بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لله والوطن

ما مصير اتفاق «سواكن»

هل يضمر «لص أنقرة» خطة خفية مخادعة لإنفاذ جيشه الغازى الى الأراضى الليبية بخلاف ماهو ظاهر أو متوقع؟.. أردوغان ليس غبيًا ليظن أنه سيستطيع المرور بحرا الى السواحل الليبية فى ظل الوجود العسكرى المكثف للبحرية المصرية واليونانية والقبرصية وغيرها فى مياه المتوسط.. هو أيضا يدرك أنه لن يستطيع نقل قواته جوا.. لنفس الأسباب.. وخاصة بعد فشل مناورته فى تونس.. وفى ظل الموقف الجزائرى الرافض بوضوح لهذا التدخل.. وكذلك الحشد الدولى الضخم الذى مارسته الدبلوماسية المصرية خلال الأيام الماضية للتصدى للمخطط التركى العدواني.. وإرسال بعض الدول الكبرى قطعا بحرية تابعة لها لتأمين مرور سفنها التجارية فى المياه الدولية.

•• هنا نسأل بشكل مباشر:

ما مصير الاتفاق الذى وقعه الرئيس التركى مع النظام السودانى السابق.. على تسليم أنقرة إدارة جزيرة «سواكن» السودانية؟.. هل مازال هذا الاتفاق قائمًا فى ظل التطورات السياسية وتغير خريطة الحكم فى جمهورية السودان الشقيقة.. لم نسمع حتى الآن أى حديث رسمى من جانب الرئاسة السودانية الجديدة حول مصير هذا الاتفاق.. وإن كان هناك ما يوحى بأن هناك تعمدا من جانب الخرطوم «لإرجاء» فتح هذا الملف.. وليس إلغاءه.

مازلنا نتوقف أمام عبارة خطيرة الدلالة قالها أردوغان وهو يعلن عن اتفاقه مع البشير.. إذ قال: «طلبنا تخصيص جزيرة سواكن لوقت معين لنعيد إنشاءها وإعادتها إلى أصلها القديم».. فما هو هذا «الأصل القديم» الذى كان يتحدث عنه الرئيس التركي؟

تاريخيا.. كانت «الدولة العثمانية» المحتلة للسودان تستخدم جزيرة سواكن كمركز لقواتها البحرية ومقر للحاكم العثمانى لمنطقة جنوب البحر الأحمر.. وهى الجزيرة التى سيجرى إعادة تسليمها مرة أخرى للأتراك بموجب اتفاق البشير ـ أردوغان.. دون حرب أو احتلال.. ليعيدوها إلى «أصلها القديم».. ذلك الذى يتضح أن أردوغان يعنى به تحويل الجزيرة مرة أخرى إلى «قاعدة بحرية تركية».. وغالبا هذا هو مضمون «الملحق السري» للاتفاقية الذى صرح الرئيس التركى بوجوده لكنه امتنع عن ذكر تفاصيله.

•• ليس خافيًا

ان البحر الأحمر صار خلال الأعوام الأخيرة الماضية منطقة صراع نفوذ ملتهب بين قوى دولية وإقليمية.. اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.. أمريكا أقامت أكبر قاعدة عسكرية لها فى إفريقيا بدولة جيبوتى على مضيق باب المندب حيث المدخل الجنوبى للبحر الأحمر.. كما توجد هناك فى نفس الدولة قواعد عسكرية لفرنسا والصين.. إلى جانب تواجد قوات يابانية.. وسعودية.. و«قطرية» أيضا..!!

وإسرائيل متواجدة بقوة على خريطة هذا الصراع.. حيث تمتلك العديد من القواعد العسكرية فى إريتريا الواقعة كذلك على مضيق باب المندب.. وهناك على الشاطئ الآخر من المضيق تتواجد إيران بقوة فى اليمن خلف حلفائها الحوثيين.. فى الحرب ضد قوات التحالف العربى الذى تقوده السعودية والإمارات.

ومن أجل ذلك تريد تركيا قاعدة عسكرية لها على البحر الأحمر.. لأن أردوغان يدرك أهمية التواجد التركى فى هذا المنطقة.. لأن من يمتلك السيطرة على المضيق يسيطر على البحر الأحمر بأكمله.. حيث الطريق لنقل بترول الخليج إلى الغرب.. ومن قبل نجحت تركيا فى الاتفاق على إنشاء قاعدة عسكرية لها فى الصومال.. وتسعى الى تعزيز تواجدها على البحر الأحمر من خلال «سواكن» السودانية.

•• أيضا

مصر تدرك جيدا تطورات هذا الصراع وانعكاساته على أمنها القومي.. حيث تشكل تلك المنطقة البوابة الجنوبية لقناة السويس.. ومن يتحكم فيها يتحكم فى القناة.. ومن هنا جاء إنشاء قيادة الأسطول البحرى المصرى الجنوبى حيث تتمركز حاملة مروحيات الميسترال «جمال عبد الناصر».. ومن هنا جاءت أيضا الأهمية الاستراتيجية لاتفاق ترسيم الحدود البحرية الذى وقعته مصر مع السعودية، والذى عارضته الخرطوم فى عهد البشير وتقدمت بشكوى رسمية ضده إلى الأمم المتحدة.. وكذلك جاءت أهمية الاتفاق الموقع بين مصر والمملكة الذى يسمح بوجود قاعدة عسكرية مصرية كبيرة فوق جزر «فرسان» السعودية.

•• لكن يظل السؤال قائما.. مع كامل احترامنا لأشقائنا السودانيين وثقتنا المطلقة فى وطنيتهم وفى وعيهم: هل يمكن الآن أن يحاول «لص أنقرة» استغلال اتفاق «سواكن» لتوريط الخرطوم فى مغامرته العسكرية فى ليبيا؟.. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا تبادر حكومة حمدوك بقطع الطريق عليه، بإعلانها الغاء هذا الاتفاق المشبوه واعتباره «كأن لم يكن».. لأنها لم تكن أصلا طرفا فيه؟.