بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

الهدهد

من شابه أباه فما ظلم

فى قديم الزمان.. يحكى أنه كان هناك رجل لديه ولد صغير، خاف الأب على ولده من أن ينجرف مع الهوى فقرر أن يضعه فى حجرة بالمنزل وأغلق عليه الباب وأراد ألا يخرجه من هذه الحجرة أبدًا، كانت والدته تدخل له الطعام والشراب وتطعمه ومن بعد ذلك تخرج وتغلق الباب.

 ومرت الأيام تلو الأخرى وكبر الولد وقد بلغ مبلغ الرجال، وفى يوم من الأيام حينما أدخلت أمه الطعام وخرجت كعادتها، نسيت أن تغلق الباب جيدًا، فخرج الولد من غرفته ووجد أمه جالسة وأمامها فتاة من فتيات الجيران تمشط لها شعرها، فلما رآها شعر بالتعجب الشديد منها، حيث إنه لم ير فى حياته سوى أبيه وأمه.

سألها ابنها ما هذا يا أمى، فأجابته كذبًا أنها رأس ذيب حتى تخيفه، عاد الولد إلى حجرته ولما جاء أبوه ودخل عليه وجده ينشد قائلًا: الذيب ماله قذلة هلهلية، ولا له ثمان مفلجات معاذيب، والذيب ما يمشط بالعنبرية، لا واهنى من مرقده فى حشا الذيب.

 فعلم والده أن الهوى قد أصابه وأراد أن يرسله إلى شيخ القرية حتى يعلمه، وبالفعل ذهب الولد إلى شيخ القرية وعندها سأله الشيخ هل تعلم حروف الهجاء، فقال له الولد نعم لقد علمنى أبى كل حروف الهجاء.

فقال له قل الف قال: الف وليف الروح قبل امس زرناه، غرو يسلى عن جميع المعانى .

قال قل باء فقال: والباء بقلبى شيد القصر مبناه، وادعى مبانى غيرهم مرمهانى.

قال قل تاء فقال: التاء ترانى كل ما وحيت طرياه، افزلو حلو الكرى قد غشـانى .

قال قل ثاء فقال: الثاء ثلوم القلب محد بيرفاه، إلا أن خلى من عذابه سقانى.

فسأله الشيخ من علمك كل هذا، وأجابه علمنى أبى، فعلم الشيخ أن أباه هو السبب فيما حدث لأبنه وقال: من شابه أباه فما ظلم.

لم ار الطفل أحمد أبو المجد «طفل المرور» سوى  ضحية لسوء تربية، يحاكى ما يراه من أفعال وسلوكيات من حوله، واحقاقا للحق هناك ما هو أخطر وابشع سلوكا مما ارتكبه الصغير «ابن القاضي»، هناك  انحدار أخلاقى وانهيار لمفهوم القيم والذوق العام، وسوء خلق، اختفت الشهامة والمروءة، وضاعت النخوة وسط وجوه لا تعرف إلا البحث عن المال والشهرة، وباتت الجرائم غير المألوفة طبيعية ومعتادة.. زوجة تقتل زوجها بمعاونة عشيقها، وأب يقتل ابناءه، وابن عاق يذبح أمه، ناهيك عن تبادل الأزواج وزنا  المحارم، والتحرش فى وضح النهار، وقضايا الاغتصاب، والرشوة.

من أجل ذلك.. نطالب  باستعادة دور المؤسسات التعليمية والدينية والتربوية، فى غرس مفهوم القيم النبيلة والأخلاق الحميدة فى نفوس البشر، وكذلك التنشئة الأسرية السليمة، و تغير مسار وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، التى باتت تقتحم العقول والقلوب دون استئذان.. نحتاج لصحوة اخلاقيه تدعو للفضيلة والاحترام والالتزام  و حسن المعاملة

نحتاج دوما أن نتذكر  لماذا بعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟  إجابة هذا السؤال فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لاتمم مكارم الأخلاق» .. لقد أكد خاتم الأنبياء والمرسلين بهذا الحديث أهمية الخلق، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من أجله؛ فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوى لبيان أهمية الخلق فى الحياة الدنيا.

[email protected]