وﻗف اﻟﻌﺪوان ﻋلي اﻷراضي اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﻳﺘﺼﺪر أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻰ ﻣﻬﻤﺔ ﺻﻌﺒﺔ

وصل الصراع العربى الإسرائيلى إلى حدته مع تأسيس دولة إسرائيل عام 1948؛ حتى امتد الاحتلال الإسرائيلى إلى الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، ويستمر مسلسل الجرائم والانتهاكات بصورة شبه يومية لشعب أعزل، وكل هذا أمام أعين المجتمع الدولى الذى أغمض عينيه عن معاناة الشعب الفلسطينى، ولكنه تحول لمارد بعين حمراء عندما بدأت الحرب الروسية على أوكرانيا، وأخذ يفرض العقوبات على روسيا ويجبر دول العالم على اتخاذ نفس المسار، ليخرج مجلس جامعة الدول العربية أول أمس بقرارات قوية لوقف العدوان الإسرائيلى على فلسطين.
وتقييم إمكانية نجاح الجامعة العربية فى وقف العدوان الإسرائيلى على فلسطين، يتوقف على عدة أمور تتعلق بعدة عوامل متداخلة، بما فى ذلك الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية فى المنطقة، حيث تتسم المشكلة الفلسطينية بتعقيد شديد، لاختلاف الآراء بين الأطراف المختلفة حول كيفية حل هذه الأزمة، وتتضمن بعض الاقتراحات إقامة دولتين مستقلتين فى فلسطين وإسرائيل، فى حين ترفض بعض الأطراف هذا الاقتراح وتؤكد ضرورة إقامة دولة واحدة تضم جميع الفلسطينيين والإسرائيليين.
تحديات أمام الجامعة
تواجه الجامعة العربية العديد من التحديات فى التأثير على السياسات الإسرائيلية، من بينها الانقسام العربى وعدم التوافق بين الدول العربية على الموقف الرسمى بشأن القضية الفلسطينية، يشكل هذا عائقًا كبيرًا أمام الجامعة العربية فى تحقيق أهدافها. فبعض الدول العربية ترغب فى المصالحة السياسية مع إسرائيل، فى حين أن دولاً أخرى ترفض التعامل معها إطلاقاً؛ وذلك وفقا لما نشرته بعض التقارير البحثية الدولية.
كما تعتبر إسرائيل عقبة كبيرة أمام الجامعة العربية فى تأدية دورها فى دعم فلسطين، حيث تقوم إسرائيل بمنع البعثات الدولية والهيئات الدولية من الدخول إلى الأراضى الفلسطينية، مما يصعب على الجامعة العربية الوصول إلى المناطق المتضررة وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية، هذا بالإضافة إلى الدعم الدولى المتزايد لإسرائيل مما يشكل عائقًا كبيرًا أمام الجامعة العربية فى تحقيق أهدافها، حيث تتمتع إسرائيل بدعم قوى من بعض الدول الغربية ومنظمات دولية.
ولوح العديد من الخبراء والدبلوماسيين أن الحرب الإعلامية تتصاعد فى الآونة الأخيرة لصالح الإعلام الإسرائيلى المسيطر على إعلام الغرب، وهذا يصعب من الوضع على الجامعة العربية فى التأثير على الرأى العام العالمى وتغيير الصورة النمطية التى يرسمها الإعلام الإسرائيلى عن الصراع فى فلسطين.
لذلك نرى أن الجامعة منذ فترة، قررت أن تكثف جهودها فى أكثر من محور فى وقت واحد، لمواجهة التحديات السابقة لخدمة القضية الفلسطينية،ويمكن حصرهم فى ٤ محاور وهم المحور الدبلوماسى والعلاقات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف، المحور الإعلامى، المحور الإنسانى ومخاطبة المنظمات الدولية، وأخيرا الجانب القضائى والمحاكم الدولية.
نتائج قوية لمجلس الجامعة
ليخرج مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين، بقرارات قوية خلال اجتماعه الاستثنائى صباح الثلاثاء بمقر جامعة الدول العربية، تستهدف وقف العدوان الإسرائيلى المتواصل والمتصاعد على الشعب الفلسطينى، وجاءت القرارات كالتالي:
أولاً القيام بزيارات واتصالات وتوجيه رسائل مشتركة وثنائية رفيعة المستوى إلى مجلس الأمن وأعضائه ومراكز صنع القرار الدولى، بهدف تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بوقف الاعتداءات الإسرائيلية بأشكالها كافة على الشعب الفلسطينى وتوفير الحماية الدولية له، بما فيها قرارات مجلس الأمن لعام (2016) و904 (1994) و605 (1987)، وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 10/20 – ES/RES/A (2018)، وتحميل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال مسئولية نتائج عدوانها كافة، وفى حال عجز مجلس الأمن عن القيام بدوره وتولى مسئولياته فى حفظ الأمن والسلم الدوليين.
ثانيا التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لعقد دورة مستأنفة عن الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة للجمعية العامة تحت عنوان «الاتحاد من أجل السلام»، لإصدار القرارات اللازمة نحو وقف العدوان الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى، وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالحماية الدولية للشعب الفلسطينى، ومنح دولة فلسطين العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.
ثالثا الدعوة إلى تحرك عربى عاجل، بما فى ذلك من خلال اللجنة الوزارية العربية مفتوحة العضوية والمكلفة من القمة العربية بمهمة التحرك على المستوى الدولى لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينى، من بين مهام أخرى، وذلك بهدف إطلاق تحرك دبلوماسى عربى عاجل ومكثف، من خلال مجالس السفراء العرب وبعثات جامعة الدول العربية، ومن خلال التواصل عبر القنوات الرسمية مع الدول الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن ومراكز صنع القرار الدولى، للتعبير عن التوجه العربى لاتخاذ ما يلزم نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وجميع سياساته وممارساته وإجراءاته العدوانية ضد الشعب الفلسطينى.
رابعاً مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالوفاء بمسئولياتها بموجب ميثاق روما المؤسس لعملها فيما يخص العمل على إنجاز التحقيق الجنائى فى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التى ارتكبتها وترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطينى الأعزل، بما فيها جرائم الاستيطان والضم، والعدوان على المدن والقرى والمخيمات، وقتل المدنيين والصحفيين والمسعفين والتهجير القسرى، ومطالبة المحكمة بدراسة كل الخيارات التى يمكن من خلالها ممارسة ولايتها القضائية فى أرض دولة فلسطين المحتلة وإنجاز التحقيق، وتوفير كل الإمكانيات البشرية والمادية لهذا التحقيق وإعطائه الأولوية اللازمة.
خامسا حث المجتمع الدولى دولاً ومؤسسات على المشاركة فى حماية المدنيين الفلسطينيين وتشكيل آلية عملية وفعالة لتنفيذ ما جاء فى قرار الجمعية العامة رقم 10/20-ES/RES/A (2018)، وحث الأمين العام للأمم المتحدة على تطبيق إجراءات عملية وفعالة لحماية المدنيين الفلسطينيين. ودعوة الأطراف السامية المتعاقدة فى اتفاقية جنيف الرابعة لتحمل مسئولياتها وكفالة احترام وإنفاذ الاتفاقية فى أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، من خلال وقف الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولى الإنسانى والقانون الدولى لحقوق الإنسان.
ومن ناحية أخرى، قرر المجلس مطالبة المجتمع الدولى بالضغط على إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، للسماح للجنة تقصى الحقائق المستمرة التى أنشأها مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 2021/5/21 بالدخول إلى أرض دولة فلسطين المحتلة لممارسة ولايتها فى تقصى الحقائق حول الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية التى ترتكب فى الأرض الفلسطينية المحتلة، ومطالبة اللجنة بمتابعة كافة الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية المناطة بولايتها وتقديم تقاريرها وتوصياتها بهذا الشأن. كما قررت الجامعة إبقاء الجامعة فى حالة انعقاد دائم لمتابعة تنفيذ مضامين هذا القرار.
كما أكد المجلس على حماية المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 ألف متر مربع، باعتباره مكان عبادة خالص للمسلمين فقط، ورفض الاقتحامات الإسرائيلية له، والحفريات التهويدية أسفله ومحاولات تقسيمه زمانياً ومكانياً وتغيير الوضع التاريخى والقانونى القائم فيه، ورفض الانتهاكات الإسرائيلية للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، والتأكيد على سيادة دولة فلسطين على مدينة القدس ومقدساتها، ودعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فى القدس، ودور لجنة القدس.
لذلك، يمكن القول بأن الجامعة العربية تلعب دورًا هامًا فى الجهود الدولية لوقف العدوان الإسرائيلى على فلسطين، كما تقوم الجامعة العربية برئاسة أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية بعقد عدة لقاءات ومؤتمرات عربية ودولية وإثارة القضية الفلسطينية والظلم الذى يتعرض له الفلسطينيون، بهدف كسب تأييد دولى لحق البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، تقوم الجامعة العربية بإرسال بعثات رصد إلى فلسطين للإشراف على الأوضاع الإنسانية فى الأراضى الفلسطينية وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية للفلسطينيين المتضررين من العدوان الإسرائيلى.
ومع ذلك، ينبغى الإشارة إلى أن قدرة الجامعة العربية على وقف العدوان الإسرائيلى على فلسطين يتوقف على دعم الدول العربية وتعاونها فى هذا الصدد.