بوابة الوفد الإلكترونية
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس التحرير
عاطف خليل
المشرف العام
ياسر شوري

مراجعات

قلة الحيلة!

التطورات المتلاحقة و«غير المفهومة» في العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية، منذ دخول «دونالد ترامب» البيت الأبيض، في يناير 2017، تُنبئ بأن تغيرًا كبيرًا قد يطرأ على مواقف الرئيس الأمريكي، المتناقضة بالأساس.

ورغم ما تشهده منطقة الخليج من أحداث ملتهبة وتوترات متصاعدة خلال الأشهر الماضية، كان آخرها استهداف منشآت النفط السعودية، واتهام طهران بالضلوع فيها، إلا أن احتمالية نشوب حرب تظل أمرًا مستبعدًا.

الدلائل كلها تشير إلى أن «المتوكلين» على ترامب، يواجهون خيبة أمل كبيرة، فالرجل أكد مرارًا أنه لن يخوض حربًا بالوكالة.. فقط فرضَ عقوبات جديدة «غير مجدية»، أعتبرها الأقسى ضد طهران.

نتصور أن «ترامب»، فيما تبقى له من أشهر في البيت الأبيض، لن يخوض حربًا ضد إيران، انتصارًا للسعودية، أو انتقامًا للهجمات التي استهدفت المنشأتين البتروليتين «بقيق» و«حريص»، وأدت إلى تخفيض إنتاج نفط المملكة بنسبة كبيرة للغاية.

لقد أجاد «ترامب» ابتزاز دول الخليج، وحَلْب مئات المليارات من عوائدها النفطية، بذريعة توفير الحماية لها.. لكنه لا يملك سوى المراوغة والمماطلة، والاكتفاء فقط بالتصريحات العنترية، وإطلاق التغريدات!

ورغم ذلك، ما تزال دول الخليج تراهن على تلك الإدارة الأمريكية الفاشلة والمتخبطة، التي يترأسها سمسار، ليس له صديق سوى المال، أما القيم الأخلاقية فهي مشطوبة من قاموسه، والعالم العربي بالنسبة له مجرد صفقات.

نعتقد أنه لو كان «ترامب» يمتلك الحد الأدنى من الشجاعة، لثأَر لإسقاط طائرته المُسيَّرة فوق مضيق هرمز، أو منعَ احتجاز ناقلة أقرب حلفائه وشركائه البريطانيين، لكنه كتاجر يخشى الخسارة أو الإفلاس!

إن «ترامب» يحتاط بشكل مبالغ فيه من «قسوة» الرد الإيراني على قواعده المنتشرة في جميع دول الخليج، ولذلك نتوقع تخلِّيه عن حلفائه، بجلوسه مع طهران على مائدة المفاوضات، خلال الأسابيع المقبلة.

ورغم ما يبدو من تعقيدات في المشهد العبثي بالمنطقة، إلا أن حدوث انفراجة غير متوقعة، يظل أمرًا محتملًا، والنتيجة تحوُّل من حالة العداء الدائم إلى بدء حوار مع إيران، على قاعدة المصالح وتحقيق المكاسب.

إن مواقف الرئيس الأمريكي «المعلنة» و«الغامضة» لا تحتاج إلى عناء التحليلات، فالرجل تطغى عليه ـ كما الغرب عمومًا ـ لغة المصالح، وتصدير الأوهام، ولذلك يبدو «ظاهريًا» تبنِّيه موقفًا عدائيًّا بانسحابه من الاتفاق النووي الذي وقَّعته إدارة «أوباما»، لكنه لا يستطيع المواجهة إلا عبر «تويتر»!

وبما أن استراتيجية «الضغوط القصوى» التي تمارسها واشنطن ضد طهران، لم تستطع إجبارها على تغيير «سلوكها»، يبقى إذن توقع تغير موقف «ترامب» تجاه إيران، ما يدفع باحتمالات العودة للتفاوض على اتفاق جديد «2 JCPOA» يُرضي الطرفين.

وهنا تبدو حقيقة واضحة، وهي ازدواجية «ترامب» في تعامله مع الملف الإيراني، حيث يتبنَّى خطابًا يعكس رسائل متضاربة عن تشديد العقوبات والضغوط، وأيضًا إمكانية التفاوض المباشر، أو من خلال وسطاء أوروبيين، خصوصًا الفرنسيين!!

الرئيس الأمريكي «المرتعب» من أي معارضة داخلية بالولايات المتحدة، لضمان عدم التأثير على حظوظه «المتواضعة» في السباق الرئاسي 2020، قد يفعل أي شيء للبقاء في البيت الأبيض، ولذلك أطاح بأحد الصقور المتشددين «جون بولتون» مستشار الأمن القومي.

أخيرًا.. يجب على القيادات والزعامات «قليلي الحيلة»، إدراك أن الرئيس الأمريكي لا يفي بوعد أو عهد، بل يتخلى عن أقرب حلفائه ـ كما حدث مع نتنياهو مؤخرًا ـ ولذلك فإن «التوكل» على ترامب، أو «التواكل» على الإدارة الأمريكية، يستتبعهما بالضرورة السقوط لا محالة.

[email protected]