هَذَا رَأْيِي
استفت قلبك
«استفتِ قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك» هذه كلمات مقتطفة من حديث شريف صحيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. هذه الكلمات أصبحنا نسمعها كثيرا من بعض من يطلقون على أنفسهم التنويريين أو ما يطلق عليهم البعض الدعاة الفضائيين أو دعاة التدين اللذيذ.
فهذه الكلمات مقتطفة من الحديث الشريف « عن وابصة بن معبد–رضى الله عنه – قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئًا من البر والإثم إلا سألت عنه، فقال لي: ادن يا وابصة، فدنوت منه؛ حتى مست ركبتى ركبته, فقال لي: يا وابصة, أخبرك عما جئت تسأل عنه؟ قلت: يا رسول الله, أخبرني, قال: جئت تسأل عن البر والإثم, قلت نعم, فجمع أصابعه الثلاث, فجعل ينكت بها فى صدري, ويقول: يا وابصة, استفت قلبك, والبر ما اطمأنت إليه النفس, واطمأن إليه القلب, والإثم ما حاك فى القلب, وتردد فى الصدر, وإن أفتاك الناس وأفتوك».
هؤلاء التنويريون يقتطفون بعض كلمات هذا الحديث ويجعلونها مطية لهم فى الحكم بالتحليل أو التحريم وفق ما تمليه عليهم أهواؤهم ورغباتهم، فيسوقون للناس مسلكًا ليرتكبوا ما يرتكبون من المحرمات ويقولون : (استفت قلبك)!! مع أن الحديث لا يمكن أن يراد به ذلك، وإنما المراد من الحديث أن المؤمن صاحب القلب السليم قد يستفتى أحدًا فى شيء فيفتيه بأنه حلال، ولكن يقع فى نفس المؤمن حرج من فعله، فهنا عليه أن يتركه عملًا بما دله عليه قلبه.
فالذى يستفتى قلبه ويعمل بما أفتاه به هو صاحب القلب السليم، لا القلب المريض، فإن صاحب القلب المريض لو استفتى قلبه عن الموبقات والكبائر لأفتاه أنها حلال لا شبهة فيها!
اعلم أن فتوى المفتى لا تخلصك من الله إذا كانت تعلم أن الأمر فى الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعك قضاء القاضى لك بذلك، كما قال النبى صلى الله عليه وسلم: (من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من نار).
والمفتى والقاضى فى هذا سواء، ولا يظن المستفتى أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه فى الباطن.، سواء تردد أو حاك فى صدره، لعلمه بالحال فى الباطن، أو لشكه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهل المفتى، أو محاباته فى فتواه، أو عدم تقيده بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها».
فاستفت قلبك حسب ما يسوقون دعاة التنوير تعطيل للشريعة وإنكار لنصوص القرآن..استفت قلبك حسب دعاة التنوير والفضائيات هى التحلل أو التخلص من قيود الشريعة فى مقامات الاشتباه.
استفت قلبك ليس معناه أن الإنسان يترك لقلبه العنان..المراد باستفتاء القلب: أن القلب يطمئن بَعْدَ معرفة حُكْم القرآن والسُّنة فى هذا الأمر، فإذا كان حلالًا، وكان مما يُرضى الله فإن النفس المؤمنة تطمئن إلى هذا الحكم، وأما إذا كان فيه حرام، أو شبهة، فهذا يقع فى النفس منه اضطراب، وفقدان سكينة، وعدم طُمأنينة.
هؤلاء التنويريون أو دعاة الفضائيات أصحاب هوى يدعون الناس إلى هواهم يسوقون للناس أفكارهم ومشروعاتهم الفكرية لبث الشبهات والفتن بين المسلمين، حتى لا يبقى لهم من الإسلام إلا ذلك الشعار المفرغ من كل معنى. هؤلاء التنويريون هدفهم هدم القيم الإسلامية، والأسس التى تقوم عليها..اتركوهم وشأنهم..كفانا الله شرورهم ونجانا من فتنهم.