رؤى
جبنة بالبسطرمة
لا أحب البسطرمة، أكلتها مرة، ربما من أربعين أو خمسين سنة، ولم أتذوقها، كنت أسمع زملائى أيامها يتغنوا بالبسطرمة: يا سلام على جمالها فى سندوتش مع الجبنة، وكنت اسمع واضحك، كل منا يتغنى بما يحبه فى الطعام، الملوخية، دقية البامية، يا سلام على طبق كوارع بالفتة، ولا تنسى الفراخ واللحوم المشوية، والسمك المشوى.
الكاتب الكبير عباس الطرابيلى- رحمه الله- كان يتحدث عن الأكل وكيفية طبخه حتى يسيل لعابنا، وكنا نشم رائحة الطعام فى حجرة الديسك ونحن نعمل، وكنا نقول له كفاية حرام عليك موتنا من الجوع.
لا أكتب هذا المقال لكى أنتقد البسطرمة، إننى لا أعرف شكلها، وكما قلت رأيتها وأكلتها لأول ولآخر مرة منذ خمسين سنة، ربما تغير طعمها. بل لكى أكتب عن قنوات الطبخ، قادتنى المصادفة إلى مشاهدة إحداها، وجرت رجلى لمشاهدة الأخرى، وتابعتهما لفترة طويلة جدا، بسبب قلة الأحداث السياسية، فقلت لنفسى، طالما مافيش أحداث سياسية مهمة يمكن متابعتها، خالص إديها طبيخ، ونشوف همّا ولا عباس الطرابيلى رحمة الله عليه.
فوجئت بشيء غريب جدًا، أن برامج هذه القنوات تقدم وجبات غريبة جدًا وجديدة، لا أعرفها، ولم أسمع عنها، حتى مكونتها أغلبها غريب ولا أعرف حتى اسمه، زوجتى قالت لى إنها طبخات للشباب، بيخترعوا فيها وجبات جديدة.
الغريب فى هذه الطبخات أن الجبنة جزء أساسى من مكوناتها، وهى نوع من الجبنة اسمه موزداريلا أو موزاريلا هو بطل معظم الطبخات مع أنواع أخرى لا أتذكر اسمها، وبعض الأكلات تعرفها لكن طريقة طبخها جديدة وغريبة، على سبيل المثال: مكرونة بالبشامل، تربينا أنها تتكون من مكرونة وبشامل ولحمة مفرومة، إن وجد، وكبد وقوانص الفراخ، أو قرديحى، فى البرامج حاجه تانية خالص، مع المفروم بيضاف نوع جبنة، وآخر طبقة يضاف إليها الموزاريلا، فوق الموزريلا شوية حبشتكنات. الأرز الذى كنا ندخل المطبخ فى اليوم التالى نأكله بأيدنا من جماله، أرز ومياه وشوية ملح، فى البرامج أرز أحمر، وأصفر، ويضاف إليه العديد من المدخلات، التى تجعلك لا تحب النظر إليه.
ده غير ما يسمى البهارات، زمان كان الكمون والفلفل والكزبرة وحاجات أخرى، اليوم أصبح لكل نوع من اللحوم بهارات خاصة بها، وأصبح هناك بهارات لم أسمع بها أبدًا طوال حياتى، مثل: روز مارى، شمر، سماق، ورق الغار، كارى، طرخون، مردقوش، هذا غير نوع لا أتذكر اسمه لونه أحمر يستخدم فى جميع الأكلات.
يجب أن تضعوا فى الاعتبار أننى فلاح، ولدت وتربيت فى قرية، وأغلب الأسر كانت فقيرة، يوم ما يكون فى طبيخ مع زفر(الفراخ) كانت الليلة تبقى عيد، وتضعوا أيضًا فى اعتباركم أننى تربيت على طبيخ أمى- رحمة الله عليها-، وعودت زوجتى على هذا الطبيخ، يعنى بالعربى: أنا غير محايد، الله يرحمه عم عباس الطرابيلى لو كان عيش وشاف قنوات الطبيخ لكان كتب عشرات المقالات.