هذا رأيى
الدبلوماسية المصرية.. تعظيم سلام
فخور بأداء دبلوماسية بلدى.. دبلوماسية راسخة وطنية.. رصينة.. كلمة وزير الخارجية سامح شكرى أمام الجلسة الطارئة لمجلس الأمن عبرت بقدرة واقتدار عن أزمة سد النهضة الإثيوبى، ما لها وما عليها، وكشفت للعالم فى زمن لم يتجاوز ٢٢ دقيقة، استغرقها الوزير سامح شكرى فى إلقاء كلمته، مأساة مفاوضات استمرت قرابة عقد من الزمان وانتهت دون وضع نهاية آمنة لأزمة أمن مائى تعد الأولى فى تاريخ مصر بل العالم.
كلمة الوزير سامح شكرى بالفيديو أمام مجلس الأمن الدولى عارضاً قضية مصر وشكواها من المراوغة الإثيوبية والتعدى على حقوق مصر فى نهر النيل، كانت مثالاً لأفضل ما تقدمه مصر على مستوى دبلوماسييها وممثليها بمنطق وحنكة وثقة واقتدار.
اتزان فى الأداء، رصانة فى الأسلوب، هدوء، وثقة، قدرة على تقديم الدفع والدفوع القوية عن موقف قوى ثابت، مبنى على الحق الذى تستند إليه قوة الموقف المصرى.
الوزير شكرى هو أحد فرسان الدبلوماسية المصرية، وامتداد لكتيبة من أفضل دبلوماسيى الوطن الذين شهد لهم العالم بحكمتهم ومهنيتهم وقدرتهم على ترسيخ مبادئ دبلوماسية بقدر حجم دولة كبرى وهى مصر.
ولا ينسى الشعب المصرى أن الوزير سامح شكرى تسلم مهام عمله فى ظروف بالغة الصعوبة والدقة، بعد ثورة يونيه فى أول حكومة فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقدم فى سبيل ذلك جهوداً ضخمة اجتازت بها مصر الكثير من العقبات فى طريقها نحو الانخراط فى المنظومة الدولية.
الوزير سامح شكرى نموذج لتواصل الخبرات والكفاءات المصرية فى مدرسة الدبلوماسية العربية والإفريقية، إذ يحظى باحترام شديد على الساحتين الإقليمية والدولية، جراء دبلوماسيته الحكيمة، وما يمتلكه من رؤى سديدة، وخطاب رصين يجمل فى فحواه ثقافة عالية، وقدرة كبيرة على التواصل وإبلاغ رسائله بمصداقية معبرة عن الهدف المنشود.
كلمة الوزير شكرى كانت محددة العناصر والأهداف بدقة متناهية وعبارات لا تقبل ازدواجية التفسير.
رسالة مصر للعالم عبر وزير خارجيتها واضحة، وهى «إن مصر ستدعم وتحمى مصالحها الحيوية لشعبها.. البقاء ليس مسألة اختيار، بل هو ضرورة تمليها الطبيعة».
الخطوات الأخيرة فى الماراثون هى الأهم.. تحويل الملف للاتحاد الإفريقى كان مطلباً إثيوبياً لضمانهم القدرة على المماطلة، ولعلمهم أن الاتحاد ليس لديه القدرة على الوصول لحل، وأنه وسيلة لتمرير الرغبة الإثيوبية فى استكمال مخططتها لإذلال مصر وتركعيها- بصرف النظر عن سنوات الملء.
إحالة القضية لمجلس الأمن هى الخطوة الأولى فى التعامل الخشن لأزمة سد النهضة، يحسب للدبلوماسية المصرية نجاحها فى تدويل القضية وفشل إثيوبيا فى عرقلة عملية التدويل.
إثيوبيا تريد انتصاراً تاريخياً وإذلال عدوها التاريخى (من وجهة نظر الحكومة الإثيوبية) تعوض به ما تشعر من مهانة ومرارة.. وتحكى أوبرا عايدة قصة انتصار المصريين على الأحباش ووقوع الأميرة الحبشية «عايدة» أسيرة فى مصر، لتصبح وصيفة لـ«آمنيريس»، ابنة الملك الفرعون، وتقع الفتاتان فى حب «راداميس»، القائد الحربى المصرى، الذى يبادل عايدة حباً كبيراً.
وتنتصر مصر، ويطلبون من راداميس الزواج بابنة الفرعون مكافأة له على الانتصار، فيسعى إلى الهرب مع حبيبته عايدة، ويفشى بعض الأسرار العسكرية لها دون قصد، فيعتبرونه خائناً لواجبه العسكرى، ويحكم عليه بالدفن حياً، وتلحق به عايدة وتموت بين ذراعيه فى قبرهما.
كل هذا وذاك أصبح يشكل عند القادة الإثيوبيين الذين يتولون زمام الأمور فى البلاد الآن عقداً نفسية لا يريدون التخلص منها.
بقى أن تعى إثيوبيا وأن تدرك خطورة تعنتها وعرقلة الوصول إلى حل.. على إثيوبيا أن تدرك أن مصر لن تسمح لها بتنفيذ مخططاتها لتعطيش مصر وتشريد مواطنيها.. على العالم أن يدرك خطورة ما تخطط له وتقدم عليه إثيوبيا، الذى يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين.. حمى الله مصر ونيلها العظيم من كل مكروه وسوء.