خط أحمر
حكم الجغرافيا على إيران!
مما قاله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، وهو يعلق على نبأ ناقلة النفط البريطانية التي تحتجزها بلاده في الخليج العربي، أن جون بولتون يجر بريطانيا إلى مستنقع!
فمن هو جون بولتون هذا.. وما هي حكايته؟!
بولتون هو مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لشئون الأمن القومي، وهو رجل اشتهر بنظارته السميكة التي لا تفارق عينيه، وبشعره الأبيض الناعم الذي يميل على جبهته فيخفي جانباً منها، وبشاربه الذي يتهدل على فمه حتى يكاد يغطيه!.. والشكل بالطبع ليس هو ما يهمنا في الموضوع.. فالجوهر أهم في كل الحالات، دون أن ننسى أن الشكل يظل جزءاً لا ينفصل عن المضمون!
وهذا المضمون يشير إلى تشدد ظاهر في الرأي لا يتخلى عنه بولتون، وبالذات تجاه العرب والمسلمين في العموم، وقد كان منذ بداية الأزمة الأمريكية الإيرانية الحالية، ينفخ فيها فلا يتوقف، وكان يتبنى الرأي الداعي إلى الحرب، رغم أن مصالح الولايات المتحدة نفسها سوف تتضرر بالتأكيد لو قامت الحرب!
ولكن هذا لا يهم رجلاً متطرفاً في زاوية النظر مثله، فالمتشدد من نوعه يصيب غيره بالأذى كما يصيب نفسه على السواء! وربما كان تشدده الظاهر سبب طول بقائه إلى جوار ترمب، فلقد جاء إلى مكانه أكثر من مستشار من قبل، ثم رحلوا عن هذا المنصب الخطير مستشاراً من وراء مستشار!
وقد كان تشدده يلازمه من زمان، فهو قد اشتغل مع الرئيس جورج بوش الابن، وكان لا يترك فرصة تمر إلا ويعبر فيها عن عدم احترامه للعالم من حول الولايات المتحدة، وعندما ذهب مندوباً لواشنطن في الأمم المتحدة في نيويورك، فإن بوش الابن أرسله في خلال اجازة الكونجرس الذي لم يكن موافقاً على ذهابه!
ولأن الأمم المتحدة هي المنظمة الدولية الأم في العالم، وهي التي تضم جميع الدول في عضويتها، فهو لم يكن يقيم لها وزناً ولا اعتباراً، وكان لا يخفي ذلك، وإنما كان يظهره في كل مناسبة يراها متاحة أمام عينيه!
وعندما احتجزت بريطانيا ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق قبل أيام، كان أسعد الناس، وقد راح يومها يغرد على تويتر محتفلاً بعملية الاحتجاز، ومحرضاً لندن على طهران، ونافخاً في العملية ومشعلاً فيها النار.. وليس هذا بالطبع تقليلاً من جانبي لحجم العبث الذي تمارسه ايران في المنطقة، منذ قامت ثورتها في فبراير ١٩٧٩، فعواقب ما تمارسه شديدة السوء على المنطقة كلها، وعلى الخليج بالذات، وعليها هي نفسها في أراضيها!
وليس أفضل من أن تقطع طهران الطريق على بولتون، وعلى ترمب، وعلى الغرب عموماً، فتدرك أنه لا يريد خيراً لهذه المنطقة، وأنها مدعوة إلى العيش مع العرب عموماً، ومع الخليج خصوصاً.. فلا بديل أمامها سوى النزول على حكم الجغرافيا!