بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الأسماك.. زيادة فى الإنتاج.. والأسعار أيضاً!

بوابة الوفد الإلكترونية

الأسماك كانت دائمًا الغذاء الذى يقال عليه إنه فى متناول الجميع، ويلجأ إليه المواطن عند ارتفاع أسعار اللحوم أو الدواجن، لكن الموقف تغير كثيرًا خلال الفترة الماضية، وأصبحت الأسماك بعيدة المنال بعد القفزات الجنونية فى أسعارها. 

فقد ارتفعت أسعار الأسماك التى توصف بأنها شعبية مثل البلطى والبورى والفيليه بشكل كبير، فمثلًا البلطى وصل إلى 80 و90 جنيهًا، والبورى إلى 130 جنيهًا، والفيليه إلى 160 جنيهًا، بعدما كانت هذه الأنواع لا يزيد ثمنها على 50 جنيهًا. 

جاء ذلك رغم توسع الدولة فى مشروعات تنمية الثروة السمكية خلال السنوات الماضية، وزيادة مساحات الاستزراع السمكى، والتى كان من أهم أهدافها تغذية السوق المحلى باحتياجاته من الأسماك. 

وكشف تقرير صادر عن جهاز تنمية البحيرات والثروة السمكية التابع لوزارة الزراعة، عن أن إجمالى الإنتاج السنوى من الأسماك، بلغ مليونى طن خلال 2022، ووصلت نسبة الاكتفاء الذاتى 85% من الاحتياجات.

وأوضح التقرير أن مصر احتلت المركز الأول أفريقيا والسادس عالميًا فى الاستزراع السمكى، والثالث فى إنتاج أسماك البلطى، متوقعًا زيادة نسبة الاكتفاء الذاتى وفوائض التصدير مع دخول كل المشروعات القومية الإنتاج بكامل طاقتها.

وأشار إلى أن المزارع السمكية الموجودة فى مصر، إما تابعة للقطاع الخاص وقطاع الأعمال أو مزارع ملك للدولة يؤجرها الجهاز للعديد من المستأجرين، أو مزارع خاصة به، حيث يفوق عدد المزارع أكثر من 7000 مزرعة، بإجمالى 320 ألف فدان.

وأوضح إلى أن البحيرات المصرية منذ 5 سنوات كانت تنتج 170 ألف طن، لكنها تنتج الآن 220 ألف طن، ونهر النيل كان ينتج نحو 58 ألف طن، والآن يفوق الـ78 ألف طن، والمزارع السمكية كانت تنتج منذ 7 سنوات مليونًا و100 ألف طن، لكن الآن تنتج مليونًا و600 ألف طن.

كما أنه منذ 5 سنوات كان الإنتاج الإجمالى من الثروة السمكية نحو مليون و600 ألف طن، والآن يفوق 2 مليون طن. 

وكشف الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن أن قيمة صادرات مصر من الأسماك خلال 2022 بلغت نحو 54 مليونًا و559 ألف دولار، تتنوع بين الاستاكوزا والبلطى والجمبرى والقراميط والسبيط وغيرها من الأنواع. 

عبده عثمان 

وقال عبده عثمان نائب رئيس شعبة الأسماك إن سوق السمك مثله كباقى الأسواق يتوقف على مبدأ العرض والطلب، وكلما كان العرض أكبر من الطلب تنخفض الأسعار والعكس صحيح. 

وأوضح عثمان، أنه فى فترة سابقة كان يتم تصدير السمك البلطى والبورى مثلًا إلى المملكة العربية السعودية، وحينها ارتفعت أسعارهما فى الأسواق بشدة، ثم طالبنا بوقف التصدير وفعلًا استجابت الدولة، لذلك انخفض السعر إلى ٣٠ جنيهًا وعاد لطبيعته، إلا أن التصدير عاد مرة أخرى بطرق مختلفة مثل النقل إلى الأردن أولًا ثم إلى السعودية. 

وأشار إلى أنه يؤيد وقف تصدير الأسماك لتوفيرها فى السوق المحلى حتى تنخفض أسعارها مرة أخرى، متسائلًا كيف يكون لدينا ارتفاع فى أسعار سلعة ثم نقوم بتصديرها؟!

كانت الدكتورة مها عبدالناصر، عضو مجلس النواب، قد توجهت بسؤال لكل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الزراعة واستصلاج الأراضى بشأن الأزمة التى يشهدها قطاع الثروة السمكية فى مصر فى الآونة الأخيرة.

وقالت «عبدالناصر» فى سؤال: «كحال معظم السلع فى مصر سقط قطاع الثروة السمكية فى مصر فى شباك الأزمة الاقتصادية العصيبة التى تمر بها البلاد فى الآونة الأخيرة، وفوجئنا جميعا بارتفاع غير مسبوق فى أسعار الأسماك بمختلف أنواعها، وخاصة البلطى والبورى التى تعتبر الأكثر استهلاكا من جانب المواطن البسيط». 

وأضافت قائلة: «فإذا نظرنا إلى الأنواع الأعلى سعرا من الأسماك والقشريات ذات القيمة الغذائية المرتفعة فإننا نجد أرقاما فلكية بالكاد يستطيع المواطنون من الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة تحملها وبالطبع لا يستطيع أى مواطن من الطبقات الأقل حظا مجرد التفكير فيها».

وأوضحت أن هناك حالة من التضارب فى التصريحات والقرارات الحكومية والتى أتت جميع نتائجها بشكل عكسى على قطاع الثروة السمكية، خاصة التصريحات التى تشير إلى أن إنتاجنا السنوى من الأسماك 2 مليون طن بنسبة اكتفاء ذاتى تصل إلى حوالى 85 %، وأن الدولة المصرية تحتل المركز الأول أفريقيا والسادس عالميا فى الاستزراع السمكى وتحتل أيضاً المركز الثالث فى إنتاج السمك البلطى.

وتساءلت: «ما هى النتائج والأهداف التى تحققت فى قطاع الثروة السمكية فى مصر من وراء إنشاء الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية؟ وما هى النتائج والأهداف التى تحققت بعد افتتاح مشروع بركة الغليون للاستزراع السمكي؟ ولماذا قفزت أسعار الأسماك بهذا الشكل الجنونى فى حين أن مصر تحقق نسبة اكتفاء ذاتى يقرب من 85%». 

خبراء: المحاصيل الاستراتيجية وتشجيع الاستثمار.. أبرز الحلول

 

أكد خبراء اقتصاديون أن مشكلة إحداث التوازن بين احتياجات السوق المحلى والتصدير حاليًا لها عدة حلول ومن السهل تنفيذها، وتعود بالفائدة على الحكومة والمواطن، وتحقق هدف الدولة بزيادة العوائد الدولارية من الصادرات، وتحقق هدف المواطن بتوفير السلع فى الأسواق بأسعار رخيصة. 

وأوضح الخبراء، أن من ضمن هذه الحلول، التوسع فى زراعة المحاصيل التى ترتفع أسعارها ضمن مشروع الـ 100 ألف صوبة، والمشروعات الزراعية الجديدة، بالإضافة إلى منح الأراضى للشباب والمستثمرين مجانًا سواء فى المجال الزراعى أو الصناعى، ما يؤدى إلى زيادة الإنتاج وتوفير السلع للسوق المحلى بأسعار معقولة، ثم تصدير الفائض لتحقيق العوائد الدولارية. 

الدكتور جمال صيام

فى هذا السياق، قال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة، إن هناك حلولًا عديدة لتحقيق التوازن بين احتياجات السوق المحلى والتصدير، وحل المعضلة التى تواجه الحكومة حاليًا بالاستمرار فى التصدير أم سد احتياجات السوق المحلى. 

وأوضح، أن هناك التزامات تصديرية على الدولة يجب الوفاء بها، لأن هناك عقودًا تم توقيعها لاستيراد سلعة معينة ولتكن البصل مثلًا، ولذلك يجب الالتزام بتصدير الكميات المتعاقد عليها لأننا إذا خسرنا أى سوق تصديرى سيكون من الصعب إيجاده مرة أخرى، مشيرًا إلى أن السوق المحلى يتوازن فى فترات معينة بسبب مواعيد زراعة المحاصيل وكل عروة لها توقيت محدد، ولكن المهم هو عدم وجود ممارسات ضارة بالسوق مثل حجب السلعة عن المواطنين، ووقتها تحدث الأزمات. 

وأكد أستاذ الاقتصاد الزراعى، أننا لا نستطيع منع التصدير خاصة مع ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه والذى يشجع المنتجين على التصدير بلا شك، ولذلك الحكومة لن تفكر فى إصدار قرارات بمنع التصدير وبالذات أنها تحتاج إلى العملة الصعبة بسبب الأزمة التى تعانى منها حاليًا، لأن حل مشكلات السوق المحلى ليست بمنع تصدير السلعة، لأن سلعة مثل البصل يتم تصدير 300 أو 400 ألف طن منها وهذه الكمية القليلة لن تحل مشكلات ارتفاع الأسعار فى السوق المحلى إذا منعنا تصديرها. 

وأضاف: «لكن الحل هو زيادة مساحة زراعة السلع التى ترتفع أسعارها محليًا من خلال مشروع الـ100 ألف صوبة وغيرها من المشروعات الزراعية الجديدة، وبالتالى يزيد الإنتاج محليًا والفائض يكون للتصدير لجذب العملة الصعبة، لأن الدولة لن تستطيع التنازل عن عوائد التصدير، ولذلك يجب استغلال المشروعات الزراعية الجديدة فى زراعة الأصناف التى ترتفع أسعارها محليًا من خلال إعطاء حوافز للمنتجين ووضع سياسات لتحفيزهم بإنتاج المحاصيل بشكل أكبر». 

وأشار «صيام»، إلى أنه من الممكن أيضاً استخدام حل تحميل المحاصيل الزراعية على بعضها البعض لزيادة الإنتاج مثل تحميل البصل على القطن الذى تتم زراعته على مساحة 300 ألف فدان، ما يعنى زيادة إنتاجية البصل بحجم 300 ألف فدان إضافية، مشيرًا إلى أن تحميل محصول على آخر يعنى زراعتهما فى نفس التوقيت معًا دون ضرر على المحصول الرئيسى، ومن الممكن أيضاً تحميل الفول الصويا مع الذرة فى 2 مليون فدان، وبالتالى نوفر من فاتورة استيراد الفول الصويا ونخفف الأعباء على الدولة. 

وتساءل «صيام» قائلًا: لماذا لا يتم تحميل المحاصيل على بعضها البعض حتى الآن، وأين دور وزارة الزراعة والإرشاد الزراعى والجمعيات التعاونية، لأن هذه الجهات مسئولة عن ذلك، كما يجب أن تساعد الفلاح فى الزراعة بهذا الأسلوب وتوجيهه إليه، ومساعدته فى النواحى المالية التى لن يستطيع تحملها مع توزيع التقاوى على الفلاحين كنوع من الحوافز والتشجيع؟!». 

وأكد أنه مع زيادة إنتاج هذه المحاصيل سوف يتم تسويقها وتنخفض أسعارها على المواطنين ووقتها تتحقق الاستفادة لكل عناصر المنظومة سواء الفلاح أو الحكومة أو المستهلك. 

أحمد خزيم 

من جانبه قال أحمد خزيم الخبير الاقتصادى، إن التضخم وزيادة الأسعار ناتجة عن زيادة الطلب وانخفاض المعروض من السلع، وعلاج هذه المشكلة هى زيادة كمية المعروض فى المحاصيل الأساسية.

وأوضح «خزيم»، أنه يجب التفكير بطرق غير تقليدية والاتجاه إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة واستصلاح الأراضى خصوصًا وأننا نعيش على 10% فقط من مساحة مصر، مع ضرورة إعطاء الأراضى للشباب مجانًا وتوفير البنية الأساسية لهذه الأراضى، لأن ذلك يسهم فى تحقيق الهدف الأهم وهو توفير كميات أكبر من السلع فى الأسواق وانخفاض الأسعار فى النهاية، ومقابل إعطاء الأرض مجانًا تحصل الدولة على حقها من الإنتاج بنسبة معينة سنويًا حتى تنتهى قيمة الأرض. 

وأشار الخبير الاقتصادى، إلى أنه فى حالة توفير الأراضى للشباب وزيادة الإنتاج سيتحول هؤلاء الشباب إلى مستثمرين صغار ورواد يستطيعون تصدير الفائض من محاصيلهم فيما بعد، وبالتالى نضرب عصفورين بحجر واحد، فمن ناحية يستفيد السوق المحلى بالإنتاج وانخفاض الأسعار، ومن ناحية أخرى تستفيد الحكومة بالعوائد الدولارية من تصدير الفائض، ولذلك فإن حل المعادلة الصعبة التى تواجه الحكومة حاليًا هو الإنتاج ولا شىء غيره سواء زراعيًا أو صناعيًا أو سياحيًا أو أى مجال آخر. 

وأكد «خزيم»، أن إعطاء الحكومة الأراضى مجانًا للمستثمرين الزراعيين أو الصناعيين لا يعنى أنها تخسر، بل العكس فهى تكسب بنسبة أكبر لأن هؤلاء المستثمرين يستثمرون أموالهم فى هذه الأراض، ثم يبيعون إنتاجهم فى السوق المحلى والتصدير، وكل هذه عوائد للدولة سواء فى شكل ضرائب أو عوائد دولارية أو انخفاض الأسعار فى السوق المحلى ورضاء الناس وعدم سخطهم. 

وأضاف: «هذا الحل يعتبر من الحلول متوسطة الأجل، أما الحلول السريعة وقصيرة الأجل فمن الممكن أن تكون اتخاذ الحكومة قرار بإعفاء جميع المنشآت السياحية بداية من التاكسى والبازارات حتى الغرف السياحية فى الفنادق وأسعار تذاكر الطيران من الرسوم والضرائب لمدة عام واحد، بشرط توجيه هذا الإعفاء لاستهداف سياح دولة معينة كالصين مثلًا التى يخرج منها سنويًا 160 مليون سائح، وبهذا الإعفاء نستهدف 10% منهم فقط أى 16 مليونًا، يجلبون للخزينة العامة نحو 16 مليار دولار نحل بهم أزمة نقص العملة الصعبة، التى تعتبر السبب الأكبر فى ارتفاع الأسعار محليًا».