هَذَا رَأْيِي
شكرًا طارق عامر
لا نملك إلا أن نقدم الشكر لمحافظ البنك المركزى السابق طارق عامر.. فبعيدًا عن إنجازاته أو إخفاقاته فى إدارة ملف السياسية النقدية لمصر خلال فترة وجودة محافظا للبنك المركزى المصرى طيلة ما يقرب عن سبع سنوات فيحسب للرجل جرأته فى اتخاذ القرارات فى ظل الظروف التى نعيشها.. اعتذار طارق عامر عن استكمال فترة ولايته الثانية قرار ليس بالسهل أو اليسير.. وبعيدًا عن الجنوح لاسبابه ومسبباته فقد سن الرجل سنة نتمنى أن يحذوا حذوه أى مسئول لا يجد فى قدرته أن يقدم شيئا جديدًا أو أنه غير قادر على تحمل أعباء مسئوليته، فعليه أن يعتذر ويترك موقعه لمن يكون قادرًا على ذلك.. لا شك أن الفترة التى قاد فيها طارق عامر دفة الأمور كمحافظ للبنك المركزى من أصعب الفترات التى مرت بمصر.
فمصر تعرضت خلال الفترات الأخيرة لثورتين وجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، فهذه الهزات تعد من الصدمات الكبرى لاقتصاديات أعتى الدول، فما بالك لدولة نعلم ما تعانيه من أزمات اقتصادية منذ عصور.
مما لا شك فيه أن مصر كانت بحاجة إلى اتخاذ قرارات اقتصادية حاسمة وجازمة وجريئة تأخرت كثيرًا، وكان تأخرها سببا فى العديد من آثارها السلبية التى ألمت بنا مؤخرا.
إدارة دفة اقتصاد فى ظل مثل هذه الأحوال ليس بالأمر السهل أو اليسير، كان البنك المركزى وعلى رأسة طارق عامر بعد أن اعتذر محافظ البنك الأسبق هشام رامز عن استكمال مدته، بحاجة إلى شخصية قوية ولديها من الجرأة والشجاعة لاتخاذ قرارات من شأنها تخطى الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تمر بها البلاد.
قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى، تعيين طارق عامر مستشارًا لرئيس الجمهورية، مقدما الشكر له على ما بذله من مجهود خلال فترة توليه مسئولية البنك المركزى، بعدما قبل اعتذاره عن عدم الاستمرار فى منصبه هو بمثابة تقدير لجهود الرجل، خاصة أن هذا التقدير والتكريم جاء من رأس الدولة التى تدرك ما قدمه طارق عامر وفريقه من أبناء البنك المركزى من جهود.
سياسيات البنوك المركزية هى سياسات نقدية تعد انعكاسا لسياسات مالية واقتصادية بحاجة إلى إعادة النظر فيهما وتغيير أدواتهما وطريقة إداراتهما.
هذه المرحلة تتطلب أن يتسلح الجميع بجرأة وشجاعة طارق عامر، فمن يستشعر فى نفسه عدم القدرة على العمل بالقدر المأمول لتحقيق نهضة بلدنا عليه أن يفسح المجال لضخ دماء جديدة قادرة على تحمل المسئولية.
مشكلة مصر الاقتصادية ليس سببها السياسات النقدية ولكن مشكلة انتاجية، ودولة تنفق بسفه أكثر من إيراداتها وتستورد أكثر من صادراتها.
دور البنك المركزى ليس إدارة العمل المصرفى فقط، وإنما التعامل بحنكة مع المتغيرات والأدوات النقدية بما يحقق مصلحة الاقتصاد، وهذا هو المطلوب والمأمول من حسن عبدالله الذى تم اختياره محافظا للبنك المركزى.