بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

التجربة السعودية (2)‏

تناولنا فى المقال السابق عدة عوامل كانت منها الأسباب الحقيقية لبداية نهوض المملكة كقوة ‏إقليمية وعالمية، والتى تمثلت فى القرارات الشجاعة والقوية لسمو الأمير محمد بن سلمان، أما ‏السؤال الأهم فهو كيف تخلصت المملكة من دولاب الجهاز الحكومى البيروقراطى المستمد ضمنيا ‏من الهيكل الوظيفى من الجهاز الحكومى المصري؟

تلك هى المعضلة الكبيرة التى تواجه القيادة السياسية المصرية فى مشوار التنمية التى تحاول ‏القيام به؛ لأن دولاب الجهاز الحكومة المصرى بمثابة عقل جمعى صلب منفصل تمامًا عن ‏الثورة العلمية ومشتقاتها المختلفة التى تعمل من خلالها أنظمة الحكم فى كل دول العالم، فلا ‏يعقل أن يقود ذلك العقل الصلب المتجمد أى عمل للتنمية لأنه يمثل مكمن مشاكل مصر ‏وأوجاعها، ومن هنا سنطرح ما قامت به السعودية من خطة عمل ممنهجة وقوية كإحلال ‏وتجديد للتخلص من بيروقراطية وعتاقة دولاب الجهاز الحكومى القديم.

قامت رؤية المملكة 2030 على عدة محاور عملية لقيادة العملية التنموية بكل مكوناتها ‏والعمل عن تنوع مصادرها، ولا يمكن القيام بذلك فى ظل بيروقراطية جهاز حكومى مترهل ‏متشبع بالتراخى والإهمال كما هو فى مصر الآن، فوضعت خطة «الجودة ‏الإدارية» التى كان من ضمن أهدافها التحول الكلى فى كل قطاعات الدولة إلى العمل بالرقمنة ‏والحوكمة، وللتحول إلى ذلك لا يمكن الاعتماد على عنصر بشرى داخل دولاب أجهزة الدولة ‏البيروقراطية؛ لأنه بدوره سيقاوم ذلك ويكون عائقًا كبيرًا أمام التطبيق.

ولذلك اعتمدت الرؤية على خطة عمل رائعة قائمة على التوليد والتبديل، وقد ‏نجحت نجاحًا كبيرًا، وأتمنى أن تقتدى بها مصر، فقد قامت المملكة بتكوين شركات ‏ومؤسسات عمل شبه حكومية بعيدًا عن لائحة العمل والأجور التى تقود أجهزة الدولة ‏الحكومية، فكل الوزارات والهيئات الحكومية أسست لها شركات وهيئات شبه حكومية ‏تضم شبابًا من أجيال الثورة الرقمية أصحاب الخبرات والكفاءات الكبيرة، يكون دور تلك ‏الشركات والهيئات المساعدة بأداء دور الوزارات الهيئات الحكومية بشكل علمى مخطط له.

‏ومع مرور السنوات بدأ يتقلص ويتراجع دور البيروقراطية الحكومية ويتسع دور المؤسسات ‏شبه الحكومية لتحتل وتتواجد فى المكان القديم، وتنصهر كل مؤسسات المملكة فى القطاع الخاص ‏والعام داخل الحوكمة والرقمنة التكنولوجية، ومعها اختفت كل مسببات البيروقراطية واختفت ‏مظاهر الفساد بكل مشتقاته وأنواعه، مع تراجع وتحجيم دور العنصر البشرى.‏

والان تنطلق المملكة نحو القمة عن طريق رؤية 2030 والشق الاقتصادى فيها القائم على ‏تحويل الرياض إلى مركز مالى واقتصادى للشرق الأوسط، وبالفعل بدأ رجال الأعمال ‏يتوافدون على المملكة بعد أن وجدوا فيها كل متطلبات الاستثمار الآمن، ومشروع ‏نيوم التاريخى وما سيمثله من نقلة قوية وكبيرة ليس للمملكلة فقط بل لكل دول المنطقة، لما ‏يمثله من فكر مستقبلى سيحكم العالم، والقائم على متطلبات الطاقة النظيفة مع متطلبات ‏مكونات الذكاء الاصطناعي، وقد صرح رجل الأعمال المصرى الشهير سميح ساويرس ‏بتطلعه لتنفيذ مشروع على غرار مدينة الجونة المصرية فى المملكة.

ولمن لا يعلم فإننى ابن شركة أوراسكوم للتنمية السياحية المملوكة لرجل الأعمال المصرى ‏سميح ساويرس والتى قامت بإنشاء مدينة الجونة فى مصر وسويسرا، وكان لى شرف ‏الاشتراك فى إنشاء مدينة الجونة بمصر، وقد عملت بها فى بداية حياتى منذ عام 1994 إلى ‏عام 2000 تقريبا كمدير للموارد البشرية بمواقعها العملية، وما أود طرحه أن تلك الشركة ‏لما تمتلكه من عنصر بشرى وخبرات عملية هى من أفضل الشركات فى العالم، ووجودها فى ‏السعودية سيكون إيجابيًّا ومؤثرًا لما تمتلكه السعودية من معطيات عملية ستستفيد من خلالها ‏أكبر استفادة عملية من إمكانيات تلك الشركة العملاقة والتى أجزم أن المملكة ستعمل من ‏خلالها على توطين خبرات وطنية فى ذلك المجال، وستوفر لها المناخ الملائم لتكون قاطرة ‏صناعة السياحة فى المملكة.‏

[email protected]