بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

حكاية وطن

نصر العاشر من رمضان

تحتفل مصر يوم السبت المقبل بذكرى العاشر من رمضان التى تناسب مرور 50 عاماً على الانتصار فى حرب أكتوبر المجيدة، التى وقعت فى السادس من أكتوبر بالتقويم الميلادى.

هذه الحرب المجيدة نتناولها كل عام وبالفحص والدرس لنتذكر التضحيات التى بذلها رجال هانت أرواحهم، ولم تهن مكانة الوطن فى قلوبهم، والتأكيد على هذا الانتصار الذى كانت له نتائج عميقة فى كثير من المجالات، على الصعيد المحلى والإقليمى للمنطقة العربية، كما كانت له انعكاسات على العلاقات الدولية بين دول المنطقة، والعالم الخارجى، خاصة الدول العظمى والكبرى.

أثبتت الحرب للعالم أجمع قدرة المصريين على إنجاز عمل جسور، يستند إلى شجاعة القرار، ودقة الإعداد والتخطيط، وبسالة الأداء والتنفيذ، واستحالة سياسة فرض الأمر الواقع، واستحالة إجبار شعوب المنطقة، كما أثبت أيضاً أن الأمن الحقيقى لا يضمنه التوسع الجغرافى على حساب الآخرين ولذلك تنبه العالم لضرورة إيجاد حل للصراع العربى الإسرائيلى وكان من أبرز نتائج حرب أكتوبر رفع شعار المفاوضات وليس السلاح.

التضامن العربى الذى ظهر بوضوح فى حرب أكتوبر دليل قاطع على بداية شعور العرب ولأول مرة فى تاريخهم المعاصر بالخطر على أمنهم القومى والاستراتيجى.

ولذلك توج هذا التضامن بنصر عسكرى كبير فخر به الجميع، ومن أبرز نتائج الانتصار الكبير فى أكتوبر أو العاشر من رمضان إعادة تعمير سيناء وبدء مشروعات ربطها بوادى النيل والعمل على تحويلها إلى منطقة استراتيجية متكاملة تمثل درع مصر الشرقية.

حققت حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر العديد من النتائج لصالح مصر والعرب، فمن الناحية السياسية، لقد فهمت إسرائيل حدود القوة وانعدام مقدرتها على فرض السلام على جيرانها من وجهة نظرها الخاصة، فالحرب أفقدت الإسرائيليين براءتهم وتحطمت كل الأساطير التى نشأوا عليها واتضح ذلك فى حصار الدبلوماسية المصرية للنفوذ السياسى الإسرائيلى من خلال كسر جمود الموقف الذى أحدثته سياسة الوفاق بين القطبين العالمين خلال هذه الفترة، حيث نجح الانتصار فى الحرب فى تحريك قضايا المنطقة والاتجاه بها نحو الحل السلمى رغم البداية العسكرية لها. وقد وضح ذلك منذ اللحظات الأولى للحرب، إذ قرر مجلس الأمن البدء فورًا فى التفاوض بين الأطراف المتقاتلة.

من ناحية ثانية كانت تجربة التضامن السياسى العربى من أهم نتائج الحرب على المستوى السياسى كتجربة رائدة يمكن الاقتداء بها فى المستقبل.

ومن ناحية ثالثة، لقد مثل نصر أكتوبر نقطة تحول حاسمة فى تاريخ العلاقات الدولية، بل مثل أعظم درس تاريخى على امتداد القرن الماضى، فلقد أثبتت معركة النفط واستخدامه كسلاح استراتيجى، أن النظام الدولى انعكاس لواقع موازين القوى الحقيقية، فقد اعتبر رفع أسعار النفط فى عام (73- 74)، بمثابة انتصار جماعى للدول العربية.

كما كان الانتصار له دوره البالغ فى إعادة العلاقات بين مصر، والولايات المتحدة الأمريكية، التى قطعت فى أعقاب حرب يونية 1967، وإن استمرت فى شكل تشاور من خلال القنوات غير الرسمية، وتطورت العلاقات خلال الأربعين سنة الأخيرة بحيث أصبحت مصر الشريك الاستراتيجى الأول للولايات المتحدة الأمريكية فى الشرق الأوسط والمحرك الأول لقضايا المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية.

عربيًا، التضامن العربى الاقتصادى خلال حرب أكتوبر الذى لم يحدث من قبل كان له تأثير فعال فى اكتشاف القدرات العربية فى التأثير على الأحداث الإقليمية، دوليًا غيرت حرب أكتوبر من بعض المفاهيم الاقتصادية العالمية، وبجانب النتائج السياسية للانتصار العظيم فى حرب أكتوبر - العاشر من رمضان، كان له أيضاً انعكاسات اقتصادية كبيرة أظهرت روح التحدى لدى الشعب والحكومة المصرية ففى البداية كان تحول مصر اقتصاديًا نحو المسار الليبرالى فى عام 1974، جاءت «ورقة أكتوبر» لرسم إطار نظرى لهذا التحول من خلال محورين الأول: أكد ضرورة تنقية التجربة المصرية من السلبيات التى أعاقت حركتها والثانى: طالب بضرورة المواءمة بين حركة العمل الوطنى فى المجال الاقتصادى وبين الظروف الجديدة التى يعيشها العالم.

وللحديث بقية