بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

الإصلاح الحقيقى لا حدود له

أنا ابن الدولة المصرية، بحداثتها، وقوتها وشموخها وسيادة مؤسساتها، أؤمن بقوة وسطوع وتفرد مصر تاريخاً وموقعاً وإنساناً، وبتميز الدور الذى تلعبه فى المنطقة فى مختلف الأوقات والظروف.

من هنا لا يرضى طموحى ما حققته مصر من خطوات تقدم فى مجالات التنمية، والعمران، والمشروعات العامة رغم عظمه، وأرى دوما أنه فى الإمكان أفضل مما كان.

ومع خالص تقديرى واحترامى لكافة الجهود التى بذلت مُنذ نجاة مصر من مخطط الاختطاف من جانب الإخوان تحت ستار الإسلام السياسى، وحتى الآن، فإن عين الطموح الراغبة فى تحقيق إنجازات كبرى تدفعنى دائماً للنقد والاختلاف والتعليق سعياً.

إننى أدرك أن هناك ألف مشروع ومشروع يدفعنا للاعتزاز بأداء الحكومات والمسئولين فى مصر على مدى ثماني سنوات مضت، ربما بدءاً من نجاح الدولة فى القضاء على الإرهاب واستعادة الأمن بشكل قوى، ومروراً بتغيير خارطة الطرق والبنية التحتية فى البلاد، وصولاً إلى القضاء على فيروس سى، وتحقيق خطوات إيجابية لافتة فى الملف الصحى، والخروج من كارثة كورونا العالمية بأقل أضرار ممكنة. ورغم كل ذلك، فإن لدىّ الحافز أن أقول بأن ما تم اتخاذه من خطوات فى ملفى الإصلاح السياسى، والاقتصادى، ما زال حتى الآن أقل مما نطمح إليه.

ولا شك أن الأزمة الاقتصادية التى يعيشها العالم ومصر جزء منه تفتح عيوننا على عدد من الحقائق الهامة فيما يخص فاعلية خطوات الإصلاح الاقتصادى التى تم اتخاذها. فمن الملاحظ أولاً أنه لا توجد خطة اقتصادية واضحة تتبناها الحكومة للوصول خلال مدة زمنية معينة إلى هدف محدد بأرقام مستهدفة فيما يخص الإنتاج، أو التوظيف أو التصدير. كما أن كافة الإجراءات الإصلاحية التى تم اتخاذها ركزت على الشكل دون الدخول فى التفاصيل والمضمون، فتم الاكتفاء مثلاً بتعديلات تشريعية ظاهرها إيجابى، لكن لم يتم اختبارها على أرض الواقع، ولم يتم بحث ما إذا كان الجهاز الإدارى المنوط به تحقيق الاستفادة المرجوة من هذه التعديلات مؤهلا لذلك أم لا.

كذلك، فإننى أتصور أننا فى حاجة ماسة لمراجعة هادئة ورشيدة لأوجه الإنفاق العام وبحث ما إذا كنا فى حاجة لإجراء أى تعديلات مرحلية فى هذا الشأن أم لا، خاصة أن هناك تركيزاً كبيراً على قطاعات بعينها دوناً عن غيرها من قطاعات التنمية.

وأتصور أيضاً أنه من الضرورى، ومن اللازم أن نُجرى حواراً مُجتمعياً موسعاً حول الأسباب الحقيقية لتراجع دور القطاع الخاص فى الاقتصاد الوطنى، وهل كان ذلك ضرورياً فى فترة ما أم لا؟ واستجلاء ما إذا كانت عودة دور القطاع الخاص ومساهمته فى الأنشطة الاقتصادية إلى سابق عهده قبل 2011 يمثل ضرورة فى الوقت الراهن أم لا؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فكيف يتم تحفيزه وطمأنته؟

إن الإصلاح بشكل عام ليس عملاً مؤقتاً أو محدداً بفترة معينة أو حدود بعينها، وإنما هو آلية تأقلم وتكيف مع المستجدات والتطورات الجارية. ولقد كتبت من قبل أنه لا يمكن إجراء إصلاح اقتصادى حقيقى فى مصر دون خوض غمار الإصلاح السياسى بمفهومه الواسع لترسيخ الديمقراطية، وبناء دولة المؤسسات، ونبذ الفردية، وإعلاء قيم الحريات.. وما زلت أكرر أنه فى الإمكان أبدع مما كان.

وسلامٌ على الأمة المصرية.