مصر التى فى خاطرى (1)
مصر بلد الأمن والأمان، مصر خزائن الأرض، مصر بلد العلم والتمكين كما ورد فى القرآن الكريم، مصر التى حظيت بالتشريف وخلدها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وورد ذكرها أكثر من مرة موصوفة بالأمن والأمان والخيرات والجنات والزروع والمقام الكريم، وليس فى العالم بلد أثنى الله عليه فى القرآن بمثل هذا الثناء ولا وصفه بمثل هذا الوصف ولا شهد له بالكرم غير مصر. وليس فى العالم بلد أوصى به وبأهله رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير مصر التى حظيت وشرفها الله عز وجل بأنبيائه الذين عاشوا على أرضها, فنبى الله إدريس أول من علم المصريين المخيط وبعث بأرض الكنانة, وخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام أقام بين أهلها وتزوج هاجر المصرية أم إسماعيل الذى باركه الله, فكان صديقاً نبياً ومن إسماعيل خرج أعظم الأمم وهى العرب. ومنها تزوج نبى الله يوسف, ووفد إليها يعقوب عليه السلام وأخوه يوسف وعاشوا على أرض الكنانة, ونشأ بأرضها أنبياء الله موسى وهارون، ونبى الله دانيال ويوشع, وإلى أرضها أتت مريم وعيسى عليهما السلام فكانت مصر حصن أمان لهما. وأعظم هذا التشريف هو رسول الله صلى الله عليه وسلم, فكما كان لإبراهيم الخليل زوجة مصرية كان لرسول الله «مارية القبطية المصرية» التى أنجبت له إبراهيم.
وقد ذكرت مصر فى القرآن فى مواضع كثيرة منها آيات ورد فيها ذكر مصر صريحة وآيات بالإيماء، فقال تعالى:
(اهْبِطُوا مِصْرًا فإن لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ). (سورة البقرة:61)، (وَأَوْحَيْنَا إلى مُوسَى وَأَخِيهِ أن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا). (سورة يونس:87)، (وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ). (سورة يوسف:21)، (ادْخُلُوا مِصْرَ إن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ). (سورة يوسف:99)، (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِى قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الأنهار تَجْرِى مِن تَحْتِي). (سورة الزخرف:51).
الآيات السابقة ذكرت فيها مصر فى القرآن الكريم خمس مرات صريحة باللفظ، وباقى الآيات التالية ذكرت فيها مصر فى القرآن بالإيماء منها قصة يوسف عليه السلام.
وقال الإمام الكندي: لا يوجد بلد فى أقطار الأرض أثنى الله تعالى عليه فى القرآن الكريم كما أثنى على مصر، ولا وصفها بمثل ما وصف به مصر، ولا شهد له بالكرم كما شهد لمصر.
وفى قصة عيسى بن مريم عليهما السلام: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إلى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ). (سورة المؤمنون:50), والربوة هى المكان المرتفع المخضر، وعلماء الجغرافيا أجمعوا على أن الربى وهى جمع ربوة لا توجد إلا فى مصر فقط.
لذلك قالوا إن عيسى عليه السلام لما اضطهدته اليهود وعزموا على قتله نزلت به أمه مصر، ومن ثم فإن الله تعالى آواهما إلى ربوة ذات قرار ومعين.
وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى ذكر مصر أنه قال: (ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بأهلها خيراً فإن لكم منهم ذمة ورحماً) رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جنداً كثيفاً، فذلك الجند خير أجناد الأرض، قال أبو بكر لمَ يا رسول الله؟ قال لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة). فمصر هى حمى الإسلام بشهادة الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاء الأنبياء آدم ونوح ووصفها بالأرض الطيبة المباركة التى هى أم البلاد وغوث العباد.
وثبتت عنه الوصية بأهل مصر فى الحديث: إنكم ستفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط فاستوصوا بأهلها خيراً، فإن لهم ذمة ورحماً. رواه مسلم.
وفى رواية أنه قال: إذا فتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيراً فإن لهم ذمة ورحماً. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبى والألبانى.
وقد فسر أهل العلم الذمة والرحم فى شأن أهل مصر بكون هاجر أم إسماعيل قبطية، وأن مارية أم إبراهيم ولد النبى صلى الله عليه وسلم قبطية.
وكيل كلية التجارة جامعة بنى سويف السابق