بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤى

دائرة السحر

الهزيمة كانت ثقيلة ومريرة وموجعة، الشعب تأكد أن زعيمه ومجلس قيادته يخدعونه، سنوات من الخطابة العدائية، تروج لقدرة وقوة أسطورية وسحرية، وإلى ساحر أو نبى يرفع عصاه أو ينطق بعض كلماته تمحى بعدها إسرائيل من الوجود، خطاب التنحى أفاق الشعب من غيبوبته، فك عنه السحر الذى كان يقع فى شراكه، هذا المهزوم ليس زعيما أسطوريا، وليس نبيا أو ساحرا، ضاعت سيناء والجولان والضفة وغزة، أضاع أرواح آلاف الشباب الذين كانوا يحلمون بتكوين أسرة وحياة كريمة، آلاف من الجنود عادوا يجرون أصداء الخطابات الحنجورية، عندما طل من الشاشة يلقى خطاب الهزيمة، تأكدنا جميعا أنه بشر مثلنا، وأن كلماته ليست مقدسة إذا وقعت على الآخر تمحيه وتقصيه، كلمات فارغة من القدرة والسحر والزعامة، لماذا الآن تريد أن ترحل؟، أتيت بالاحتلال وعليك أن تخرجه؟، بعضنا كان لا يزال داخل دائرة السحر، الكلمات والخطابات ما زالت تسكن عقله وروحه، كان يراه نبيا، مسيحاً، قائدا أسطوريا، الزعيم الذى عشش فى ذهنه يجمع بين الناسوت واللاهوت، لا يهزم ولا يقهر ولا ينكسر، كلماته تمتلك قدرة التحقق والفعل، بعضنا رفض الهزيمة، ورفض رؤيتها كما يراها البعض، النبى يمرض والبطل يتعثر والمسيح عذب، هذه ليست هزيمة، هذه نكسة، أيام وسيتعافى البطل النبى المسيح الأسطورة، وستعود لكلماته قدرتها السحرية، سوف ينطق ببعضها وسنرى إسرائيل فى البحر، شمشون وهنت قواه وانطفأت قدرته السحرية عندما قصت خصلات شعره، شمشون لم يمت ضعيفا مكسورا، شمشون لم يستسلم ولم ينزوِ فى المكان، شمشون صبر مثل جميع الأبطال حتى تعافى وعندما عادت له خصلاته مصدر قدراته السحرية وقوته غير البشرية، زأر مثل الأسد إيذاناً بعودته وإعلانا عن غضبه، شمشون هدم المعبد وقتل أعداءه، فضل أن يموت تحت الأنقاض عن الانزواء مع الهزيمة، ضحى بحياته من أجل تحرير بنى جنسه من الأعداء، والمسيح استسلم لبطش اليهود لكى يرفع عن أبنائه وحوارييه وأتباعه الخطيئة، جميع أبطال الأساطير فعلوا لينقذوا البشرية، الزعيم سيتعافى وستعود إليه كلماته السحرية، وقوته الأسطورية، سوف يطرد المحتل الصهيونى من الأراضى العربية، بعضنا مات دون أن يراه يحرر الأراضى، وبعضنا شاهد تحرير بعضها بدون إلقاء إسرائيل فى البحر، ومعظمنا شاهد المحتل الذى جاء به يرحل بعد توقيعه معاهدة بعد معاهدة، وبعضنا ما زال يعيش فى زمن الخطابة والإنشائية، وما زال ينتظر الكلمات السحرية.

[email protected]