بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤى

صعاليك الحوفى

د.أحمد الحوفى الأستاذ بآداب القاهرة رحمة الله عليه، وضع فى سنة 1949 بكتابه «الحياة العربية بالشعر الجاهلى» أحد تعريفات مفهوم الصعلكة، بعد 10 سنوات وتحديدا في سنة 1959 كرس د.يوسف خليف رحمة الله عليه بكتابه «الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلى» للمفهوم. وهو أقرب للصوصية.

والغريب أن من تناولوا الظاهرة فيما بعد، مثل: أحمد أمين (الصعلكة والفتوة فى الإسلام)، ود.شوقى ضيف (العصر الجاهلى)، ود.حسين عطوان (الشعراء الصعاليك فى العصر العباسي الأول)، ود.عبدالحليم حفنى (شعر الصعاليك) وغيرهم من الباحثين الشباب، اعتمدوا على التعريف الذى وضعه الحوفى فى الاربعينيات، وثبته خليف فى الخمسينيات من القرن الماضي، وأصبح من البديهيات، فى الأدب المعاصر، أن الصعاليك هم مجموعة من: الفقراء، الذؤبان، اللصوص، قطاع الطرق، كما أصبح من الصعب التمييز بين الصعلوك وقاطع الطريق، والصعلوك وزعيم العصابة، فقد صورته معاجم اللغة والأخبار التي وضعها سادة القبائل الصعلوك فى صورة المجرم الذى يتربص بالمارة وبالقبائل ويغير عليها: يقتل، وينهب، ويسبى النساء، كل هذا بسبب، حسب الروايات، فقره، وعدم توافقه مع قبيلته.

بعيدا عن الاسترسال تعالوا نطرح بعض الأسئلة التي قد تساعدنا على تقديم تعريف جديد للمصطلح وللظاهرة، تعريف يرسم صورة أقرب في ملامحها للواقع آنذاك، السؤال الأول: لماذا كان الصعاليك من الشعراء؟، الأخبار التي وصلتنا عن الصعاليك في معاجم اللغة وكتب الأخبار ربطت بين الصعلكة وبعض الشعراء، جميع من وصفتهم بالصعلكة كانوا من الشعراء، ولم نعثر على خبر واحد أطلق فيه على أحد الأشخاص بالصعلكة من غير الشعراء.

السؤال الثاني: لماذا كان الشعراء (الصعاليك) على خلاف مع قبائلهم؟، بصياغة أخرى: ما هى أسباب عدم التوافق بين الصعاليك وقبائلهم؟، ولماذا رفضتهم القبائل وهم من الشعراء؟.

ما وصلنا عن المجتمعات القبلية قبل الإسلام يؤكد أن القبائل كانت تحتفى بظهور شاعر بها، فإذا نبغ شاعر بقبيلة ركبت العرب، حسب النهشلى في الممتع، إلى القبيلة فهنأتها به، وتقام الاحتفالات (ابن أرشيق: العمدة) وتصنع الأطعمة، وتلعب النساء بالمزاهر، لماذا؟، لأن الشاعر كان يذب عن الأحساب، ويحمى الأعراض، ويخلد المآثر.

والحال كما بينا، ما هي أسباب الخلاف والعداوة؟، الثابت تاريخيًّا أن القبائل العربية كانت تعتز بالنسب وعروبتها، وترفض تماما ضم الجنسيات والأعراق الأخرى إلى القبيلة، وكانت تعامل أولاد الإماء كعبيد (البغدادى: خزانة الأدب، وابن قتيبة: الشعر والشعراء)، وكان الرجل إذا أنجب من أمة لا يعترف بأولادها، وكانوا يطلقون عليهم: الأغربة: وهم الذين سرى إليهم السواد من أمهاتهم الإماء، وهؤلاء الأغربة كانوا يعملون كعبيد فى بيوت آبائهم، والثابت أيضا من الأخبار أن معظم الصعاليك كانوا من الأغربة، هذه الفئة من العبيد ماذا لو ظهرت موهبة الشعر على أحدهم؟، أثر الموهبة على شخصيته؟، وما هو موقف الأسرة والقبيلة منه؟ للحديث بقية.

[email protected]