بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

البابا تواضروس فى الفاتيكان(2)

قام وفد رفيع المستوى من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية، بقيادة قداسة ‏البابا تواضروس، ‏يضم كلا من الأنبا دانيال مطران المعادى وسكرتير المجمع ‏المقدس، الأنبا بفنوتيوس مطران ‏ايباراشية سمالوط، الأنبا يوليوس الأسقف العام ‏لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، الراهب ‏القس كبرلس الأنبا بيشوى مدير مكتب ‏قداسة البابا، بزيارة إلى الفاتيكان امتدت فاعلياتها من 10 إلى ‏‏15 مايو 2023 ‏الجارى. ‏

لن أتناول فاعليات الزيارة لأن بالتأكيد الجميع يتابع ويطلع، لكن سأتناول أربعة ‏أشياء، وهى أولًا: مظاهر الحب والسلام والفرح التى ظهرت على الجميع أثناء ‏فاعليات الزيارة، ثانيًا: علاقة بطرس الرسول مؤسس كنيسة روما مع القديس مرقس مؤسس كنيسة الإسكندرية، ثالثًا: من هو الأنبا بفنوتيوس مطران ‏سمالوط المتواجد ضمن الوفد الكنسى المرافق لقداسة البابا تواضروس، رابعًا: ‏ما يفعله قداسة البابا تواضروس.‏

أولًا: ما حدث من مظاهر فرح وسعادة، هذا هو ثمار حضور الروح القدس الذى ‏يحل على أى تجمع باسم المحبة، وهذا ما قال السيد المسيح لتلاميذه ورسله قبل ‏صعوده «سَلامًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلامِى أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِى الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. فَلا ‏تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ، وَلا تَرْتَعِبْ، قلت لكم أنا ذاهب وسأرجع اليكم» فذلك السلام الذى ‏تركه السيد المسيح للكنيسة ومن ثم للبشرية هو رسالة المسيحية فى العالم، وهذا ‏ما ذكره قداسة البابا تواضروس فى كلمته «ننادى فى كل العالم بالسلام الذى ‏يفوق كل عقل، مصلين أن يحل فى كل الربوع، وأن يكون أولوية القادة والشعوب»‏.

ثانيًا: علاقة بطرس الرسول مؤسس كنيسة روما مع القديس مرقس مؤسسة ‏كنيسة الإسكندرية بدأ «مار مَرقس» كرازته مع الرسل، فقد كرز أولًا مع «بطرس ‏الرسول» فى أورشليم، وبيت عَنْيا، واليهودية، ثم ذهب مع بولس وبَرنابا ‏الرسولين فى رحلتهما التبشيرية الأولى وبشر معهما فى نواحي: سوريا وخاصة ‏أنطاكية، وسَلُوكية، وقبرص، وبافوس حتى وصل إلى بَرْجة بمقيليه، ثم فارقهما ‏هناك ورجع إلى أورُشليم (القدس)، أمّا كرازة مار مرقس الأساسية فكانت فى ‏أفريقيا: فى الخمس المدن الغربية، والإسكندرية والأقاليم المصرية حيث أسس ‏‏«كرسى الإسكندرية» الذى امتد بعد استشهاده إلى النوبة والسودان وإثيوبيا، فقد ‏كان القديس مرقس يمت بصلة القرابة للرسول بطرس إذ كان والده ابن عم زوجته ‏أو ابن عمتها. ويمت بصلة قرابة لبرنابا الرسول بكونه ابن أخته (كو 4: 10)، أو ‏ابن عمه، وقد فتح بيته لعمل الفصح للسيد المسيح مع تلاميذه فى العلية، وصار ‏من البيوت الشهيرة فى تاريخ المسيحية المبكر ‏.

ثالثا: من هو الأنبا بفنوتيوس مطران سمالوط المتواجد ضمن الوفد الكنسى ‏المرافق لقداسة البابا ‏تواضروس، سمالوط هى مدينة تقع شمال محافظة المنيا ‏مباشرة وكانت تابعة لإيبارشية المنيا وفى عام 1976 تم استقلالها كأيباراشية ‏وتم سيامة المطران الأنبا بفنوتيوس عليها كأسقف حينذاك، ومثلها مثل كل مدن ‏الصعيد كانت تعيش تحت الجهل والفقر المدقع والآن أصبحت أيقونة للكنيسة ‏المصرية ومرتكزا للتنمية المستدامة فى كل بقاع الأرض المصرية، ومن لا يعرف ‏الأنبا بفنوتيوس هو الرجل الوحيد الذى وقف بالمرصاد ضد ثقافة الدروشة ‏والفريسية والتجميد، وصرخ صرخة كبيرة فى وجه من كانوا قائمين على امر ‏الكنيسة عن طريق كتبه وأفكاره، وبعد مرور عشرات السنوات ايقن الجميع أن ‏هذا الرجل كان يستبق استقراء الرؤية والأحداث، فأنا احد أبنائه وأعلم مكونات ‏الرجل العلمية والعملية والروحية والإنسانية التى تؤهله أن يكون صورة مشرفة ‏للكنيسة المصرية فى أى فاعليات خارجية.‏

رابعًا: ما يفعله قداسة البابا تواضروس، هذا الرجل تسلم موروثا متجمدا صلبا ‏قويا داخل دائرة محكمة الغلق بداخلها الكنيسة، وقد واجه مقاومة شرسة للغاية ‏لترهيبه وتخويفه من التفكير للقدوم على فك طلاسم مغاليق تلك الدائرة، ورغم ‏انه كان وحيدًا أيضًا ولم يكن معه إلا القلائل من آباء الكنيسة، إلا أن الرجل ‏المتسلح بسلاح المحبة والسلام والممسوح بهم من المسيح، قرر أن يقول أن ‏المعركة للرب وليس لى، وهكذا بدأت مغاليق الدائرة تفتح وتنتقل كنيسة ‏الإسكندرية من مرحلة الثبات إلى مرحلة الحركة داخل المسكونة، لتعلن عن ‏كرازتها لمحبة المسيح والوطن، فما يقوم به قداسة البابا تواضروس مهم للغاية ‏للوطن فى تلك المرحلة وهو تأثير الثقافة الناعمة للكنيسة المصرية فى الأحداث ‏العالمية. ‏