هَذَا رَأْيِى
الأزمات كاشفة
الحقيقة التى لا تحتاج إلى جدال أن الأزمات كاشفة لقدرة الدول أو المؤسسات أو الأفراد على التعامل مع الأزمة والتعافى منها أو على الأقل الخروج منها بأقل الخسائر.. كما أن الأزمات كاشفة لمعادن البشر وسلوكياتهم.. فالأصالة والانتماء والوطنية لا تبرز فى شكلها الحقيقى إلا فى مثل هذه الظروف.. المحزن فى الأزمات خاصة الإنسانية تجد متكسبين يبحثون دائما عن مصالحهم الشخصية وزيادة مكاسبهم مستغلين الأوضاع الحرجة والظروف وما يمر به الناس.. فمع تفشى وباء كورونا اتخذت العديد من الإجراءات وصدرت الكثير من القرارات سواء لاحتواء الأزمة أو للتخفيف من آثارها السلبية للتسهيل على الناس.
المؤسف فى الأمر عدم تنفيذ العديد من الإجراءات وتطبيق بعض القرارات بالجدية والحزم والصرامة لاحتواء الأزمة.. والشىء الثانى تفشى ظاهرة متكسبى الأزمات أو تجار الحروب على اعتبار أن مجابهة الوباء هى حرب للقضاء أو السيطرة على عدو شرس.. نماذج مخجلة من رجال الأعمال والتجار والصناع وبعض الأطباء والصيادلة استغلت الأزمة أسوأ استغلال سواء بقصد أو بدون قصد، بحسن نية أو بسوء نية.
بدأت ظاهرة متكسبى الأزمة من صناع وموردى مستلزمات الوقاية الشخصية كالكمامات أو المطهرات وما شهدته وتشهده من عبث وفوضى دون التدخل لحماية المواطنين سواء من ناحية الجودة أو التكلفة.. فئة أخرى حولت الأزمة إلى فرص للتكسب والبيزنس خاصة من بعض أصحاب مهنة الأصل فيها الرحمة والإنسانية وهى الطب.. فما أقدم عليه أصحاب المستشفيات الخاصة من تصرفات وتحديد أسعار خيالية لمن يبحث عن ملجأ بعدما داقت به السبل وإعلانهم أسعار خيالية لا يقدر عليها سوى تجار الكيف والآثار والبعض من أصحاب الهمم سواء المشروعة أو غير المشروعة.
ما يمارسه أصحاب هذه المستشفيات شكل من اشكال الاستغلال والتوحش.. وانحراف بمهنة الطب عن شرفها ورسالتها.. فهل يمكن دخول هؤلاء الخدمة لمجابهة تفشى الوباء بشىء من الرحمة والإنسانية؟
نقص الأدوية والمكملات الغذائية التى روج لها البعض مشكلة تبحث عن حل فلا لوم على تصارع المواطنين على الصيدليات لشراء أدوية نصح بعض الأطباء والصيادلة على تناولها للحماية من الوباء.. فالمواطن أصبح ضحية للمتاجرين بالأزمة. الدواء للعلاج وليس للوقاية هذا ما يقوله العلم.. وما يستوجب التركيز عليه.. لا نريد أن نبكى على اللبن المسكوب.. علينا أن نعالج أخطاءنا ونتدارك ما فاتنا.. أصبح الأمر يتطلب توفير الأدوية التى روج لها مافيا شركات الأدوية وأصحاب المصالح ومن شارك معهم فى الجريمة، خاصة بعدما أعلن الدكتور أحمد العزبى رئيس لجنة صناعة الدواء باتحاد الصناعات أن سبب نقص هذه الأدوية فى الصيدليات هو صدور قرارات من وزارة الصحة لمصانع الأدوية بعدم التصرف فى الكميات المنتجة من هذه الأدوية وحجزها لوزارة الصحة.. الغريب ان الوزارة طالبت بعدم تصريف هذه الأدوية والإبقاء عليها فى مخازن المصانع والشركات دون سحبها لمخازن الوزارة!
إدارة الأزمات ليست بالفهلوة.. الشركات والمصانع تريد تصريف منتجاتها المكدسة فى المخازن لحساب وزارة الصحة.. سحب ما يلزم وتصريف باقى المخزون والمنتج للصيدليات الأهلية وفتح خطوط إنتاج جديدة لهذا الأدوية هو حل لهذه المشكلة.. إعادة ضخ هذه الأدوية يخفف الضغط على مراكز الخدمة الصحية الحكومية.. هذا هو المهم فى ظل عدم القدرة على تلبية حاجات الناس وعدم القدرة على إتاحة وصول الخدمات الصحية لمن يحتاجها أو يطلبها.. توفير الأدوية مع حملات التوعية المنضبطة من جهة واحدة مسئولة سيخفف الضغط على منافذ الخدمة الصحية التى تعانى وأصبح معاناتها أكبر فى ظل تفشى الوباء. الاختبار الحقيقى لأى إدارة يظهر فى وقت الأزمات.. ننتظر مرحلة من الرشد فى التصرفات والحكمة فى اتخاذ القرارات لنعبر إلى بر الأمان.. حفظ الله مصر وشعبها من مكروه وسوء.