بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
د. وجدي زين الدين

لعل وعسى

إدارة الأزمة وسلامة الحزمة (٢)

تناولنا فى المقال السابق أهمية التمسك بمجموعة من الحزم الاقتصادية والاجتماعية، والتكيف مع ما يمر به العالم من أزمات مالية واقتصادية متعاقبة ومعقدة، على رأسها تأتى مشكلة التضخم، والطاقة، واختلالات سلاسل التوريد العالمية، وتم استعراض بعض الحلول الداخلية، وسيتم تناول بعض الحلول الخارجية خاصة بعد أن

قدرت الحكومة تكلفة الأثر المباشر للحرب الروسية - الأوكرانية على موازنة البلاد بنحو 7.1 مليار دولار سنويا، وهو تقدير قد يزيد بعد كارثة زلزال كهرمان مارعش فى تركيا وسوريا، والذى سيلقى بظلاله على الاقتصاد العالمي، ومع إيماننا بأن إصلاح الاقتصاد المصري، ومعالجة الأزمة المالية لا يتطلبان بيع أصول الدولة، ومنها قطاعات استراتيجية مثل الموانئ والبنوك، لكن يتطلب مع ذلك حسن إدارة الموارد ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي، مع تنشيط الاستثمار وإعادة بناء القاعدة الصناعية، والعمل على زيادة الموارد الدولارية خاصة من الصادرات والاستثمارات المباشرة وتحويلات المغتربين فى الخارج، والسياحة، ومع اليقين بأن الأزمة الاقتصادية العالمية التى ضربت اقتصاديات دول العالم، من أهم العوامل الخارجية القوية التى كان لها تأثير واضح على أداء اقتصاديات دول العالم ومنها الاقتصاد المصرى، حيث ساهمت الأزمات المتلاحقة فى حدوث أزمة سيولة فى الاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى أزمتى الركود والعملة وغيرها من الأزمات، وهنا لا بد أن ندرك أننا نتحدث عن أسوأ أزمة يمر بها العالم بأسره منذ عشرينيات القرن الماضي، أى منذ ما يقرب من 100 عام، والبعض ذهب إلى القول بأنها لم تحدث منذ الجفاف الذى أصاب العالم، والبعض الآخر يرى أنها لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وهى فترة ليست بالقصيرة، وقدرت خسائر الأزمة الراهنة على مستوى العالم كله بما يقرب من 12 تريليون دولار فى الناتج الإجمالى العالمي، وفى المقابل نجد أن حجم الدين العام على مستوى العالم شهد تفاقما واضحًا بسبب الأزمة الراهنة، وأن الدين العام على مستوى العالم زاد بنسبة 351%، حتى وصل حجم المديونية على الحكومات على مستوى العالم إلى 303 تريليونات دولار، كما أصبحت دول فى حالة مديونية حرجة بالفعل، وذكرت التقارير الدولية أن 60% من بلدان العالم الأشد فقرا أصبحت فى حالة مديونية حرجة، كما أعلنت بعض الدول عدم قدرتها على سداد التزاماتها، فضلا عن أن 80% من قيمة ما تمثله مديونية الأسواق الناشئة، أصبحت تمثل قيمة كبيرة من حجم الدين العالمي، إن إطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة والجديدة، تتضمن حوافز خاصة بقانون الاستثمار، وحوافز خضراء، وحوافز الاستثمار فى القطاع الصحي، فضلًا عن تفعيل الرخصة الذهبية، مع التركيز على إصلاح خمس منظومات تشمل، منظومة التشريعات، ومنظومة الأداء الحكومى، ومنظومة اللوجستيات، ومنظومة التمويل، ومنظومة الديموجرافيـا وخصائص السكان، لذا فإن تفعيل الحوافز الخاصة بقانون الاستثمار، مع السعى لاغتنام الفرصة، والدخول بقوة فى عملية إعادة إعمار كل من تركيا وسوريا، والتى قد تزيد على ٢٠٠ مليار دولار، عبر توظيف كل الإمكانيات سواء بنية تحتية أو توافر مصادر الطاقة أو حتى توسط الموانئ المصرية، علاوة على قرب مصر من كل الأسواق المستهدفة، فالنجاح فى جذب الاستثمارات له وجهان، هما توفير العملات الدولارىة، وزيادة الاحتياطى الأجنبى وتوسيع الرقعة الصناعية أفقياً، وزيادة المصانع القادمة من الخارج مما يؤدى إلى مضاعفة الضرائب التى تمثل ٨٠٪ من إيرادات الموازنة فى مصر، مع تعظيم القدرة على جذب الصناعات التصديرية، ويمكن استغلال نقص سلاسل الإمداد فى العالم فتستطيع مصر من خلال مقوماتها التى تم تأسيسها فى السنوات الماضية أن تغتنم بعض الفرص، لذا يجب أن تتجه مصر بخطى متسارعة نحو الدخول فى تكتلات اقتصادية، لإيجاد الحلول للأزمات الخطيرة التى يمر بها العالم، والمشكلات الكبرى التى لا يمكن مواجهتها إلا عبر سلسلة من التكتلات المتصلة بعضها بعضاً، فالعالم الآن لا يتحمل بالفعل مواجهات سياسية بين الدول المؤثرة فى الساحة العالمية، فكيف الحال بمواجهات عسكرية لن تأكل النمو وترفع الغلاء وتزيد الفقر وتبقى الإمدادات فى خطر متواصل فحسب، بل ستدمر مكتسبات كثيرة، والتجمعات بما فيها تلك التى لا ترتبط سياسيا سيكون لها دورها الرئيسى فى تعزيز التعافي، وإنقاذ قطاعات اقتصادية متعددة مهددة، فى هذه المرحلة العالمية الحرجة، فالنمو السريع للتكتلات الاقتصادية الإقليمية فى عالم لا توجد فيه حدود أو فواصل تمحى الكيانات القطرية، فالتكتلات الاقتصادية الإقليمية الجديدة بطبيعتها المتعددة الأطراف، وتشابك العلاقات الاقتصادية والسعى إلى تحرير الاقتصاد، وتعدد الروابط المالية والتجارية، فإن الأزمات الاقتصادية المعاصرة لا تستثنى هذه التكتلات دون أن تكون منعزلة عن تأثيرها بشكل عميق أو بسيط على حسب درجة الروابط الاقتصادية، وبما أن الأزمات بطبيعتها آفة تصيب النشاط الاقتصادي، لكن هذا لا ينفى إمكانية التكتلات الاقتصادية التصدى لها وتعزيز مسيرتها التكاملية.

 

رئيس المنتدى الاستراتيجى للتنمية والسلام