بدون رتوش
القنابل العنقودية ومعادلة الحرب!
فجأة وعلى غير انتظار اتخذ «جو بايدن» قرارًا يقضى بمد أوكرانيا بالقنابل العنقودية على الرغم من النصائح التى ساقها خبراء عسكريون إلى أن هذه القنابل ستتيح للقوات الأوكرانية تدمير شبكات الخنادق التى حفرتها روسيا على مدار الأشهر الماضية، وهو ما فشلت «كييف» فى تحقيقه من قبل خلال هجوم الربيع؛ مما سبب انزعاجًا كبيرًا فى العواصم الأوروبية. حاول الرئيس الأمريكى «جو بايدن» تبرير إقدامه على اتخاذ القرار الصعب عندما قال: (اتخاذ القرار استغرق بعض الوقت من أجل إقناعه بالقيام به)، وهو ما يعنى أنه اضطر إلى اتخاذه بسبب أن ذخيرة الأوكرانيين تنفد. ولهذا جاء قراره بعد أن تحدث مع الحلفاء بشأنه، ومن ثم تم اتخاذ القرار قبل قمة الناتو التى عقدت يومى 11، و12 يوليو الجارى فى ليتوانيا. وفى معرض دعم قرار «بايدن» أشار مستشار الأمن القومى «جيك سوليفان» إلى أن المسئولين الأمريكيين يدركون أن القنابل العنقودية تشكل خطرًا على المدنيين، ولهذا اضطرت أمريكا إلى تأجيل اتخاذ القرار لأطول فترة ممكنة وأضاف: (إن المدفعية الأوكرانية تحتاج إلى إمدادات ضخمة، بينما تكثف أمريكا الإنتاج المحلى، ولن نترك أوكرانيا بلا حماية فى أى مرحلة من الصراع الجارى).
الجدير بالذكر أن القنابل العنقودية كانت قد أثارت جدلًا حول معدل فشلها وتأثيراتها على المدنيين فى المدى الطويل. مما يعنى أن القنابل الصغيرة غير المتفجرة يمكن أن تبقى على الأرض لسنوات وتنفجر بشكل عشوائى فى أى وقت لاحق مما يلحق الضرر بالمدنيين. وفى معرض التوضيح قال «جيك سوليفان»: (إن القنابل العنقودية الأمريكية التى سيتم إرسالها إلى أوكرانيا أكثر أمانا بكثير من تلك التى تستخدمها روسيا فى الصراع، وأن معدل الإخفاقات فى الذخائر العنقودية الأمريكية أقل من اثنين والنصف فى المائة مقابل معدل إخفاق يتراوح بين 30 -40% فى الذخائر العنقودية الروسية). وقد أكد «ديفيد دى روش»، وهو مسئول سابق بالبيت الأبيض، أن روسيا وأوكرانيا تستخدمان هذه القنابل بالفعل فى الحرب، والمشكلة مع أمريكا، حيث إن الكثير من الديمقراطيين يريدون حظرها كلية، وأضاف: (ولكن الآن بعد أن أصبحت لدينا دولة صديقة فى مواجهة صراع وجودى يبدو أنه لا بدائل كثيرة متوافرة أمامنا، ولهذا سارعت واشنطن ودعمت أوكرانيا، إذ نوفر لها إلى حد كبير كل سلاح تقليدى لدينا).
أما «ستيف بايفر» خبير الشئون الأوروبية ونزع السلاح فبادر بدعم خطوة «بايدن» قائلًا: (إن القرار لم يكن سهلا، ولكنه كان صحيحًا. ذلك أن أوكرانيا طلبت الحصول عليه، وقد أخذت على عاتقها أن تتحمل خطر الذخائر الفاشلة التى لا تنفجر). وعوضًا عن ذلك فلقد وافقت أوكرانيا على عدم استخدامها فى المناطق الحضرية، وعلى الاحتفاظ بسجلات عن أماكن استخدامها لتحديد مكان الذخائر الفاشلة ونزعها لاحقًا. وبادر كبير أساتذة العلاقات الدولية بالأكاديمية العسكرية فدعم القرار الذى اتخذه «بايدن» بمد أوكرانيا بالقنابل العنقودية قائلا: قرار الإدارة الأمريكية الرامى إلى توفير هذا السلاح لأوكرانيا كان ضروريا، لا سيما وقد وضح أنها لا تزال تخوض معركة وجودية ضد خصم قوى للغاية من أجل بقائها؛ ولهذا تعد الذخائر التى أمدت بها أمريكا أوكرانيا هى وسيلة لمساعدة «كييف» على تحقيق تكافؤ الفرص على المدى القريب.