بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤية

فيرعونكم بالمعرفة والفهم (2)

سعدت بحالة الاحتفاء بما جاء فى مقالى الأسبوع الماضى بجريدتنا الغراء «الوفد» بعنوان «فيرعونكم بالمعرفة والفهم» حول أهمية تطوير التعليم الكنسى وضرورة التفاعل الإيجابى مع معطيات الواقع المحيط بالمواطن وبمؤسساتنا الدينية، وبشكل خاص النظر بالتقدير لما قد يعانيه البسطاء منا من تواضع فى المستوى التعليمى والثقافى ما قد يحمل مؤسساتنا الدينية مسئولية الاقتراب من مواطنينا ببساطة التعاليم وروائع المعارف بمعالجات طيبة ومحببة لمعالجة الجفاف الروحى، وذكرت العديد من آيات الكتاب المقدس التى توصى الرعاة بنقل المعارف ومنها كان اختيارى لآية جعلتها عنواناً لمقالى «وأعطيكم رعاة حسب قلبى، فيرعونكم بالمعرفة والفهم» أرميا 3: 15..

وأعربت عن سعادتى بعظات قداسة البطريرك تواضروس الثانى بشكل عام ولأطفالنا بشكل خاص، وأرى أنها دروس فى عدم التقعر وتعمد البساطة وبما تحوطها من مشاعر المحبة والود والروحانيات البديعة.. أرجو أن تشكل عظاته مدرسة فى الأداء لمن يتعمدون التعالى المعرفى والتقعر العلمى والتعليمى ليشعروا البسطاء منا بالاحتياج للارتباط بهم وأنهم يعانون الفقر الروحى طول الوقت فى البعد عنهم!!

وعليه، ناشدت بعض من يرون بضرورة وجود ساتر أو حاجز فوقى وهمى بين هيكل الكنيسة ومذبحها وجموع المصلين عبر الاستغراق والتزيد فى إيهام البسطاء منا بأن «الإكليروس» ومعاونيهم هم فقط من يمتلكون المعارف الروحية لتظل الفجوة بين الرعاة وجموع المصلين قائمة وتزداد للأسف، بدلاً من تبسيط تلك المعارف لدعم التواصل الإنسانى والروحى والارتقاء بوسائطها وتنمية المساحات الإيمانية لأهالينا فى القرى والنجوع والعشوائيات.. وهؤلاء يتصورون أن مهمتهم تقتصر على نجاحهم قى ترديد مواطنيهم لمعارفهم الدينية التقليدية وأدبيات الطقوس ومطالبة جماعة المؤمنين بالحفظ والترديد الاتباعى حتى لو كانت باللغة القبطية فى مجتمعات تعانى الأمية (والطريف ما جاء فى دفاع هؤلاء أن كنائسنا مزودة بشاشات تليفزيونية مصاحبة لطقوس الصلاة مبين عليها ما يتم ترديده باللغتين القبطية والعربية!!)..

وأكدت فى هذا الصدد أن الحفاظ على اللغة القبطية ليس فقط واجب كنسى، ولكنه واجب وطنى فى الأساس باعتبارها لغة مواطننا المصرى فى مراحل مهمة من تاريخنا، وكنت قد كتبت كثيراً، وناديت عبر برنامجى «ستوديو التنوير» حول أهمية تدريس تلك اللغة فى كليات ومعاهد اللغات وأهمية تخصيص أقسام أكاديمية لدراسة تاريخ ومعالم الحضارة القبطية فى جامعاتنا المصرية، بل الأهم تصحيح الخطأ التاريخى بتجاهل الحضارة والتاريخ القبطى وإسقاط وجودها عبر قرون من الزمان من مناهج التاريخ فى مدارسنا..

وفى هذا السياق سعدت بتعليق الناقدة والكاتبة المرموقة «ماجدة موريس».. «نعم الحفاظ على التاريخ المصرى كله بما فيه الحقبة القبطية.. جزء من دور الدولة فى تقديم الصورة الكاملة لتاريخنا لكل الأجيال حتى لا تترك الفرصة لمن يحاولون التعدى على تاريخ مصر وحضارتها..وحكاية كليوباترا ليست بعيدة»...

أما الفنان التشكيلى الكبير والمفكر الرائع «مصطفى رحمة» فقد كتب معلقاً ومضيفاً «واضح الهم واحد ولأن عدم أعمال العقل تسبب فى التخلف والجمود الفكرى، تبدأ باعتماد المسلمات الدينية التى تعنى فى حقيقتها توجيه الأمر لعقول التابعين بالتوقف عن التفكير..».. وذكرنى تعليق فناننا الكبير برسالة رائعة أرسلها إمام أهل التنوير الدكتور طه حسين إلى مجلة «مدارس الأحد» حول ملاحظاته على التعليم الكنسى وتم نشرها فى أزمنة النور والتنوير بالمجلة الأهم فى تاريخ الصحافة القبطية، أعرض لفحواها فى مقال قادم..