بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مؤتمر المناخ.. رؤية ثاقبة للرئيس وتنظيم أبهر العالم والنتيجة نجاح فاق التوقعات

لم تكن الدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف COP27 التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والتى عقدت فى مدينة شرم الشيخ، حدثاً هيناً أو مجرد مؤتمر عابر، وإنما مثلت اختباراً قوياً للدولة المصرية، وانتصر فيها التنظيم الجيد والتحضير القوى والرؤية الثاقبة لتاريخ مصر، لتثبت أنها دولة قوية ومسئولة وقادرة على استضافة الأحداث الكبرى، إذ تعد قمة المناخ أكبر حدث فى العالم يضم جميع الدول، فقد استقبلت مصر نحو 40 ألف زائر فى مدينة السلام، حيث ظهرت مصر فى أبهى صورها، وهو الأمر الذى أثار إعجاب المشاركين بقدرة مصر على تنظيم هذا الحدث الضخم.

ولطالما حظيت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى افتتاح فعاليات قمة المناخ COP27 بتأييد ودعم جميع زعماء وقادة العالم، فقد أبرزت وسائل الإعلام العالمية دعوة الرئيس لتوحيد الجهود من أجل وقف الحرب الروسية الأوكرانية وإحلال السلام والتركيز على مواجهة مخاطر التغيرات المناخية، بالإضافة إلى مبادرة مميزة أطلقها الرئيس لإنشاء منصة لتقييم أثر الحروب على تغير المناخ والبيئة، والتفكير فى جمع مئات المليارات لمساعدة الدول النامية على التصدى لتغير المناخ.

كما عكست قمة المناخ حالة الود والتقارب التى جمعت الرئيس السيسى بالسيدة نانسى بيولسى، رئيس مجلس النواب الأمريكى، إحدى أقوى النساء فى العالم، والتى اجتمعت مع الرئيس لمناقشة عدد من القضايا الإقليمية والعالمية محل الاهتمام المشترك، لتؤكد أن العلاقات المصرية الأمريكية فى أفضل أحوالها وليس كما يشيع البعض، وهو ما أكدته زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن التى استمرت لمدة 3 ساعات وصف فيها مصر بـ«أم الدنيا» وأنها الأحق باستضافة قمة المناخ، فى اعتراف ضمنى مهم بالدور الذى تلعبه مصر إقليمياً وعالمياً، وحرص الولايات المتحدة على حماية وتعزيز هذه العلاقات فى ظل ما يتعرض له العالم من متغيرات سياسية واقتصادية.

وربما كان ذلك سبباً فى إعلان الرئيس الأمريكى جو بايدن، خلال كلمته التى ألقاها فى مؤتمر قمة المناخ تقديم مبلغ 500 مليون دولار لدعم تحول مصر للطاقة الخضراء، مؤكداً دعمه الكامل للطاقة النظيفة التى يحتاج إليها العالم، كما جاءت كلمته متفقة تماماً مع الرؤية التى تتبناها الدولة المصرية بشأن ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التغير المناخى، وأن تكون الدول الغنية داعمة للدول النامية فى مواجهة التغيرات المناخية المحتملة، والتحول للطاقة الخضراء خاصة الدول الإفريقية المعرضة للجفاف والفيضانات متأثرة بالتغيرات المناخية التى يشهدها العالم، حيث خصص مبلغ 150 مليون دولار لدعم الدول الإفريقية فى مواجهة التغيرات المناخية أيضاً.

وهو ما يؤكد نجاح مصر فى دفع الدول الكبرى نحو تنفيذ تعهدات قمة باريس، وتعويض الدول الإفريقية المتضررة من التغيرات المناخية، فعلى الرغم من أن القارة السمراء هى الأقل مساهمة فى إجمالى الانبعاثات على كوكب الأرض بنسبة لا تتخطى الـ4%، إلا أنها الأكثر تضرراً حيث تعانى بعض المناطق من الجفاف والتصحر بالإضافة إلى الفيضانات فى بعض المناطق، وهو ما يتطلب تحركاً سريعاً من جانب دول العالم لمساعدة ملايين من البشر المهددين بترك أوطانهم نتيجة الظواهر الطبيعية المصاحبة للتغيرات المناخية.

وكان لحزب الوفد عدد من التوصيات بشأن قمة المناخ، منها توسيع مشاركة المجتمع المدنى ضرورة فى مواجهة القضايا المناخية والبيئية كحلقة وصل بين الحكومة والمواطنين فى تنفيذ سياساتها، من أجل وقف معاناة كوكب الأرض، وهذا لن يتحقق إلا فى وجود هياكل تنظيمية تحتوى المواطن وتنظم جهوده لخدمة القضايا البيئية، وبنائه فكرياً وثقافياً من خلال إطلاعه على كل المعلومات والعقبات التى تنمى قدراته، ومن ثم يمكنه المشاركة فى تنفيذ سياسات الدولة فى هذا الصدد.

وتعزيز جهود الدولة نحو خفض معدلات انبعاثات الغازات المتسببة فى ارتفاع درجة حرارة الأرض، والعمل على تقليل الاحترار العالمى باعتباره السبب فى موجات الطقس السيئ وتقليل الجفاف الذى أصاب البيئة والأرض، بالتزامن مع وضع خطط وتدابير تنفذ على أرض الواقع للتكيف مع التغيرات المناخية.

فنحن داخل حزب الوفد نتطلع لخروج القمة بإجراءات حاسمة لحماية الكوكب، مع مراعاة التغيرات العالمية التى ضاعفت من خسائر الدول النامية بسبب التغيرات المناخية، فالتغيرات المناخية أصبحت خطراً يهدد الإنسانية.

والحقيقة أن تنفيذ سياسات الدولة يتطلب بيئة تشريعية محفزة وتعزيز البعد البيئى فى جميع المجالات، لذلك سأحمل على عاتقى خلال الفترة المقبلة التقدم بمقترحات تشريعية تدعم القضايا البيئية، وتعمل على تحسين الوعى البيئى، وهنا أدعو الحكومة إلى إعادة النظر فى قانون البيئة الحالى وإجراء تعديلات تلائم التغيرات المستمرة فى مجال البيئة والمناخ على مستوى العمل.

هذا كله بالإضافة إلى العمل على مراعاة البعد البيئى فى كل سياسات الدولة، فعلى عكس ما يتصور البعض إن قضية التغيرات المناخية لا يمكن حلها فى يوم وليلة، ولكنها قضية دائمة تحتاج إلى تغيير سياسات وآليات وخطط على المدى القريب والمتوسط والبعيد، فلابد من العمل على تغيير الثقافة البيئية للمواطنين، وتوعيتهم بمراعاة البعد البيئى فى جميع تصرفاتهم وسلوكياتهم، لذلك لزام على الدولة المصرية التى تتبنى سياسيات جادة لمواجهة التغير المناخى أن تبدأ التوعية البيئية منذ الصغر، من خلال تدريس مادة الوعى البيئى لكى تسهم فى تشكيل وعى الأجيال القادمة.

كما أؤكد ضرورة وجود منصة خاصة بدعم الاستثمارات الصديقة للبيئة وتقديم الدعم اللازم لأصحابها، مع منحها العديد من الحوافز لتشجيع المستثمرين على دخول هذا المجال، وإنشاء مركز بحوث متخصص فى الطاقة الشمسية للمناطق الصحراوية، وهو الاقتراح الذى تمت مناقشته فى جلسة «نحو الوصول إلى صفر انبعاثات كربونية»، وإطلاق استراتيجية وطنية لتوطين الصناعة المحلية لجميع عناصر سلسلة إنتاج الهيدروجين الأخضر.

وأدعو وزارة البيئة للتعامل مع قمة المناخ باعتبارها بداية حقيقية نحو تغيير البيئة المصرية بداية من دعم مشروعات إعادة التدوير، والاهتمام بالمساحات الخضراء، والتخلص من شبح القمامة الذى يهدد الشارع المصرى، والاهتمام بالمساحات الخضراء، وتشجيع المواطنين على زراعة كل المساحات المتاحة فى منازلهم، فهى خطوة رغم بساطتها إلا أنها قادرة على تقليل معدل الانبعاثات بالإضافة إلى المظهر الجمالى الذى ستضفيه على الشارع المصرى.

وأخيراً الدولة المصرية نجحت بما لا يدع مجالاً للشك فى إدارة قمة المناخ كما أرادت، وحققت العديد من المكاسب على المستوى السياسى والاقتصادى أيضاً، مصر أكدت للجميع أنها دولة كبيرة على رأسها قائد قوى لديه قدر كبير من الحكمة والذكاء يمكنه من التعامل مع المتغيرات العالمية، مع الحفاظ على الموقف المصرى الثابت تجاه القضايا الإقليمية والعالمية الرافض للتدخل فى شئون الدول الأخرى، والتأكيد على دعم الأنظمة الوطنية فى العالم، والسعى نحو إحلال السلام فى كل شبر فى هذا العالم، باعتبار أن الأمن والاستقرار حق من حقوق شعوب العالم التى يجب أن تتحقق، لتصبح cop27 نقطة مضيئة فى التاريخ المصرى.