هَذَا رَأْيِى
الثبات الانفعالى
الثبات الانفعالى للإنسان هو أن تكون لديه القدرة على التحكم فى انفعالاته، فلا تظهر هذه الانفعالات بشدة سواء فى لحظات الغضب أو الغيرة أو الفرح أو الحب أو الحزن خاصة وقت التعامل مع الضغوط والأزمات.
عشنا بالأمس القريب ما حدث فى مستشفى الحسينية بالشرقية وشاهدنا طاقم التمريض أحد أبطال الأطقم الطبية الذين ندين لهم بحياتنا وهم يحاولون إنقاذ حياة المرضى بعدما خف ضغط الأكسجين وبدأ المرضى فى المعاناة وقضى نحب عدد منهم، شاهدنا هذه اللحظات العصيبة.
نعم، لحظات أبكت الكثير ممن شاهدوها.. لحظات كشفت مدى الثبات الانفعالى لدى معظم فريق التمريض ممرضات وممرضين وقفوا فى ميدان المعركة وفى لحظات حاسمة منها رابطى الجأش متسلحين باسمى معانى الإنسانية لرسالتهم السامية فى سبيل إنقاذ نفس بشرية قال عنها رب العزة فى محكم آياته (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
نعم، حاولوا وهم فى ثبات رغم قسوة الموقف وصعوبة اللحظات، وقفن ووقفوا ممرضات وممرضين كأسود ضد عدو غادر مكّنته ظروف خارجة عن إرادتهم أن ينتصر ويفترس ضحاياه، لكنكم قاتلتم أيها الأبطال حتى نفدت ذخيرتكم وعتادكم فنلتن ونلتم شرف القتال وخرجتم من عنبر الموت مرفوعى الرأس يضرب لكم الجميع تعظيم سلام.. كنتن وكنتم تحاولون فيها معالجة أخطاء ليس لكم فيها ناقة ولا جمل، ولكن فى النهاية إرادة الله قد نفذت.
نعم، شاهدنا موقفكم البطولى ووسط هذا المشهد شاهدنا آية عبدالله أحد جنود المعركة التى خضتموها بعد أن جلست القرفصاء بعد أن خارت قواها وشعرت بأن ما بذلته من جهد لإنقاذ حياة مرضاها ذهب هباءً منثوراً.
تألمت آية.. حزنت.. صُدمت، أفقدتها الصدمة ثباتها.. لكِ كل العذر يا آية فقلبك الرقيق وخبرتك التى لم تتجاوز عامها الأول بعد تخرجك عجزا على تحمل الصدمة.
شعور إنسانى محل تقدير، نعم كنتِ فى لحظة ضعف إنسانى لها كل التقدير، نلتِ عليه ما نلتِه من تعاطف بعد أن كسرتك الصدمة التى أوجعتنا جميعاً وكانت تلك اللقطة هى الأعلى «ترند» على وسائل التواصل الاجتماعى..فكان لازماً أن نقف طويلاً أمام زملائك فى يسار الصورة التى غطت سماء وسائل الاتصال الاجتماعى والذين صمدوا وكان ثباتهم الإنفعالى مضرب المثل وتاجاً على رؤوس أحد أعضاء الفرق الطبية فى سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لنقول لهم شكراً.
أيها المرابطون على خط الناس وفى الخطوط الأمامية لمواجهة كورونا على مدى أكثر من عام طبتم وطاب مسعاكم.
أيها المرابطون على خط النار منكم من قضى نحبه ومنكم من ينتظر ورغم هذا فمازلتم على ثباتكم لم تهربوا أو تتقاعسوا عن أداء رسالتكم..تواجهون الموت دون خوف أو وجل.. رفضتم التخلى عن مرضاكم.. نناشدكم الثبات ابقوا على عهدنا بكم فأنتم تخوضون منذ عام وزيادة ملحمة سيسجلها التاريخ بأحرف من نور.. سيرويها أبناؤكم وأحفادكم وذووكم بكل فخر وافتخار سيروون لأصدقائهم وقرنائهم. قصص بطولاتكم.. فأنتم من تطيب المجالس بذكرهم.. دمتم زخراً للوطن وفخراً للمواطن.
بقى أن نذكر أن الثبات الانفعالى أصبح موضوع العصر وانتبهت له الكثير من الجامعات بعد أن أكدت دراسات أن 88% من الشعب المصرى يميلون إلى العصيبة ويخسرون الكثير بسبب عصبيتهم، اجعلوها مادة تدرس لأبنائنا فى المدارس.. لا تكن عصبياً وعندما تتعرض لموقف مفرح أو محزن عليك أن تتحكم فى انفعالاتك، علينا أن نتعلم كيفية التحكم فى مشاعرنا وفى الثبات الانفعالى الخاص بنا حتى تصبح ردود فعلنا عوناً لنا وعاملاً مساعداً فى حياتنا، وليست عدواً وعامل هدم وانهزام.