الآلة والاغتراب والموت!! (3)
استكمالاً لما سبق نقول.. ووفقاً لمجلة engineering interesting، ترى زوجة المنتحر أن (ليزا) إن لم تكن مسئولة عن انتحار زوجها فهى على الأقل ساهمت فى سوء حالته النفسية عبر تنمية مخاوفه والتأكيد على هواجسه المغلوطة.
بالمقابل قال مؤسس برنامج chatbotالمسئول عن الروبوت إن فريقه يعمل على تحسين أمان الذكاء الاصطناعى، على أن تكون الأفكار الانتحارية التى يتم التعبير عنها للروبوتات الآلية منبهاً يجعلها تعرض رسالة توجههم إلى خدمات منع الانتحار..كذلك قال الوزير البلجيكى المسؤول عن الرقمنة، ماتيو ميشيل : إن العالم اكتشف قدرات Chat GPT وإمكانياته الحديثة عامة ودوره فى حياتنا بشكل لم يسبق له مثيل، لذا علينا التوجيه، لأن خطر استخدامه هو حقيقة يجب أخذها فى الاعتبار، فما حدث هو سابقة خطيرة يجب أن تؤخذ على محمل الجد، وعلينا أن نمنع مثل هذه الكارثة فى المستقبل القريب.
بعد تلك الحادثة ترى ما الذى يمكن أن يحدث مستقبلاً؟ سيكون هناك المزيد من تلك النماذج وتلك البرامج والتى تشجع الشخص على البوح بما فى داخله.. وتتواصل معه حتى تجعله غير قادر عن الاستغناء عنها.. حيث إنها النموذج الأمثل والأفضل والأكمل فى الصورة.. وفى لحظة من اللحظات يصبح مستسلماً لما توجهه إليه من أوامر.. فتؤدى به إلى الانتحار أو القتل أو ارتكاب أى فعل إجرامى.. هذا الأمر قادم لا محالة.. ويمكن للبعض أن يستثمروا ذلك الأمر فى التخلص من شخصيات ما.. أو عناصر معينة ومحددة.. بل ويمكن الوصول إلى جنسيات معينة فى مكان ما من خلال جعل هؤلاء يهرولون إلى تلك الأجهزة أو الروبوتات.. إن عمليات الانتحار والقتل ستكون ميسورة وبسيطة وهادئة وكل ذلك بسبب التكنولوجيا. وفى تلك الحالة لا تكون هناك أى جريمة، فالشخص نفسه هو الذى فعل فى نفسه ذلك، ومن غير المعقول أن يتم محاسبة أو تطبيق القانون الإنسانى المعمول به فى المحاكم على الآلة.
ما يمكن ملاحظته أن لا أحد ينظر إلى الذات الإنسانية المتأثرة بالروبوت..وكل ما يمكن فعله هو إصلاح ذلك الخطأ بأن نغذى ذلك الروبوت بكل ما يمكنه أن يبتعد عن الأفكار السلبية المؤدية للانتحار أو القتل.. إن ما يهم الشركة هو تحسين المنتج..لكى يزيد الإقبال عليه.. لكن لا أحد يلتفت إلى الذات الإنسانية وكيف يمكن أن تزيد من الوعى والإدراك ومحاولة عمل برامج تعمل على تنبيه الإنسان إلى الدور السلبى للآلة ومخاطرها..لا أحد يهتم بأن يجعله لا يصل لمرحلة (اللحظة المضببة) أو اللحظة التى يفقد فيها القدرة على الفصل بين ما هو آلى وما هو إنسانى.. لا أحد يهتم بيقظة الذهن والشعور والإحساس والإدراك. هل يمكن للشركات المصنعة أن تبين للمستهلك الجوانب السلبية لتلك الروبوتات ؟ ما نقوله لا يمكن أن يحدث لأن التفكير الرأسمالى يعتمد على الإنتاج والاستهلاك دون النظر لأى اعتبارات إنسانية..تلك هى المأساة المعاصرة.
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال، أكاديمية الفنون