بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

لوجه الله

احذروا «صبيان شيكاغو» 3

ليس مهماً الدكتوراه التى تحملها.. وليس مهماً الاسم الفخم للجامعة التى حصلت منها على شهادتك العظيمة.. الأهم هو ماذا تعلمت.. وبأى شىء حشيت ذلك الرأس.. ولصالح من ستصب نتائج تلك النظريات التى حفظتها عن ظهر قلب؟.

بدأت الشركات العالمية تغدق فى المنح والتمويل اللا محدود على قسم الاقتصاد فى جامعة شيكاغو.. لمَ لا وهو رأس الحربة الذى سيعيدهم للاستيلاء على ثروات المستعمرات القديمة.. أعلنت الجامعة عن برنامج منح سخى التمويل لدراسة الاقتصاد.. كانت تشيلى المحطة الأولى لاختبار المنهج الاستعمارى الجديد.. وقد بدأت تخطو خطوات كبيرة للنهوض تحت قيادة الزعيم التنموى سلفادور آلندى.. اشترط رئيس جامعة تشيلى معرفة أسماء أساتذة البرنامج والتعرف على نوعية المنهج الدراسى المقدم لطلابه مقدماً.. رفض مبعوث شيكاغو الإفصاح عن فحوى برنامجه.. لم يطل الجدال طويلاً.. وجدوا ضالتهم فى رئيس الجامعة الكاثوليكية الذى رحب بالبرنامج رغم عدم وجود قسم للاقتصاد فى جامعته!.. انطلق الطلاب إلى جامعة شيكاغو.. تعلموا كل شىء عن الاقتصاد إلا بناء الأوطان.. بينما كان انقلاب بينوشيه يستهدف تدمير قسم الاقتصاد بجامعة تشيلى.. وقتل أساتذته واعتقال طلابه.. عادوا إلى وطنهم.. فى وجاهة اجتماعية قصوى.. حلل أنيقه.. عطور باريسية وأرقى الساعات السويسرية.. ودكتوراه من جامعات أمريكا لا يطاولها أحد فى وطنهم.. تولوا مقاليد الأمور.. بدأت عمليات البيع والهدم.. دمروا كل مكتسبات تشيلى التى حققتها عقب التخلص من سطوة الاستعمار.. نشروا مذهبهم الاقتصادى الفريد.. لا تدخل للدولة.. لا تملك لأى شىء.. لا للحماية الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدعم.. وتهمة الاشتراكية جاهزة لقطع رقاب كل من تسول له نفسه التحدث عن حقوق.. لمَ لا وقد أعفوا الديكتاتور بينوشيه من كافة التزاماته.. وقد استبشر بهم خيراً مع بدء تدفق الدولارات عليه مقابل ثروات الوطن.. وبدأت الصحف العالمية والمنظمات المالية الغربية تشيد بالمعجزة الاقتصادية فى تشيلى.. تلك المعجزة التى ألقت بـ60% من الشعب تحت خط الفقر وقتلت الآلاف وقضت على الصناعات الوطنية.. إن هى إلا سنوات قليلة واختفت الدولارات.. وبدأ التدفق العكسى للأموال.. ولم يتبق إلا شعب فقير وحكومة عاجزة عن التحرك.. وأوشكت تشيلى على الإفلاس التام.. والعجيب أن الشىء الوحيد الذى أنقذ الدولة من الإفلاس.. كان شركة «كوديلكو» لتعدين النحاس.. الشركة الحكومية الوحيدة التى نجت من البيع وظلت بعيدة عن أيدى «صبيان شيكاغو».. كانت تلك الصدمة السبب الرئيسى فى تخلص ديكتاتور تشيلى من تلك العصابة.. والعودة إلى النهج التنموى من جديد، بل عاد بينوشيه إلى سياسة التأميم لإنقاذ عرشه.. ملقياً بكل أفكار شيطان الاقتصاد ميلتون فريدمان تحت قدميه.. ولكن بعد فوات الأوان.. ومثلت شيلى أكثر التجارب نقاء وحيادية لاختبار أفكار فريدمان الاقتصادية.. ورغم فشلها الذريع.. إلا أن تلك الأفكار المسمومة وجدت طريقها إلى العديد من الدول التى لم يقرأ حكامها التاريخ جيداً.. ورغم الفقر والخراب والفشل تلو الفشل.. وجدت تلك النظرية الأيادى الخفية القوية التى مهدت لها الأرض فى كل مكان حطت فيه رحالها.. لمَ لا واقتناص ثروات الشعوب ونهب خيراتها هو الهدف والمبتغى.. وظل الفشل يلاحق أفكار فريدمان وسط لوثة الإعجاب بها بعد الإطاحة بالنظرية الكينزية.. إلا أنه مع انفجار الفقاعة العقارية فى الولايات المتحدة.. انكشف ضعف تلك النظرية أمام معجبيها.. واضطرت الإدارة الأمريكية إلى العودة للكينزية لمواجهة الأزمة.. بل ووضعت يدها على شركتى «فانى ماي» و«فريدى ماك» للرهن العقارى.. فى عملية أشبه بالتأميم فى معقل النيوليبرالية.. و(للحديث بقية)

[email protected]