لله والوطن
السم فى «عسل كوشنر»..!!
مجدى سرحان
على طريقة «دس السم فى العسل».. خرجت بعض وسائل الإعلام المشبوهة والمأجورة يوم الخميس الماضى.. وعقب لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الوفد المبتعث من الرئيس الأمريكى ترامب.. ويضم «جاريد كوشنر» كبير مستشارى الرئيس و«جيسون جرينبلات» المبعوث الخاص للرئيس للمفاوضات الدولية، و«بريان هوك» المبعوث الخاص للرئيس والمستشار السياسى لوزير الخارجية الأمريكى.. لتزف هذه الوسائل إلى متابعيها خبر أن السيسى أكد للأمريكان «أن سيناء لن تكون أبداً جزءًا من صفقة القرن».. وهو حق يراد به باطل.
•• فالثابت
أن هذا هو بالفعل الموقف المصرى الذى تم إعلانه والتصريح به فى كل مناسبة سابقة.. أما دس هذا التصريح على بيان مفاوضات الرئيس والوفد الأمريكى فغرضه الخبيث هو محاولة إيهام «العامة» بأن مسألة «تسليم سيناء» هذه هى محل تفاوض بالفعل مع القيادة المصرية.. وأن الأمريكان يتفاوضون مع مصر فعلاً بخصوص تفاصيل «صفقة القرن».. أو «صفقة الوهم» التى نرفضها جميعاً.. جملة وتفصيلاً.
والدليل على ذلك.. هو أن البيان الصادر عن المتحدث الرسمى للرئاسة المصرية عقب اللقاء.. لم يتطرق مطلقاً إلى أى حوار دار حول مسألة سيناء.. أو حول هذه «الصفقة» بشكل عام.. بل تضمن تأكيداً من الرئيس السيسى على الموقف المصرى الثابت القائم على «أن مصر تدعم جميع الجهود الرامية للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، والدفع قدمًا بمساعى إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، وذلك وفقًا للمرجعيات الدولية، وعلى أساس حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، بما يسهم فى إعادة الاستقرار وفتح آفاق جديدة لمنطقة الشرق الأوسط وشعوب المنطقة».
•• هذه الثوابت المصرية
تنسف رؤية الصهيوني «كوشنر» ورفاقه.. والذى يصرح دائماً بأن خطته لن تشمل حل الدولتين «لأن ذلك يعنى شيئاً للإسرائيليين وشيئاً آخر للفلسطينيين».. حيث تطرح الولايات المتحدة بديلاً لذلك يقوم على منح «حكم ذاتي» للفلسطينيين دون قيام دولة فلسطينية كاملة.
وهذا الموقف المصرى الصلب.. هو ما يقلق الإسرائيليين وأصدقاءهم صهاينة الفريق الرئاسى الأمريكى ومستشارى ترامب.. حتى إن كثيراً من الكتاب والمحللين الإسرائيليين.. ومنهم «زيفى بارئيل» الكاتب فى صحيفة «هآرتس».. يعتبرون أن «صفقة القرن قد تعيش أو تموت فى القاهرة».. ما يعنى أن الصفقة قد ماتت بالفعل لأن ثوابت الموقف المصرى التى يعبر عنها الرئيس السيسى تنسفها من الأساس.. ولأن مصر تصر أن «أى إجراءات أو صفقات أحادية الجانب لن يكون لها جدوى» وأنها «لن تقبل بما يرفضه الشعب الفلسطينى».
•• والفلسطينيون
أعلنوها مدوية مراراً وتكراراً: «إن كل الحلول التى تنتقص من حقوق الشعب الفلسطينى مرفوضة، وأن فلسطين للفلسطينيين ومصر للمصريين».. وهذا يعنى الرفض الصريح والواضح من جانب الفلسطينيين.. قبل المصريين.. لمسألة التوطين المزعومة فى سيناء.. باعتبار أنها مشروع إسرائيلى «خائب» يهدف إلى إجهاض المشروع الوطنى الفلسطينى القائم على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضى الفلسطينية.. وعاصمتها «القدس».. وعودة اللاجئين وليس إبعاد من بقوا داخل الوطن إلى أرض بديلة.. سواء فى سيناء أو الأردن.
فالفلسطينيون يخوضون «صراعاً وطنياً على الأرض داخل فلسطين.. وليس خارجها».. وهذا الشعب لا وطن له إلا فوق أرضه التى يناضل من أجل تحريرها.. وهو لن ولم يقبل حتى فيما جرى من مفاوضات سلمية إلا أحد حلين.. إما إقامة دولتين –إسرائيلية وفلسطينية– على الأرض الفلسطينية وليس خارجها.. أو إقامة دولة واحدة «ثنائية القومية» على أرض فلسطين أيضًا.. ويتشارك فيها الفلسطينيون والإسرائيليون السلطة والإدارة.
•• وهذا هو الحد الأقصى مما يمكن أن يقدمه الفلسطينيون من تضحيات.. وما ترضى به مصر.. وما دون ذلك ليس إلا «تخاريف وهراء».