خط أحمر
لو يفعلها البرهان
ما يربط مصر بالسودان لا يربطها بدولة عربية أخرى، لأنهما الدولتان العربيتان الوحيدتان بين ١١ دولة تشكل ما يسمى بتجمع دول حوض النيل.
وربما كان هذا هو السبب الذى حرك القاهرة سريعًا إلى عرض الوساطة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، وسرعان ما أصبحت الوساطة مصرية جنوب سودانية ولم تعد مصرية فقط، والسبب أننا مع دولة جنوب السودان نظل الدولتين الأقرب إلى السودان بحكم عوامل الجغرافيا، وأننا بالتالى الأكثر تأثرًا بما يجرى من اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم.
ومن البيانات الصادرة عن الطرفين المتقاتلين، تفهم أن كل طرف أصبح لا يرى وجوده إلا فى اختفاء الطرف الآخر والقضاء عليه.. هذا ما تجده بكل أسف فى كل بيان صادر عن هذا الطرف أو ذاك منذ بدء الاشتباكات إلى الهدنة الأخيرة.. وربما نلاحظ أن القضية فى الأساس بالنسبة للجيش هى مع قائد قوات الدعم السريع، الفريق محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتى.
ولأنها كذلك.. فمن المهم أن يبدأ الجيش السودانى فى الكلام عن أن مشكلته ليست مع أفراد قوات الدعم، جنودًا وضباطاً، ولكنها مع دقلو بالأساس.
أمر كهذا يبقى مهمًا فى اتجاه حق الدماء، لأن قوات الدعم تتشكل من عشرات الآلاف من الأفراد، بل إن هناك مَنْ يصل بعددهم إلى مائة ألف.. وعندما نكون أمام رقم بهذا الحجم، فمن الضرورى طمأنة كل فرد فيهم على مستقبله، وعلى أن دمجه فى الجيش لن يهضمه شيئًا من حقوقه، وأن الخلاف ليس مع قوات الدعم ككيان ولا مع أفراده، ولكن الخلاف هو مع حميدتى.
وإذا أحس أفراد هذه القوات بأنهم سوف يكونون جزءًا من الجيش، وأن ما ينطبق على أفراد الجيش سينطبق عليهم، فالغالب أن يؤدى ذلك إلى انصرافهم عن حميدتى، وعن القتال معه، لأنهم بالتأكيد لا يحملون طموحه السياسى الذى يحركه.
الخوف من المستقبل لدى أفراد الدعم السريع، هو الذى يجمعهم حول حميدتى ويجعلهم يلتفون حوله، ولو استطاعت قيادة الجيش تبديد هذا الخوف لديهم، فمن الممكن أن تكون هذه هى البداية إلى أن يطمئن بال هؤلاء الأفراد، وأن يوقنوا بأن معركة قائدهم فى سبيل السلطة ليست معركتهم، وأن مكانهم الصحيح هو بين صفوف الجيش ليكونوا رجالًا من بين رجاله المخلصين للبلد فى العموم، لا لكيان نشأ حديثًا ثم راح يرى نفسه جيشًا موازياً.