بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

لله والوطن

التدويل.. هل يحل أزمة «النهضة»؟

ما فعله الرئيس عبدالفتاح السيسى من فوق منصة الجمعية العامة للأمم المتحدة.. هو بداية إجراء تأخرت مصر كثيرا فى اللجوء إليه.. وهو تدويل أزمة سد النهضة.. بعد أن انكشفت المماطلات الإثيوبية المدعومة والمسنودة بالمال والسلاح والنفوذ من عواصم الخيانة: تل أبيب وأنقرة والدوحة.. وغيرها.

الرئيس السيسى حذر من أن استمرار التعثر فى المفاوضات الخاصة بالسد، له انعكاسات سلبية على الاستقرار فى المنطقة عامة وفى مصر خاصة، مؤكدًا أن مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود، وأن هذا يضع على المجتمع الدولى مسئولية للتوسط لإيجاد حلول مرنة تضمن حقوق كل دولة.

•• هكذا

يضع رئيس مصر المجتمع الدولى ممثلا فى الأمم المتحدة أمام مسئولياته.. فى نبرة تحذير واضحة تعنى أن مصر لن تتوانى فى الدفاع عن حقها فى «الحياة والوجود».. بأى وسيلة.. وبأى ثمن.. بما فى ذلك الحرب.

السؤال هو: هل يأتى التدويل بحل نهائى لأزمة سد النهضة؟

بادئ ذى بدء: لا يخفى على متابع حصيف أن هناك مخططا خارجيا متعدد الأطراف.. يهدف إلى محاصرة مصر ودول أفريقيا العربية وعزلها عن محيطها القارى وشغلها بأزمات إقليمية.. وأيضا بهدف «وضع قدم» لهذه الأطراف فى منطقة الصراع الأكثر سخونة فى العالم الآن والأكثر تنافسا بين القوى الإقليمية الكبرى.. وهى منطقة حوض البحر الأحمر.. وتحديدا منطقة مضيق باب المندب التى تمثل مفتاح المرور بين الشرق والغرب، كما أن هناك هدفا أكبر هو منطقة القرن الأفريقى بأكملها.. حيث تمتد أذرع العبث من الصومال الى جيبوتى وإريتريا.. ووصولا الى الدول المحيطة بها.. السودان وإثيوبيا على وجه التحديد.

أضف الى ذلك أطماع تركيا فى غاز وبترول شرق البحر المتوسط الذى تمكنت مصر من السيطرة عليه وحقق لها موقعا عالميا مميزا على خريطة هذه الصناعة الاستراتيجية المهمة.

•• كما أن

ضرب استقرار وأمن مصر بشكل خاص ودول شمال إفريقيا العربية بشكل عام.. سواء عن طريق العبث بأمنها المائى وعلاقاتها السياسية أو بتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية واستخدامها فى إثارة الفوضى والاقتتال والانقسام فى هذه الدول.. هو الهدف الأكبر لكل التحركات الاسرائيلية والتركية والإيرانية والقطرية الخبيثة فى المنطقة الإفريقية التى تشكل الحزام الجغرافى الجنوبى لهذه الدول العربية.. وهذا هو أخطر مخطط إرهابى شيطانى تتعرض له مصر الآن..

•• من أجل ذلك

قال رئيس مصر إن قضية سد النهضة هى قضية حياة ووجود.. ومن أجل ذلك ستبدأ مصر مسيرة «تدويل الأزمة».. ليس فقط بطلب وساطة المجتمع الدولي.. بل أيضا باتخاذ إجراءات رسمية وقانونية حاسمة وصلت المباحثات بين القاهرة وأديس أبابا إلى طريق مسدود.. وقد تكون بداية هذه الإجراءات هى إقامة دعوى قضائية أمام القضاء الدولى ممثلا فى محكمة العدل الدولية.. للحفاظ على حقوقها المائية التى تكفلها جميع الاتفاقيات الدولية.. وللمطالبة ـ على أقل تقدير ـ بوقف أعمال بناء سد النهضة لحين الوصول لحل بين الطرفين.

لكن ذلك لن يتحقق ـ حسب إجماع خبراء القانون الدولى  إلا بعد اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمة المختصة التابعة لها.. وهى منظمة الأغذية والزراعة «فاو» التى التقى الرئيس السيسى مع مديرها يوم الأحد الماضى فى نيويورك على هامش مشاركته فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.. إذ يحق لمصر أن تتقدم الى الأمم المتحدة بطلب رأى استشاري لتقديمه لمحكمة العدل الدولية عن طريق الأمم المتحدة.. مثلما فعلت السلطة الفلسطينية فى قضية الجدار العازل.. إذ إنه وفقا لنصوص القضاء الدولى لا يجوز رفع قضية من دولة ضد دولة أخرى بطريق مباشر.

•• وتبقى مسألة مهمة أخرى

وهى ضرورة مساندة هذه الإجراءات القانونية بالوسائل الدبلوماسية والمفاوضات السياسية.. وخاصة مع الدول المانحة الذى تمول بناء السد الإثيوبي.. وذلك بهدف شرح الأضرار الكارثية التى ستقع على مصر وباقى دول حوض النيل.. وأيضا لشرح كيفية تعارض بناء هذه السد بهذه الطريقة مع الاتفاقيات الدولية التى تؤيد الموقف المصري.

••ونعود الى السؤال المطروح حول جدوى «التدويل» لنجيب: إن التدويل قد يقود الى حل.. وقد تكون الحرب هى الحل أيضا.. لكن فاتورة الحرب باهظة التكلفة.. اقتصاديا وسياسيا وأمنيا.. واجتماعيا.

وتلك هى خطورة محاولة دفعنا دفعا الى هذا الخيار الأخير.. خيار الحرب.