يوميًا، يستعين أصحاب الحقول بالعمال الزراعيين مرتين في الأسبوع لحصاد المحصول وتعبئته قبل تحميله ونقله لأسواق الجملة ومصانع الحلوى والمربى.