بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

حكاية وطن

حد الإنصاف

«ياكلوا حلاوة ياكلوا جاتوه ياكلوا كل اللى يحبوه».. عندما سألوا ملكة فرنسا مارى انطوانيت بأن الشعب الفرنسى مش لاقى الخبز ردت: ياكلوا بسكويت!!

هذه العبارة قيلت فى زمن القمع وكبت الشعوب، ولأهمية الخبز فى حياة الانسان قيل الجوع كافر، يعنى الذى يحرك الناس هو اختفاء لقمة العيش، وأصبح كل شيء يقال عليه عيش نسبة الى المعيشة واستمرار الحياة، واذا لم يجد العيش يثور دفاعا عن لقمة عيشه والتى يتحدد عليها بقاؤه على قيد الحياة.

فالانسان له حدان لا يتخلى عنهما حد الكفاف وهو الحد الأدنى من العيش، فالبعض وهم الأغنياء يأكلون كل اللى يحبوه، ليس لديهم أزمة، أما البسطاء الذين يطلق عليهم محدودو الدخل أو مهدودو الدخل أو الذين يعيشون تحت خط الحياة أو خط الصفر أو على الهامش لا يستطيعون أن يأكلوا ما يحبون،  ولكن لابد من توافر قدر من السلع التى يعيشون عليها، تتناسب مع مواردهم الذاتية ويقيس المنصفون درجة توفير الحياة الكريمة بتوافر أسباب الحياة لهؤلاء، لا يقاس التقدم بالأغنياء الذين  يملكون كل شيء، ولكن بالفقراء الذين  يتم انتشالهم من الجوع، وحياة ما قبل التاريخ.

فى الماضى فشلت الدولة فى تطبيق الدعم، مرة حاولت جعله دعما نقديا، ثم فكرت فى تحويله الى دعم عيني،  وفشلت فى الحالتين لأنها لا تريد أن يغضب منها الأغنياء الذين كانوا يتمتعون بالدعم الذى هو أصلاً مقصود به الفقراء لمساعدتهم على أعباء الحياة. وكان موضوع الدعم يطرح باستمرار والمؤيدون للدعم كانوا يذكرون أسماء بعض الأغنياء الذين يحصلون على أنبوبة البوتاجاز بنفس السعر الذى كان يحصل عليها به بواب عمارة  أو عامل تراحيل أو شحات، وبالمناسبة كان أحد الأغنياء مشاركا فى مناقشة الدعم، وكان المجتمعون يضربون أمثلة به فيقولون مثلا «كشكش» بك بيحصل على البتوجاز مثل المعلم  سماحة، ويضحك رجل الأعمال كشكش، ولأن ملف الدعم كان  فى مكتبه، فقفل على الموضوع ليس لأن الدنيا  كانت «ربيع» والجو  كان بديعًا، ولكن حكومة الأغنياء كانت هذه هى سياستها، الأغنياء أولادها، والفقراء خدامها، وهذه التفرقة لم يحصد منها الشعب ظاهرة الغنى الذى يزداد غنى والفقير الذى يزداد فقرا فقط، ولكن  ساعدت على ظهور  الفرز الاجتماعى  وعرفنا ابن البواب وابن البيه وابن الأكرمين وابن الناس الغلابة وابن العائلة  وابن بارم ديله.

عملية الفرز خلفت مرضا اجتماعيا غير محدد الاسم اعتبره الأغنياء حقدا عليهم، واعتبره الفقراء إهدارا لحق المساواة، واستمر الدعم يجرى فى جيوب الأغنياء انهارا ويمر من أمام أبواب الفقراء احسانا وشحاتة، الدعم ليس فى الخبز الحاف ولكن وصل الى أراضى الدولة التى نهبها الكبار، ومازالت الدولة حاليا  تعيدها منهم، الفساد وصل الى الركب بشهادتهم ووقفوا يتفرجون عليه، وهو يعلو ويرتفع  وواصل الأغنياء أكل البسكويت واستمر الفقراء ينحتون فى الصخر.

وفاض الكيل و حدث ما حدث فى يناير 2011. وأما حد الانصاف هو العدالة، فهو كيف يحصل الغلابة على حقوقهم من الذين سيطروا  على كل شيء وأى شيء كيف نحاسب الناس المحصنة، لكن العدالة معصوبة العينين كانت اكثر انحيازا للبسطاء من دعم الحكومة الذى كان يتمرمغ فيه القادرون باسم الفقراء حتى عندما تم تطبيق الدعم الحقيقى تبين أن الكبار يحصلون على  التموين ببلاش والخبز أيضاً!

حد الانصاف وحد الكفاف قضية محدودى الدخل التى لا يملكون التخلى عنها لأنهم لا يملكون رفاهية البعد عن طبق الفول وقرص الطعمية والاندماج فى مجتمع البسكويت.

وللإنصاف فان محدودى  الدخل يجدون اهتماما كبيرا من الدولة فى الوقت الحالى بدأ الاهتمام منذ 5 سنوات حيث وصل الدعم اليهم فى كل شيء ليس دعما تموينياً فقط ولكنه دعم صحى واجتماعى ومادي. وقد سعدت كما سعد المصريون جميعا باجابة الرئيس السيسى  عن سؤال على هامش افتتاحه بعض المشروعات فى الفيوم فى لقائه بالاعلاميين انه قال: الأسعار ابتدت تنخفض بس  لسه فيه طبقة من شعبنا ظروفها صعبة مهما كانت الأسعار بتنخفض احنا بنقارنها بأنهى سعر؟ بما يليق بيا وبيك و بالطبقة المتوسطة؟ ولاّ بنقارن باخفاض الأسعار بما يتناسب مع الطبقة محدودة الدخل.. لا طبعا بنقارنها مع الطبقة محدودة الدخل.

الرئيس يتحدث من فلسفة دولة 30 يونية هى دولة جميع المصريين التى لا تنجاز الى طرف ضد آخر، لا تنام وفيها فقير لا يجد ما يسد به رمقه،  ولا يعالج به  صداعا طارئاً فى رأسه، السيسى يسعى من أجل دولة قوية يتمتع فيها الجميع بنفس المستوى من الحقوق والواجبات.