رؤى
حمار الإبشيهى
لعب الحمار دورًا مهمًّا فى حياة البشرية بعد اكتشاف الإنسان أهميته كوسيلة نقل، والذى ينظر إلى الخلف ويمد يده ويجر بعض السنوات القديمة، سيعثر على بعض الحكايات التى شارك فيها الحمار أو لعب فيها دورا مهما، ولو عدنا إلى الديانات سنجده فى بعض الآيات، فقد ذكر فى القرآن والأناجيل والتوراة، ورغم الخدمات التى قدمها للإنسان فى الحقل، وفى البيت، وفى العمل قبل اختراع وسائل نقل، نال للأسف سخرية وإهانة لا تتوافق وما قدمه للبشرية، واحتل مركزًا متقدمًا فى قائمة الغباوة، والغريب أن السخرية منه لم تقف عند العالمين ببواطن الحمير، بل امتد إلى العامة من الناس على مر العصور.
فى بعض الحكايات والأمثال الشعبية لعب أدوار البطولة، على سبيل المثال: موت يا حمار، حيث ضرب فى التسويف والمماطلة، وهذا المثل لم يصلنا بهذه الصياغة، وعرفناه فى:«موت يا حمار لما يجييك العليق»، وفى صياغات أخرى: «على ما يجيلك العليق»، والعليق هو العلف أو الطعام الذى يقدم للحمار.
أقدم رواية وصلتنا من مثل الحمار الرواية التى ذكرها الإبشيهى فى كتابه «المستطرف فى كل فن مستطرف» فى صياغة:« اقعد يا حمار حتى ينبت لك الشعير»، والإبشيهى هو مؤلف مصرى من ابشواى بمحافظة الفيوم، واسمه شهاب الدين محمد بن أحمد بن منصور الإبشيهى أبو الفتح، ولد عام 790 هجرية(1388 ميلادية)، وتوفى عام 852 هجرية (1448 ميلادية)، ونظن أن الإبشيهى تدخل فى صياغة المثل، ونقله من العامية إلى العربية الفصحى.
وللمثل تفسير متداول نسب إلى أحد الحكام القدماء، نظنه غير صحيح، وملخصه أن الحمار دخل حديقة الحاكم، فأمر الحاكم بقتله، لماذا؟، وما هى جريمته؟، لأن جناب الحمار لا يعرف البروتوكول، كما أنه لم يحترم منازل علية القوم، أحد الرعايا تدخل وتوسط للحمار عند الحاكم، طلب مهلة عشرة سنوات يعلم فيها الحمار الاحترام، ووافق الحاكم على العرض، وسئل الرجل: هو الحمار هيتعلم، قال: لا طبعا، أحببت أن أنقذ الحمار من بطش وغباوة الحاكم، خلال السنوات العشر إما أن يموت الحاكم، أو أنا أو الحمار.
وللحمار حكايات طريفة فى تراثنا الأدبي، وأشهر حمار سمعنا عنه فى العصر الحديث هو حمار توفيق الحكيم رحمة الله عليه، وسيأتى يوم نروى فيه لكم بعضًا من حكاياته.