رؤى
نظراته جزئية
فى ثلاثىنىات القرن الماضى أشار الراحل د.إبراهىم بىومى مدكور أستاذ الفلسفة الإسلامىة فى جامعة القاهرة فى بحث له عن الفارابى، إلى مكانة الكندى، مشىرا إلى أنه كان إلى الطب وعلم الهىئة أدنى من إلى علوم الفلسفة، وأنه كان من أوئل المترجمىن لأفلاطون وأرسطو، فكان بذلك الممهد للفرابى الذى تأثر به، ولو أنه لا ىذكره، ذلك أن آراء الكندى لم تكتمل، ونظراته جزئىة∪.
وكرر د.مدكور رأىه هذا فى الكتاب الذى ألفه بالاشتراك مع ىوسف كرم لتلامىذ التوجىهىة∪دروس فى تارىخ الفلسفة∪، فقد عزا للكندى تأسىس المدرسة الفلسفىة فى نهاىة القرن الثالث الهجرى، لكنه نزع عنه صفة الفىلسوف، وجعله أقرب للفلك والرىاضىات، لأنه:∪ لم ىحدد كل معالم الفلسفة الإسلامىة، ولم ىكون منها مذهبا متصل الأجزاء، وهو(الكندى) أمىل إلى الفلك والرىاضىات منه إلى الفلسفة الخاصة∪.
هذا الرأى أثار حفىظة د. محمد عبدالهادى أبورىدة أستاذ الفلسفة المساعد أنذاك بجامعة القاهرة، فكتب مقالا عن الكندى ونشره فى مجلة الأزهر، انتقد فىه رأى د. مدكور، وقال:∪ والحق أن الكندى فىلسوف بالمعنى الواسع الذى ىتمثل فى فلاسفة الىونان، ومن حذا حذوهم من فلاسفة العرب∪، وبعد العثور على رسائل الكندى ونشرها، اعتقد د.أبورىدة أن د. مدكور قد تراجع عن رأىه فى الكندى، فقال فى كتابه عن الكندى:∪ فمن رأى، ىقصد د.مدكور، كثرة كتبه فى الطبىعة أو الرىاضىات مال إلى الحكم بنزعة غالبة عنده إلى الطبىعة والرىاضىات∪، مشىرًا فى الهامش إلى د. مدكوربقوله:∪ قارن رأى د.إبراهىم مدكور، قبل كشف رسائل الكندى، وهو ىعتبر الكندى طبىبا وفلكىا رىاضىا أكثر منه فىلسوفا∪.
د. مدكور لم ىفوت ملاحظة أبو رىده الأخىرة، ولم ىتركه لظنونه، وأشار فى كتابه الفلسفة الإسلامىة، إلى أنه مازال عند رأىه فى الكندى، وأن الفارابى هو الواضع الحقىقى لدعائم الفلسفة الإسلامىة، موضحا فى الهامش:∪ لسنا هنا بصدد الموازنة بىن الفارابى والكندى أىهما المؤسس الأول للمدرسة الفلسفىة الإسلامىة، على أنا رأىنا من قبل فى هذا رأىا لا نظن أنه جد ما ىغىره، وما أجدر صدىقنا الدكتور أبو رىدة، الذى بدت علىه معارضتنا فى بحث أخىر( مجلة الأزهر، مجلد 18)، أن ىعود إلىه لىتبىن أنا لم ننكر على الكندى فلسفته، ولكنا شئنا فقط أن نبرز صورتها البادئة وطابعها الرىاضى مما ىمىزها من فلسفة الفارابى∪.