حكاية وطن
بين مدريد ورادس
عشت مع عشاق الساحرة المستديرة، سهرتين كرويتين من العيار الثقيل فى يومين متتاليين، الأولى منقولة من رادس فى سهرة عربية ـ عربية بين فريقين شقيقين بنهائى دورى أبطال إفريقيا بين الترجى التونسى والوداد المغربى، والثانية من مدريد فى سهرة إنجليزية ـ إنجليزية بين ليفربول وتوتنهام، وأترك الحكم لكم فى الحال الذى وصل إليه العرب، حيث اتفقوا على ألا يتفقوا حتى فى مباراة كرة قدم جعلت للمتعة والفرجة والانبساط، وغسل الهموم، وانتزاع آهات الإعجاب بركلة كرة فى المرمى.
الكرة العربية، والإفريقية أصبحت عك، وفضايح، وتجريح، وتلويح بعلامة الرشوة، فى مباراة الترجى والوداد، شاهد المشاهدون لاعبا يرسم حلقتين بأصبعيه السبابة والإبهام بيديه الاثنتين، ويشير الى الملعب فى إشارة الى أن الحكم قابض من الفريق المنافس، بدلاً أن يشير بعلامة النصر بأصبعه السبابة واليسرى، الحكم فاهم، وعارف، ومطنش، المباراة انتهت بفضيحة كروية عالمية، بعد أن أعلن الحكم فوز الترجى بعد «58 دقيقة» لعب لإصرار الوداد على عدم استكمال المباراة، احتجاجاً على إلغاء الحكم هدفاً لهم، هو يعتقد أنه غير صحيح وهم يرون أنه سليم، وتبين أن «الفار» الذى يفصل فى هذا الأمر معطل، أو تم تعطيله عن عمد، وبعد حوالى ساعة من الجدل أعلن الحكم الجامبى فوز الترجى بالبطولة، بعد أن كان متقدماً بهدف نظيف، وكانت مباراة الذهاب فى المغرب قد انتهت بالتعادل هدفاً مقابل هدف.
«كاف» أو الاتحاد الإفريقى لكرة القدم كان لايص يا ولداه، ولم يستطع أحمد أحمد رئيس الاتحاد، السيطرة على مجريات الأمور، وباءت محاولاته فى إقناع الوداد باستكمال المباراة بالفشل، وكنت أود أن يصدر قراراً بإعادة المباراة، وأتوقع فى الاجتماع القادم للاتحاد الإفريقى أن يتم تصحيح هذا الخطأ.
من العك الكروى الى المتعة، استمتعنا فى سهرة الأحد، بالنجم العالمى المصرى العربى محمد صلاح، صلاح مفتاح النجاح وفخر العرب، وسفير الرياضة، قص شريط تتويج ليفربول ببطولة أوروبا، والذى انتزعها من منافسه وشقيقه الإنجليزى أيضاً توتنهام الذى كان يأمل فى البطولة للمرة الأولى، لم تشهد المباراة أى اعتراضات، ولم نشاهد خناقات وضربا من وراء ظهر الحكم، مما يحدث فى ملاعبنا العربية، كنا نأمل فى منصات التتويج العربية فى نهائى أبطال الدورى الإفريقى، ولكنها انتهت نهاية حزينة بين شقيقين عربيين، وعلى العكس عمت الفرحة أرجاء الاستاد الإسبانى بعد فوز ليفربول وتصافح المديران الفنيان للفريقين، كما تصافح اللاعبون، وحمل ليفربول الكأس وسط الآلاف من المشجعين، وبكى لاعبو الفريق المهزوم، ولكنهم كانوا يتحلون بالأخلاق الرياضية لا الشتائم، لا اتهامات بالرشوة ولا تربص، ولا تلقيح كلام.
دى مش كورة فى بلاد الإنجليز دى مزيكة، ودى مش كورة فى بلاد العرب هى مسخرة، معذرة صلاح، نحن سعداء بالمجد الذى لم تحققه لنفسك فقط، وإنما حققت المجد لكل مصرى وعربى، فأنت فرحتنا الوحيدة فى هذه اللعبة التى يجب أن نتعلمها أو على الأقل نتعلم أخلاقياتها، مبروك للنجم المصرى العالمى محمد صلاح تحقيقه لفريقه هذه البطولة الغالية، ومبروك للمصريين فوز ليفربول، فقد كانت هذه المباراة وكأنها مباراة مصرية، لأن صلاح جعل مصر والعرب يتكلمون إنجليزى، والإنجليز يرطنون صعيدى.