بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤى

الديانة

قبل سنوات دعا البعض إلى رفع خانة الديانة من البطاقة، وإلغاء مادة الديانة من المدارس، وذلك ضمن ما أسموه بالمساواة بين المصريين المسيحيين والمسلمين، وكخطوة للخروج من محنة الطائفية أو الصراع الطائفى الذى قد يقع - على حد اعتقادهم - بين أبناء الوطن الواحد.

وأيامها استنكرنا هذه الدعوة، وقلنا إنها لا ترتكن إلى إطار أو مرجعية فكرية، لأن الضرر الناتج عن الأخذ بها يفوق الهدف من العمل بها. إلغاء مادة الديانة، على سبيل المثال، من المدارس يعنى تنشئة أجيال بلا عقيدة دينية، وسنفاجأ بعد سنوات أن معظم الشباب لا يعرفون من ديانتهم سوى القشور التافهة، وهذه القشور سوف يتعلمونها من البيوت حسب تعليم وثقافة الأسرة، وقد لا يتعلمونها على إطلاقه بسبب أمية الأب والأم، وهو ما قد يعرضهم إلى الوقوع بسهولة فى أسر الفكر والفقه المتشدد، أضف إلى هذا أن الديانة من العناصر الأساسية فى تشكيل الضمير لدى الإنسان منذ صغره، وعدم تربيته على الحرام والحلال سوف يجعل منه وحشا بلا ضمير ولا أخلاق، والكلام على تدريس مادة للأخلاق بدلا من الديانة، كلام لا يستحق التوقف أمامه، لأن الأخلاق وليدة الديانات وتستقى من الآيات كانت هذه الآيات من القرآن الكريم أو من التوراة أو من الأناجيل، والحديث عن أخلاق لا تستند إلى نصوص أو فكر أو فقه أو حتى روح الديانات، أقرب للحديث عن أخلاق السوق التى ترتبط بحركة البيع والشراء، كما أن الأخلاق هى السلوك الناتج عن ضمير الإنسان وليست هى الضمير، بمعنى أن الأخلاق لا تشارك فى تشكيل الضمير، بل هى نتاج الضمير الذى تم تشكيله من الديانة والعرف والقانون، صحيح قد تكون أخلاق بعض الأشخاص تتعارض والضمير العام، أو أن احد الأشخاص يمارس سلوكيات تتعارض وضميره هو، لكن فى النهاية يتم تقويمهم بالدين أو بالقانون.

والذى يتوقع إلغاء أو الحد من الفتن والصراعات الطائفية بعد رفع مادة الديانة من بطاقة الرقم القومى هو شخص واهم، لأن الذين يميلون للتمييز سوف يلجأون لحيل كثيرة تعلن فكرهم هذا، مثل ارتداء أو دق الصليب وارتداء المصحف أو الجلباب أو إطلاق اللحية، ومثل كتابة الشعارات الدينية على السيارات والمحلات التجارية وربما على المنازل أيضا، وفى هذا المناخ سوف تعود الأسر إلى تراثها الدينى لكى تختار أسماء لأولادها تدل على ديانتهم وتميزهم عن أصحاب الديانات الأخرى، وتساعدهم على عدم الاختلاط فى الزواج، خاصة وأن شهادة الميلاد والبطاقة حسب هذه الدعوات سوف ترفع منها خانة الديانة، وهو ما يعنى أننى لن أستطع تحديد ديانة المتقدم للزواج من ابنتي، كل هذا قد يؤجج الصراع ويعمل على إشعال فتنة حقيقية فى البلاد.

فى ظنى وأد الفتن والتكريس لمفهوم الإخوة فى الوطن يأتى عبر تعليم صحيح الدين، وتربية النشء على روح التسامح وقبول الآخر التى تقام عليها الأديان، وليس فى إلغاء خانة الديانة.

[email protected]