بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

رؤى

حق الحياة

 

 

عندما كنت فى المرحلة الثانوية قرأت لأحد الصحفيين جملة لم أنسها حتى اليوم، كان مسئولا عن البريد فى أحد الصحف اليومية، وصلته رسالة من ابنة أحد المتهمين، سألت الصحفى: ما هو ذنبنا نحن لكى نجرس بهذا الأسلوب؟، الأب أخطأ وينفذ عقوبته، لماذا تجرسون الأسرة كلها؟، لماذا لا تكتفون بالحروف الأولى من اسمه، وتمتنعون عن نشر صورته حفاظا على أولاده خاصة البنات؟.تخيلوا بماذا رد الصحفى الكبير، قال :ذنبكم أنكم أولاده". بعد هذه الجملة احتقرته، وامتنعت عن قراءة ما يكتبه.

أتذكر هذه الواقعة بمناسبة تسليط وسائل الإعلام على قضية الزوج الذى اتفق مع صديق له على اغتصاب زوجته وقتلها أو لفضحها، قد تكون الجريمة بشعة ومؤسفة، لكنها فى النهاية جريمة أخلاقية، وكان يجب علينا عدم تضخيمها اعلاميا أو تسليط الضوء عليها بهذا الحجم المؤسف، لأنها كما سبق وقلت مجرد جريمة فردية تخص الزوج وليس جميع الأزواج فى مصر.

والمؤسف فى هذه القضية قيام بعض القنوات أو أغلبها بتناولها ونشر صور الزوجة المقتولة، واخضاعها للمناقشة بين بعض الضيوف والجيران، الشيء نفسه قامت به بعض وسائل الاعلام العربية، نقلوا عن المصرية التفاصيل وسلطوا الضوء عليها، وكأن أخلاقيات وسلوك أغلب أو بعض الرجال المصريين على هذا النحو.

المفترض أن تفعل الحكومة، ممثلة فى المجلس الأعلى للإعلام ونقابتى الصحفيين والإعلام، المواد الخاصة بقوانين السب والقذف والتشهير والخوض فى أعراض المواطنين على جميع وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، حتى على مواقع التواصل الاجتماعى، ليس من حق أحد نشر صورة متهم لم يفصل القضاء نهائيا فى جريمته، وليس من حق وسائل الإعلام نشر صور أفراد أسرته أو تسليط الضوء عليهم، الجريمة تخص من فعلها، والمجرم يتحمل جرمه، " لا تزر وازرة وزر أخرى"، ومن حق اسرته ان تعيش فى سلام بعيدا عن التجريس والتشويه، أغلب هذه الأسر للأسف تتفكك وتتشرد وتنكسر بسبب النشر وذكر الأسماء، معظم الأولاد ينقطعون عن الدراسة وعن الأصدقاء، وبعضهم ينحرف بسبب الجرسة التى تلاحقه، وبعض الزيجات تنتهى بسبب النشر والتجريس.

الإعلام ليس أداة لتفكيك الأسر وتشريدها، بل هو أداة للمحافظة على الأسرة وتماسكها وصون كرامة أفرادها، من الظلم أن نعاقب من أجرم بأكثر من عقوبة: السجن، والتجريس، وليس من العدل ولا من الإنسانية ان نعمل على تحطيم وتشريد أسرته، أتمنى ان نعود إلى إنسانيتنا مرة أخرى، وننبذ فكر النميمة والتشفى من صدورنا، يجب أن يتذكر الإعلاميون أن هذا المسلك المؤسف يقضى على أبرياء لهم حق الحياة الكريمة.

 

[email protected]