رؤى
قرارات الحكومة
عندما قررت الحكومة وقف عمليات البناء الخاصة بالمواطنين لمدة ستة أشهر بحجة مراجعة التراخيص ورصد المخالفات وتنظيم عمليات البناء، كتبنا هنا وطالبنا بالتفكير مرة أخرى فى هذا القرار لأنه سوف يغلق بيوت جميع من يعملون فى المجال المعمارى، وسوف يكون له آثار بالغة على الحلقة الأضعف وهى العمالة باليومية: مبيض المحارة، البناء، النجار المسلح، الفواعلية، الحداد المسلح، السباك، الكهربائى، النجار، المبلط، كما أنه سوف يؤثر على الصناعة والتجارة المرتبطة بهذه الحرفة: مصانع أو قمائن الطوب، الرمل، الأسمنت، الجبس، وغيرها الكثير ممن يعيشون على هامش هذه العمليات: نصبة شاى، نقل المونة والمخلفات بكارو أو تروسيكل أو سيارة نقل، عربة فول. هذه العمالة التى تعيش على عملها باليومية والتى تعمل يومًا وتتعطل باقى الأسبوع سوف تتأثر حياتها، ولن يجدوا قوت يومهم، فكيف يلبون احتياجات الأسرة من الطعام يوميًا وهو عاطل بدون عمل.
الحكومة لم تتوقف عند قرار وقف البناء، ولم تفكر فى إعانة هذه الشرائح التى تقدر أعدادها بالملايين، بل تابعت قرار البناء بقرار مخالفات البناء، ومطالبة المواطنين بتسديد غرامات قاربت فى بداية القرار سعر الوحدة التى سبق واشتراها منذ سنوات طويلة بنظام القسط، وكالعادة لم تلتفت الحكومة إلى أن بعض أو أغلب العمالة البسيطة التى تعطلت بسبب قرار وقف البناء، وغيرها ممن تشردوا بسبب وقف السياحة، قاموا ببناء حجرة فى بيت العائلة أو شقة بالمخالفة، وأن بعضهم قام ببناء بيت على قيراط أرض زراعية لم يعد يجيب همه، هذه الشريحة فوجئت بأنها إما أن تتشرد وتفترش العراء أو تسدد مبالغ طائلة، كيف يسددها فى ظرف ثلاثين يوماً وهو متعطل ولا يجد ثمنًا وجبة طعام لأولاده.
تعالوا نقر ونتفق ونعترف بأن هناك أخطاء وجرائم جسيمة ارتكبت على مدار سنوات طويلة من بعض المواطنين، وأن قرارات الحكومة بالفعل تعمل على ضبط وتنظيم وتصحيح هذه الأخطاء، وأن البلاد بدون هذه القرارات التنظيمية سوف تضيع رقعتها الزراعية، وسوف تتحول بعض أحيائها وقراها إلى مناطق عشوائية بدون مرافق صحية، لكن مع إقرارنا بهذا يجب أن نلفت نظر الحكومة إلى أنها لم تحسن اختيار التوقيت لإصدار هذه القرارات، كان يجب أن تلتفت إلى البطالة التى تسببتها كورونا فى مصر والعالم أجمع، وإلى تأثر اقتصادات البلدان الكبيرة والصغيرة، بسبب بطء عمليات التبادل التجارى، والبناء والتنقل وغيرها، وهذا البطء او التجميد جعل حكومات العالم أجمع تفكر فى مساعدة المواطن على الحياة، على توفير قوت يومه هو وأسرته، وذلك بالإعانات المالية والغذائية، الحكومة المصرية للأسف فى ظل هذه الكارثة أصدرت قرارات تزيد الطين بلة، قرارات دفعت بالملايين إلى البطالة، وقرارات تجبرهم على تسديد قيمة مساكنهم مرة أخرى، من أين وهو لا يجد قوت يومه؟
الحكومة مشكورة بعد العديد من المطالبات أعادت النظر فى بعض القرارات، وقامت بتخفيض فى نسب الغرامات المقررة على الشقق، لكنها مازالت متمسكة بفترة زمنية محدودة للتسديد، ومتمسكة بقرار وقف البناء، لذا نعيد ونكرر ما طالب به الكتاب والإعلاميين والسياسيين بإعادة النظر فى نسب الغرامات مرة أخرى، وفى قرار وقف البناء، وتعمل على فتح المصانع والمنشآت التى توقفت لكى تعود العمالة إلى أعمالها وتجد قوت يومها.