هَذَا رَأْيِي
«شابوه» لـ«ضاحى» و«أبوسنة»
كثيرًا ما نسمع أو نقرأ عن متشرد أصابه ألزهايمر فخرج هائمًا على وجهه فى الشوارع وافترش الأرصفة ليواجه حر الصيف الحارق أو برد الشتاء القارص، وما أكثر ما نسمع عن آباء أو أمهات معسرين أو ميسورين قُذف بهم فى دار مسنين بعد أن تخلى أبناؤهم عن ضمائرهم وجحدوا وقابلوا عطاءهم بعدم الوفاء وسلموهم إلى دار مسنين ليقضوا ما تبقى لهم من أنفاس وينتظروا رنة تليفون تستدعيهم ليتسلموا المرحوم أو المرحومة!
أصبحنا لا نبالى كثيرا من كثرة هذه الحكايات والقصص بعدما أصابنا ما أصابنا من تبلد المشاعر وموت الضمير، ونكتفى بمصمصة الشفاه أو لعنة هنا أو بصقة على وجه من وراء هذه المآسي.
لكن عندما يكون أحد نزلاء دور الرعاية رجلًا بكامل قواه العقلية والبدنية فى بداية العقد الخامس من العمر ليس هذا وحسب وإنما متفوق علميا تخرج في إحدى كليات القمة وهى الهندسة قسم ميكانيكا فهذا مثار عجب ودهشة!!
تدوولت على وسائل التواصل الاجتماعى وعلى بعض المواقع الإلكترونية قصة مهندس عاقل رشيد يفترش الأرصفة تم إدخاله إلى إحدى مؤسسات الرعاية بعد أن ساءت حالته الصحية.
علم المهندس هانى ضاحى نقيب المهندسين بمأساة المهندس المنكوب، وعلى الفور كان القرار بسرعة التحرك لإنقاذ أحد أبناء المهنة وأحد رجال بناء الأوطان، فهذه هى أخلاق الفرسان، فنقيب مهندسى مصر وزير سابق ورجل دولة من الطراز الفريد بما تحمل الكلمة من معانٍ ودلائل فهكذا تكون القرارات ويكون البعد الإنسانى مهما كانت الأسباب.
من حسن الطالع أن يكون المهندس المنكوب تابعًا لنقابة مهندسى القاهرة والتى على رأسها أحد رجال ممن صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وابنًا من أبناء خير أجناد الأرض وأحد تلامذة الفريق مُهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس السابق وابنًا من أبناء العسكرية المصرية قلعة تفريخ الرجال؛ هو اللواء هشام أبوسنة نقيب مهندسى القاهرة.
اللواء أبو سنة لم يفكر كثيرا بعدما علم بالواقعة وتحرك بنفسه ومعه عدد من موظفى النقابة لإنهاء كافة إجراءات استلام أحد أبناء المهنة الذى قست عليه الظروف وغدر به من كانوا فى يوم من الأيام هم السكن والسكينة.
مهندس فى أوائل الخمسينيات من عمره يدعى ا.ر بدون عمل يعانى من بعض الأمراض الجسدية وأصيب بكسر فى الكتف نتيجة سقوطه على الأرض بسبب اعيائه، يحتاج تدخلًا جراحيًا وتركيب شريحة حسب تقرير الأطباء.
فى كلمات بسيطة للمهندس المنكوب تشعر أنه ابن بلد بسيط واقعى وفى دقائق معدودة حكى مأساته ومحطات رحلة حياته حتى وصلت به إلى رصيف فى أحد أحياء القاهرة وتكون محطته الأخيرة بدار رعاية. وبسبب خلافات أسرية كان نتيجتها طرده من البيت والشقة بعد أن ضاعت مدخراته على علاج ابنته الوحيدة وأصبح وحيدًا شريدًا لا يجد من يمد يد العون إليه.
فى لفته إنسانية ليست بجديدة على اللواء هشام أبوسنة اصطحب المهندس إلى أحد المستشفيات بعد استلامه من دور الرعاية للبدء فى إجراء عملية إصلاح ما به من كسور فى الكتف وتجهيز مكان لإقامة المهندس يليق به كمهندس لحين انتهاء مشكلته، ليس هذا فحسب وإنما وعد بتدبير فرصة عمل للمهندس المنكوب حتى يشعر بذاته ومساعدته فى الخروح من كبوته التى ألمت به.
شكرا المهندس هانى ضاحى نقيب المهندسين وشابوه للواء مهندس هشام أبوسنة نقيب مهندسي القاهرة والشكر للجنة الإنقاذ بنقابة مهندسى القاهرة.
بقيت كلمة لكِ أيتها الزوجة؛ زوجك ليس غنيمة لكِ ولأسرتك وأنت أيها الزوج زوجتك ليست فريسة لتنهشها وتلقى بها فى سلة المهملات.. فلا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير .. وأنتم أيها الأبناء لا تردوا عطاء آبائكم بالجحود وعدم الوفاء وتذكروا حديث رسولنا الكريم.. ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة أولهم العاق لوالديه، وثلاثة لا يدخلون الجنة منهم العاق لوالديه. تراحموا فيما بينكم فاليوم عمل وغداً يوم الحساب.