بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤى

سياسى

الذى بتابع الصراع الدائر الآن بين المسلمين واليهود على الآثار والمقدسات الدينية فى فلسطين المحتلة، يكتشف بسهولة أنه صراع أيديولوجى فى المقام الأول، وليس له دخل بالعقيدة من قريب او بعيد، خاصة من جهة العدو الصهيونى، الذى كرس لهذا الصراع بهدف تهويد اكبر كم من المواقع العربية، وضمها إلى خريطة الاراضى المحتلة، لسد الطريق مستقبلا على الفلسطينيين، والخروج بأقل مساحات ممكنة فى اى تسويات قادمة.

واغلب الظن إن مسلمى سنوات المئات الأولى من الفتح الاسلامى لفلسطين وأيضا المؤرخين المسلمين، هم الذين أعطوا - دون قصد - الأداة أو السلاح لصهاينة اليوم ليدخلوا الصراع مع الفلسطينيين، ويزاحموهم فى امتلاك المواقع الأثرية الدينية.

فقد لعبت روايات المؤرخين المسلمين عن نشأة هذه المواقع، دورا كبيرا فى التكريس لواقع غلف بهالة من التقديس، مع انه قد شيد فى اغلبه على الوهم والخيالات الليلية، خاصة الروايات التى تناولت المواقع التى تخص أنبياء بنى إسرائيل.

وقد استغل الإسرائيليون المكرس الاسلامى لوضع أيديهم على العديد من المواقع التى نسبت لأنبيائهم، ليس حبا فى هؤلاء الأنبياء، ولا حتى لشدة إيمان، بل لزيادة اكبر كم ممكن من الاراضى المحتلة، وتضخيم مساحة الخريطة التى تشير للدولة الزعيمة.

وابلغ مثال على هذا، القبران المنسوبان للنبى يوسف عليه السلام فى الاراضى المحتلة، حيث يشير الواقع فى فلسطين إلى قبرين احدهما فى مدينة نابلس والأخر فى مدينة الخليل، وفى كليهما قيل إن رفات النبى يوسف قد دفن فيه، وان كان الفلسطينيون ينحازون للقبر الموجود بجوار القبر المنسوب للنبى إبراهيم فى مدينة الخليل، وعندما دخل الصهاينة فلسطين، وبعد ان هودوا معظم الاراضى المحتلة، بدأوا يلتفتون إلى الرقعة الصغيرة التى يسكن عليها الفلسطينيون، فدفعوا العديد من الإسرائيليين المتطرفين دينيا إلى زيارة هذه القبور، خاصة المقام المنسوب للنبى يوسف فى مدينة نابلس، وأداء الشعائر الدينية إمامها، لخلق واقع مقدس فى ذهنية اليهود داخل الاراضى المحتلة وخارجها، وأيضا فى عقلية المسلم الفلسطينى، بأهمية هذا المقام فى العقيدة الدينية اليهودية، ما يسهل بعدها المطالبة بهذا الموقع وضمه للمساحات المسلوبة، هذا فى الوقت الذى لا تعترف فيه الديانة اليهودية بقيمة المقابر، ولا حتى بنبوة يوسف عليه السلام، حيث من الثابت فى النصوص التوراتية إن اله بنى إسرائيل (يهوه) حذرهم من لمس الجثث والقبور، وأمر بمعاقبة المتنجس بلمس القبور بالقتل فى حالة عدم تطهره، لأن لمس القبور حسب هذه الشريعة يعد من النجاسات الكبرى (انظر: سفر العدد، واللاويين)، كما منعهم من إقامة الأضرحة والنصب على قبورهم ومناجاة الجان والأرواح (انظر سفر التثنية)، وبالنسبة ليوسف فقد تعاملت معه النصوص على انه أمير ورجل صالح وليس نبيا، حيث إنه الشخصية الوحيدة التى لم تحظ بظهورات إلهية، كما انه لم يتلق وحيا من السماء، وتاريخ بنى إسرائيل يشهد بأنهم لم يهتموا قط بتخليد نبى من أنبيائهم، أو لأنهم سعوا إلى تشييد مقام على قبر احدهم، ولا حتى فكروا فى البحث عن موقع رفات احدهم، سوى بعد أن احتلوا الأراضى الفلسطينية.

[email protected]