بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

عودة الفوضى الخلاقة!

 إذا تابعنا نشرات الأخبار فى أى محطة تلتزم بسياسة تحريرية واضحة هذه الأيام نكتشف أن الأخبار ذات الطابع الذى يتميز بالعنف أصبحت تسيطر على سلم أولويات اختيار القصص الإخبارية من قبل المسئول عن صالة تحرير الأخبار، حيث تجتاح العالم موجة من الرفض قد يقولون عنها (حراكًا جماهيريًا) حتى ولو أن كثيرًا منها يسير فى اتجاه معاكس للاستقرار المجتمعى!.

 وتتركز هذه الموجة فى منطقة الشرق الاوسط على وجه الخصوص وتغطى معظم نشرات الأخبار أحداث لبنان والعراق وسوريا وايران واليمن والجزائر حتى أصبح آخر تطورات الموقف فى هذه المناطق هو القاسم المشترك بين معظم القنوات الإخبارية مع اختلافات هامشية تتعلق بأهداف السياسة التحريرية للقناة خاصة فى ترتيب النشرة، وتظل هذه الموضوعات جاذبة للتحليل فى البرامج الحوارية والتوك شو.

 وكما أسلفنا إنها محاولات لمنع الاستقرار من خلال تآليب الطوائف والشعوب على بعضها البعض بعبارة أخرى ان هناك من يريد تحريك الشعوب لانتاج ثورات جديدة لاقتلاع النظم الحاكمة هنا أو هناك على غرار ماحدث قبل سبع سنوات فى المنطقة العربية تحت مسمى ثورات الربيع العربى وهو تعبير أبعد ما يكون عن الربيع بمعناه الطبيعى أو الطقسى ويبدو اقرب لمعنى السخرية منه نقلًا للاوضاع القائمة على الأرض.

 وأن الهوجات العنيفة فى الفترة الأخيرة والتى لا ينطبق عليها مفهوم الثورة تلتقى جميعها فى نقطة  العامل الاقتصادى فما زالت المشكلة الاقتصادية بمعنى قصور الموارد عن تلبية الاحتياجات المدخل المنطقى لإثارة الشعوب على حكوماتها لكن تفعيل هذه الإثارة تتم بفعل ضغوط خارجية غالبًا لا تبدو فى الصورة لكنها تظل المحرك لحالات الاستقطاب السياسى فى المجتمعات التى تشهد قلاقل بصورة أو بأخرى، ومن هنا يصبح من السهل تحليل مضمون ما يحدث فى لبنان أو العراق حتى كتابة هذه السطور مثالاً على انه استدعاء لنظرية الفوضى الخلاقة التى كانت محور انتفاضات الربيع العربى عام 2011.

هذه النظرية التى اقتنع بها البعض وكانت (الحق الذى يراد به باطل) بعد أن انكشف القناع الذى تختفى وراءه وظهر للعيان أنها ليست سوى محاولات لتدمير المجتمعات من الداخل وتبدأ هذه المحاولات باستغلال القوى الناعمة منها على سبيل المثال الإعلام والتعليم والدين والفنون بمعنى توجيه تأثير الإعلام فى مسار تغييب الوعى ويفقد التعليم خاصة الأساسى جانبه التربوى ويتحول بالتالى من خدمة إلى سلعة.

وتستغل عباءة الدين للالتفاف على الفقراء والجهلاء وتركز الفنون على السلبى من القيم وتغرس ثقافات الإقصاء ورفض الاختلاف وإحلال الاستثناء محل القاعدة ونشر المخالف من القول.

وهكذا يهيئ المجتمع بعد ذلك لمرحلة الانقلاب على نفسه من الداخل بالمتاجرة فى معاناة الناس وتكرار المقارنات مع الآخرين وتكريس الطبقية المستفزة لمشاعر محدودى الدخل والمعدمين وفى النهاية يصبح أمام مأزق حقيقى بفعل نظرية الفوضى الخلاقة!

وعليه لا بد ان يتعاون الجميع فى حماية المجتمع من ضغوطات الخارج السياسية والاقتصادية وأن تكون وظيفة الاعلام بانية للوعى المجتمعى ويسترد التعليم جانبه التربوى ويلتزم الخطاب الدينى بوسطيته وتحفز الفنون على الإرتقاء بالذوق العام وإذا كان الاقتصاد هو معضلة المجتمعات الحديثة فان مكافحة الفساد الادارى قبل المالى يمكن ان يضىء الطريق لحلول مبتكرة للمشكلة الاقتصادية!